العالم

مدينة ديرينكويو .. مدينة غامضة تحت الأرض، لكن من بناها ؟

ما هي مدينة ديرينكويو الغامضة

ديرينكويو هي مدينة تحت الأرض تثير الدهشة والتساؤلات، فالعلماء لم يتفقوا على من بناها وكيف كانت تحت الأرض أو حتى كيف عاش الناس فيها. يطلق عليها العديد من الأشخاص “مدينة الجن“، وتقع في محافظة “نيفشهير” في وسط منطقة “كابادوكيا” بتركيا، واسم المدينة باللغة العربية يعني “البئر العميق” ولهذا الاسم سبب سيتم ذكره في هذه المقالة

تعود أصول هذه المدينة الأثرية إلى قرون ما قبل الميلاد، وتم تصميمها لاستيعاب أكثر من خمسين ألف نسمة. تم فعليا سكانها على مر العصور بواقع عشرين ألف نسمة، وفقا لتقديرات العلماء. مدينة ديرينكويو تشبه معظم المدن الأثرية التي تم اكتشافها، حيث تحتوي على مبان تأسيسية قديمة وممرات ضيقة وواسعة وآبار وقنوات مائية تم استخدامها من قبل السكان. تم العثور أيضا على مدارس قديمة وأماكن للعبادة، وكان هناك أيضا مقابلات.

من قام ببناء مدينة ديرينكويو الغامضة 

رأي بعض العلماء أن الحثيين هم شعب الأنضوللين القديم قاموا بإنشاء إمبراطورية بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر قبل الميلاد هم من قام ببناء هذه المدينة، ولكن قال علماء أخرين أن الفريجيين هم أصحاب المدينة والدليل بسبب النقوش والكتابات على جدران المدينة والتي تم إيجادها بلغتهم.

ومع ذلك، أكد علماء آخرون أنه من المستحيل أن تكون هذه المدينة من صنع البشر في تلك الحقبة الزمنية، نظرا للبناء الدقيق والصخور البركانية اللينة التي تم استخدامها في بناء المدينة، والتي تتحمل الطبقات. كما أن التصميم الهندسي الداخلي دقيق جدا ومتقن، وأكد العلماء أنه لم يحدث أي انسداد أو انهيار رغم عدم وجود تكنولوجيا. وأكد المهندسون المختصون أنه حتى مع وجود التكنولوجيا والمعدات الحديثة، فإنه من المستحيل بناء مدينة مثل ديرينكويو الجديدة.

يزعم السكان أن هذه المدينة من بناء الجن، وأن سكانها من الجن، وقد تركوا المدينة بعد بناء سطح الأرض، ولكن هذا الاعتقاد يرجع إلى استحالة بناء مثل هذه المدينة من قبل البشر.

كيف تم إكتشاف مدينة ديرينكويو الغامضة

تم اكتشاف كل هذه التفاصيل في موقع لا يمكن لأحد تخيله، فهذه المدينة بأكملها تقع تحت الأرض. صرح حسن أنور، محافظ `نفشهير`، بأن هذه المدينة تكمن على عمق يزيد عن 85 مترا تحت سطح الأرض، ولم يتمكن العلماء من استكشافها سوى لعمق 51 مترا فقط، لكنها تغطي منطقة واسعة تبلغ حوالي 400 ألف متر مربع تحت الأرض. هناك العديد من القصص المختلفة التي تحكي عن كيفية اكتشافها، ولكن أكدت السلطات أنه تم العثور على هذا الموقع الأثري أثناء هدم المنازل القديمة وبناء طرق جديدة في حوالي 11 منطقة محيطة بقلعة قديمة

يوجد قصة أخرى عن اكتشاف المدينة، إذ عثر سائحان من تونس والمغرب بأسماء “محمد شيخي” و”حسن اصهاض” على الطبقة الأولى منها، وقاما بإبلاغ السلطات المختصة التي قامت بالبحث واكتشاف معالم مدينة ديرينكويو

يحكي سكان المدينة قصة أخرى عندما قام أحد السكان بتفكيك جدار في منزله، واكتشف وجود غرفة، ودخل إليها ليجد عددًا كبيرًا من الغرف، وتم هذا الاكتشاف في عام 1963، ومنذ ذلك الحين تم اكتشاف العديد من المدن الأثرية مثل مدينة ديرينكويو في عام 1969.

مدينة ديرينكويو الغامضة وأسباب غموضها

هذه المدينة، التي رقمها 469، بنيت بالكامل تحت سطح الأرض، وتم إنشاؤها على شكل طبقات مؤلفة من ثماني طوابق، وتغوص في عمق الأرض، وقد أكد علماء الآثار وجود عشرين طبقة من المدينة على عمق 51 مترا، وتم اكتشاف ثماني طبقات يمكن للسائحين زيارتها، ولكن الطبقات الأخرى لم يتم اكتشافها بعد، ولكنها تحت البحث والدراسة.

يعود تاريخ بناء الطبقة الأولى في هذه المدينة، وفقًا لعلماء الآثار، إلى 1400 سنة، وتعود الطبقات الأعمق إلى فترات أقدم من ذلك، وداخل المدينة يمكن رؤية أنفاق يبلغ طولها 8 كيلومترات، وتصل هذه الأنفاق إلى مدن أخرى تحت الأرض، وهذه الطرق والأنفاق تشير إلى وجود تعاون بين الحضارات.

كيف كانت العيشة في مدينة درينكويو الغامضة

يقول المؤرخون إن هذه المدينة استقبلت شعوبا مختلفة هربا من الحروب، حيث توفرت فيها سبل الراحة، وتم تخصيص غرف للأطفال في الطبقات العليا، وكانت هناك مطابخ مجهزة 

ومع ذلك، كيف يتم التنفس تحت الأرض عند هذا العمق؟ اكتشف العلماء وجود فتحات تهوية تبلغ 15 ألف فتحة تهوية وموزعة على جميع طبقات المدينة وعلى طولالممرات، وهذا سمح بدخول الهواء النقي للمدينة حتى في أعمق نقاطها، وذلك بفضل هندسة دقيقة ومتطورة وفريدة من نوعها.

تم اكتشاف سلالم جديدة للتنقل داخل الطبقات والمدينة، لكن لم يتم العثور على سلالم في الغرف السكنية. تم العثور على غرفة كبيرة في الطابق الثالث، والتي يعتقد العلماء أنها المدرسة التعليمية، وكان سقفها على شكل صخور مدببة. تم اكتشاف كنيسة في الطابق السابع، وقد تم إعدادها واعتبرت واحدة من أجمل الكنائس في العالم. يحتوي جدرانها على آيات من الإنجيل. قال خبراء الآثار إن الكنيسة تم بناؤها في عهد الإمبراطورية الرومانية، ويعتقد أن المسيحيين الأوائل الذين عانوا من اضطهاد الدولة الرومانية قد لجأوا إلى هذه المدينة

تم العثور على هياكل عظمية لا تعود للبشر وإنما للحيوانات. كانت هناك مستودعات لتربية المواشي وأسطبلات للخيل. ونظرا لاستقرار درجة الحرارة على مدار العام في المدينة، كان السكان يحتفظون بالطعام بعيدا عن التلف. وكانت اللحوم تحفظ بسهولة

تم اكتشاف أكثر من 52 بئرا للماء يتغذى منها جميع البشر، وتم إنشاء نهر يمر في جميع أنحاء المدينة، مما يوفر عيشا كريما للسكان

الحماية من العوامل الخارجية داخل مدينة ديرينكويو الغامضة

كان هناك العديد من الطرق لحماية المدينة وسد منافذها، حيث ذكر علماء الآثار أن أبواب المدينة كانت عبارة عن صخور ضخمة وثقيلة، وكانت جميع أبواب المدينة التي تطل على الأرض تُغلق بواسطة هذه الصخور الضخمة، ولكل طابق تم إغلاقه بشكل منفرد.

كانت هناك أيضا أبواب داخلية تغلق بصخور، يتم تدحرجها لغلق أبواب الطوابق. ولكن هذه الصخور لا يمكن فتحها إلا من الداخل فقط، وإذا أراد أحد غزو المدينة، لن يستطيع ذلك. يرون العلماء أن هذه الأبواب هي التي ساعدت في الحفاظ على هذه المدينة عبر العصور، وهي السبب في عدم اكتشاف هذه المدينة طوال هذه الفترة الزمنية.

ومن بين الحضارات المهمة التي سكنت المدينة، نذكر الحضارة الآشورية بسبب اكتشاف علماء الآثار لبعض النقوش والكتابات على جدران المدينة. وفي بداية القرن العشرين، قام سكان المدينة الأخيرين بتركها والهجرة منها. كان يعتقد أن السكان الذين غادروا المدينة ليسوا مسلمين، وكانوا يحاولون الاختباء من الدولة العثمانية. غادروا المدينة وتركوا كل ممتلكاتهم وأغراضهم، وتم اكتشاف ذلك من قبل علماء الآثار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى