متى يكون المطر غضب من الله ؟.. وأبرز العلامات على ذلك
المطر في اللغة
يقال إن المطر هو الماء المنسكب، وأحيانا تدل كلمة (مطر) على النفع والخير، وأما كلمة (وأمطر) فتشير إلى العذاب، وبالإضافة إلى ذلك، قد يكون المطر ذو فائدة في الوقت المناسب وقد يكون غير مجد في غير الوقت المناسب، ومن الأنواع المختلفة للمطر في اللغة العربية (الرذاذ، الطل، الرش، الديم والهتان، الغيث، الولى، الوابل)
المطر في الاستعمال القرآني
فسر العلماء وجود المطر في القرآن الكريم بطريقتين، وهما الآتي
- المطر المعروف: كما ذكر في سورة النساء: (كان بكم أذى من مطر)
- الحجارة: كما ورد في سورة لوط قال تعالى: ( وأمطرنا عليهم مطرا).
وقال تعالى : {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ}.
قال تعالى : : قالوا “اللهم إن كان هذا الأمر صحيحا من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب شديد
وقال تعالى : {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُوراً}. (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِين)، وقال تعالى: (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُود)، فالمطر في القرآن الكريم ما جاء إلا لوضع عقاب.
وبالتالي، نلاحظ أن كلمة “المطر” في القرآن الكريم تشير إلى العذاب والعقاب للكافرين. وفي تفسير سورة الأنفال في صحيح البخاري، ذكر بن سفيان بن عيينة – رحمه الله – أن كلمة “المطر” في القرآن تشير إلى العذاب، وتعرف بين العرب أيضا بالغيث. وذلك بناء على ما ورد في سورة النساء حيث قال الله تعالى: “ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر”، ولكن الغيث يشير إلى الرحمة ولا يدل على العذاب
جعل الله عز وجل في المطر النافع فوائد عدّة منها
- مهم ليروي الزرع وتُنبت الثمار وتخرج النباتات والزرع من الأرض كما جاء في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ }.
- واحدة من أسباب الرزق هي ما ورد في قول الله تعالى: {وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم}
- في إحياء للأرض لقوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}.
- كما أنّه مطهر لما ورد في قوله تعالى: { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}.
نزول المطر مٌذهِب للخوف
تشير هذه الجملة إلى أن من الإعجاز العلمي الوارد في القرآن الكريم أنه يوجد في الخوف من المطر أمان، وينزل المطر من السماء ليطهر الناس به، ويذهب به رجس الشيطان، ويثبت به الأقدام، ويطمئن الناس
تفسر الآية الكريمة أن نزول المطر من السماء يحدث لأسباب عديدة، بما في ذلك ما يلي
- من أجل الربط على قلوب المؤمنين وجاء ذلك في قول الله تعالى : ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾.
- التطهير بالماء لقوله تعالى: ينزل الله عليكم ماءً من السماء ليطهركم به.
- التخلص من رجز الشيطان لما جاء في قول الله تعالى: ﴿وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾.
- ولتثبيت أقدام المسلمين لقوله تعالى : ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ﴾.
يذكر لفظ المطر في الحالات السابقة، ويشير إلى الماء الذي يمثل نعمة من الله ونفسا للمؤمنين، حيث يربط الله على قلوبهم ويثبت أقدامهم ويطهرهم من رجز الشيطان بالماء. وقد جاء في شرح وتفسير الآية من قبل الطري – رحمه الله – أنه نزل المطر من السماء في يوم بدر ليطهر به المؤمنين لصلاتهم، لأنهم كانوا مجنبين عن الماء في ذلك اليوم، وعندما أنزل الله الماء عليهم اغتسلوا وتطهروا، وكان الشيطان يوسوس لهم بما حزنهم من إصباحهم مجنبين عن الماء، ولكن الله أزال ذلك من قلوبهم بالمطر، وذلك ربط قلوبهم وتقوية أسبابهم وتثبيت أقدامهم بالمطر
لِأَنَّهُمْ كَانُوا الْتَقَوْا مَعَ عَدُوِّهِمْ عَلَى رَمْلَةٍ هَشَّاءَ فَلَبَّدَهَا الْمَطَرُ حَتَّى صَارَتِ الأَقْدَامُ عَلَيْهَا ثَابِتَةً لاَ تَسُوخُ فِيهَا ، تَوْطِئَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وَأَوْلِيَائِهِ أَسْبَابَ التَّمَكُّنِ مِنْ عَدُوِّهِمْ وَالظَّفَرِ بِهِمْ.
ومن بين الأسباب التي أزالت الخوف من قلوب المؤمنين كان الماء الذي أنزله الله سبحانه وتعالى عليهم
هدي الرسول صلى الله عليه وسلم عند تنزيل الأمطار يُطمئن القلوب من الخوف
- كشف شيء من البدن تبركًا به: حيث فسر النووي – رحمه الله ذلك قال: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَطَر رَحْمَة وَهِيَ قَرِيبَة الْعَهْد بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى لَهَا فَيَتَبَرَّك بِهَا، كما جاء عن عن أنس قال: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَطَرٌ قَالَ فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ. فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا قَالَ « لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى ».
- وقت الدعاء بالنفع والخير والبركة: ورد عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول `صيبا نافعا` عند رؤية المطر، وأيضا ذكر الخطابي أن الدعاء أثناء المطر يزيد في الخير والبركة والنفع
- عندما ينزل المطر بشدة فلا بد أن ندعو الله أن يرفعه إلا في الأماكن الجافة التي تحتاج إلى الماء وقد ورد عن أنس بن مالك أنه لما قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ، وَلاَ عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ قَالَ فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ، كما قال القاضي عياض – رحمه الله: فيه استعمال أدبه الكريم وخلقه العظيم في الدعاء ، ومقابلة كل حال بما يليق بها ، إذ لم يدعو – صلى الله عليه وسلم- برفع المطر عنهم جملة ، إذا كان غياثا من الله ورحمة ، ولكن دعا بكشف ما يضر بهم عنهم ، وتصييره حيث يبقى نفعه ، ويوجد خصبه ، ولا يستضِر به ساكن ولا ابن سبيل ، فيجب التأدب بأدبه فى مثل هذه النوازل.
- في فترة الأمطار الغزيرة في السنة، يقول المؤذن عند إذان الصلاة وقت تساقط الأمطار: `صلوا في رحالكم`، وذلك بناء على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نقله عبيد الله بن عمر، حيث قال: `أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنه بالإذن ثم قال: ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة، أو المطيرة في السف`، ويوضح الحديث جواز تأجيل الصلاة الجماعية في حالة وجود عذر نزول المطر
الغيث في الاستعمال القرآني
الغيث هو المطر الذي يأتي بعد الجفاف الشديد، وقد سٌمى غَيث لأنّه يغاث به الناس من الفقر وقد ورد في آيات الذكر الحكيم أنّ الله سبحانه وتعالى خص له الغيث لقوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ }، كما ورد عن الله عز وجل قدرته في تدبير الكون وجميع أمور الإنسان في قوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}
وقال تعالى {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ }
وقال تعالى { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }.
وبذلك يدل ذكر الغيث في القرآن الكريم على الرحمة والنفع والبركة وطلب الاستنجاد والنصرة من الله عز وجل.