معنى الظلم العظيم .. وأمثلة عليه
معنى الظلم العظيم
من بين المشاعر الأكثر قسوة وألما التي يمكن أن يعيشها الإنسان هو شعور الظلم، ويعني الظلم وضع شيء في موضع غير مناسب، ويحمل معنى عظيم وجليل، لذلك فإن معنى الظلم العظيم هو التجاوز الكبير
وردت كلمات الظلم العظيم في المعاني الدينية، كما في قوله تعالى [إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ] [لقمان: 13]. ومن الأمور التي يجهلها البعض هو أن الظلم العظيم هو الشرك بالله، ويعتبر البعض الظلم ببساطة كونه ظُلمًا من قِبَلِ الحاكِم، أو ظُلمًا للنفس أو ظُلمًا لغيره، والحقيقة أن الظلم العظيم يشير إلى الشرك بالله.
عندما سمع الصحابة قول الله تعالى: `الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم` [الأنعام: 82]، قالوا: من بيننا لم يظلم نفسه؟! فقال رسول الله: `ألم تسمعوا قول العبد الصالح: إن الشرك لظلم عظيم` [لقمان: 13]؟ ذلك لأنهم في البداية اعتقدوا أن الظلم يعني أن يظلم الشخص نفسه أو يظلمه شخص آخر، ولم يكونوا يعلمون أن الشرك والمعصية هما أعظم وأكبر من جميع أشكال الظلم التي يمكن أن تتعرض لها البشر، وهما الأكثر وضوحا. هذا هو عرض للظلم العظيم
أمثلة على الظلم العظيم
من الظلم الكبير للإنسان أن يشرك بالله ويعبد ما لا ينفع ولا يضر، ومن الظلم العظيم أيضا أن يكون الشرك خفيا، حيث يتوقع الإنسان بقلبه خيرا أو يحاول دفع الضرر بوسائل أخرى غير الله، مثل تعليق التمائم والاعتقاد بأن الشفاء يكمن في دواء محدد، بينما الشفاء بيد الله وغيرها من أشكال الشرك ومن أمثلة الشرك الأخرى ما يلي
الظلم العظيم بالتعدي على حدود الله
وهذا يتضح من خلال الأيات [ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ] ، [البقرة:229]. حيث يقول العلماء أن الحلال قد عرفه الناس مفصلاً، والحرام هو تعدي هذا الحلال وتجاوزه وتجنب الطاعة وإتيان المعصية، وتلك الحدود قد بينها الله لعباده.
الظلم العظيم بالصد عن مساجد الله أن يذكر فيها اسمه
ومن أمثلة الظلم كذلك الصد والمنع من المساجد، والسعي في خرابها، [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ]، [البقرة: 114].
الظلم العظيم بكتم الشهادة
ومن أمثلة الظلم أن يكتم الشخص شهادة حق، [ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ] ، [البقرة: 140].
الظلم العظيم بالإعراض عن آيات الله
والأعراض عن أيات الله، وتعطيل أحكام هذه الأيات، ومنها ذكر الله سبحانه وتعالى [ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ] ، [الكهف: 57]، أي أن أكثر الظلم من العباد يأتي من إعراضهم عن ذكر الله وأياته.
الظلم العظيم بالكذب على الله
والكذب على الله أمر عظيم قال سبحانه وتعالى [ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ]، [الأنعام: 144]، ويدخل فيها تحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله.
أسباب الظلم
تتعدد أسباب الظلم وتختلف، وعلى الرغم من وجود أسباب متعددة، فإن آثارها تكون مشابهة، ومن أسباب الظلم:
- ما يشوش الشيطان على النفس، وذلك لأن الشيطان هو أعد الإنسان الأول، بل وأشد أعدائه عليه، يجمل أفعال الظالم ويزيده فيها، وبسبب أن معركة الشيطان الأولوية مع الإنسان لا تنتهي، فإن وسوسته للإنسان لا تنتهي، لذا تحدى أن يغوي البشر بالمعاصي، وكان من بينها الظلم.
- فالإنسان هو أحد الأسباب التي قد تسبب الظلم، فكما أن للشيطان دور في حدوث الظلم، فإن الإنسان ونفسه أيضًا له دور في حدوث الظلم، حيث تأمر النفس بالسوء والمنكر واستغلال حقوق الآخرين، وتتيح لصاحبها المبررات الكبيرة لفعل السيئات دون وجود أي وازع أو رادع.
- الضعف في الدين يعني أن الشخص الذي يعرف دينه ويتبعه يعرف ربه ويخشاه، ويحرص على عدم الظلم سواء بإيذاء نفسه أو إيذاء الآخرين، لذلك من الضروري بالنسبة للإنسان أن يتعلم الدين ويتذكر دائمًا عواقب الظلم، وأن يقي نفسه شرور الظلم عن طريق وضع حاجز بينه وبين الناس.
- يعدُّ عدم وجود الضمير أحد أسباب الظلم، إذ كلما كان الإنسان عديم الضمير، لم يتربَّى بأي وازع ديني أو اجتماعي يشير له على الخطأ والخلل، وبالتالي لن يكون له رادع وسيفعل ما يشاء ويظلم كيفما يريد، إذ لا يملك ضميرًا يُنبِّهه ويوقظه.
- التنشئة السيئة التي لا توفر الإنسان بالصواب والخير والعدل.
- اختلال الموازين، وعدم وجود مبادئ.
- الكبر، وعدم النزول عن الرأي.
آيات الظلم في القرآن
ذكر الظلم في القرآن الكريم في مئتين وتسع وثمانين موضعا، وهو يدلل على خطورة هذا الأمر سواء على الأفراد أو الجماعات والمجتمعات، كما يمكن ذكرها فيما يلي:
- تشهد آيات الله على عدم الظلم، ومن بينها “تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين” (آل عمران:108)، وأيضا “إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما” (النساء:40).
- تحريم الظلم ورفضه في {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم * ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} (الشورى:39-42).
- الوعيد للظالم {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء * وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال * وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال} (إبراهيم:42-45).
- وصف العذاب الذي ينتظر الظالمين بأشد الأنواع، حيث قال: `إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاطت بهم سرادقها، وإذا استغاثوا بالماء، أعياهم ما كانوا يستعجلون، ويشوي الوجوه، بئس الشراب وساءت مرتفقًا`، وذلك وفقاً لما جاء في سورة الكهف الآية 29.
- يشار إلى أن الشرك بالله ظلم، وأن عبادة غيره ظلم، فقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم، وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم، فإن من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، وما للظالمين من أنصار. (المائدة: 72)
- يتضمن الظلم أكل الأموال بالباطل والقتل دون حق، فقد نهى الله في القرآن الكريم عن أكل الأموال بالباطل بين الناس، ما لم يكن هناك تراضٍ بينهم للتجارة، كما نهى عن القتل ظلمًا، ووعد بالعقاب الشديد لمن يفعل ذلك.