متى يجوز اسقاط الجنين .. والاحكام الشرعية المتعلقة بالاسقاط
الإجهاض هو عملية يمكن أن يتعرض لها الأفراد في مجتمعاتنا لأسباب متعددة، سواء لأسباب طبيعية أو تلقائية أو بصورة متعمدة، وقد يتم الإجهاض بوسيلة صناعية للتخلص من الجنين وإجهاضه. يتطلب التعامل مع هذه الحالة الوقوف أمامها لتحديد مدى شرعية هذه العملية وما إذا كانت مسموحة في جميع الحالات أم في حالات محددة تحددها الشريعة والفقهاء.
معني الإجهاض
يشير الإجهاض لغويا إلى إنهاء الحمل قبل استكماله، سواء كان الاستكمال يعني نهاية فترة الحمل أو اكتمال نمو الجنين. يمكن أن يكون الإجهاض طبيعيا، أو تلقائيا، أو مقصودا، أو نتيجة تدخل متعمد.
يعني الإجهاض من وجهة النظر الشرعية إسقاط الجنين قبل إكمال نموه، وهو معنى ليس ببعيد عن المعنى اللغوي ويتفق معه.
مراحل أو أطوار الجنين
يصف حديث النبي صلى الله عليه وسلم مراحل نمو الجنين في رحم أمه، حيث يجمع الجنين في بطن أمه لمدة أربعين يوما، ثم يتحول إلى علقة لمثل ذلك الفترة، ثم يتحول إلى مضغة لمثل ذلك الفترة، ثم يبعث الله ملكا ليكتب عمله وأجله ورزقه وهل هو سعيد أم شقي، ثم ينفخ الروح فيه. فإذا كانت أعمال الرجل تدل على أنه من أهل النار، فسيعمل بأعمال أهل النار، وإذا كانت أعماله تدل على أنه من أهل الجنة، فسيعمل بأعمال أهل الجنة، وسيدخل المرء الجنة أو النار وفقا لأعماله.
تتألف مراحل نمو الجنين من النطفة والعلقة والمضغة ونفخ الروح، وهذا يتوافق مع ما جاء في القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى: `أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى`.
الأحكام الشرعية المتعلقة بالإسقاط
الإسقاط أو الإجهاض بشكل طبيعي لا يوجد فيه أي خلاف فقهي، حيث يعتبر أمرًا خارجًا عن إرادة الإنسان وإنما هو قضاء وقدر من الله، ولكن هنا يتحدث الحديث عن الإجهاض أو الإسقاط المتعمد الذي يقوم به البعض لأسباب مختلفة، وفي هذه الحالة يوجد للشريعة رأي وحكم حسب السبب الذي يترتب على الإجهاض.
الحكم الشرعي القاطع في مسألة إجهاض أو إسقاط الجنين أنه حرام ما دامت الروح قد نفخت في الجنين فهي من باب قتل النفس التي حرمه الله ” وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ”، وتنفخ الروح في الجنين بعد مرور أربعة أشهر من الحمل أي بعد حوالي 120 يوم .
ولم تخلو سنة النبي صل الله عليه وسلم مما يدلل على أهمية المحافظة على حياة الجنين حتى وإن كان حمل زنا ولنا في قصة النبي مع المرأة الغامدية خير دليل على ذلك، إذ قالت “يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني ، وإنه ردَّها ، فلما كان الغد ، قالت يا رسول الله، لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزا ، فو الله إني لحبلى.
قال إما لا فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدت، أتته بالصبي في خرقة، قالت هذا قد ولدته، قال اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته، أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت، هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها”.
توجد حالات إجهاض قبل نفخ الروح وفي هذه الحالات كانت للعلماء اجتهادات متباينة في حكمهم بين المحرم والمباح للموضوع، ويتوقف ذلك على وجود علل أو أسباب للإجهاض، ولذلك حتى أصحاب المذهب الواحد يختلفون في الحكم في هذه القضية
الحنفية
كانت للحنفية ثلاث آراء في قضية الإجهاض قبل نفخ الروح
يتم الرأي الأول بجواز الإجهاض للجنين الذي لم تنفخ فيه الروح، أي قبل مرور أربعة أشهر من الحمل.
أعطى الرأي الثاني إذنًا بالإجهاض في حال وجود عذر أو سبب يتطلب ذلك.
الرأي الثالث هو عدم الموافقة على الإجهاض بأي شكل من الأشكال في أي مرحلة من مراحل الحمل.
المالكية
كان للمالكية رأيان في الإجهاض قبل نفخ الروح:
الرأي الأول يقول إن الإجهاض حرام في أي مرحلة.
الرأي الثاني يقول بكراهة الإجهاض.
الشافعية
كان للشافعية في الإجهاض آراء مختلفة:
الرأي السائد هو تحريم الإجهاض بشكل كامل في أي مرحلة من مراحله.
أفاد الرأي الثاني بأنه يمكن إجراء الإجهاض خلال الأربعين يومًا الأولى من الحمل.
الحنابلة
كان للحنابلة رأيان في مسألة الإجهاض:
سمح الرأي الأول بالإجهاض في الأربعين يومًا الأولى شريطة أن يكون ذلك مسموحًا.
رأي آخر يقول بأن الإجهاض حرام بغض النظر عن مرحلة الحمل.
الظاهرية
يعتبر الإجهاض حرامًا في جميع مراحله، وذلك حسب مذهب الظاهرية، حتى وإن كانت هناك أسباب قوية تدعو إلى الإجهاض.
الزيدية
يعتقد أتباع مذهب الزيدية بإباحة الإجهاض قبل مرحلة نفخ الروح.
عمومًا، يوافق الجمهور على الإجهاض في حالة وجود عيب أو سبب قوي قبل نفخ الروح في الجنين.
بعد نفخ الروح في الجنين، لا يجوز الإجهاض. اختلف العلماء حول مدى جواز الإجهاض في حال وجود سبب قوي أو علة للإجهاض، فقد اباح البعض وحرم البعض الآخر، وعلى الرغم من ذلك، فإن الميل الأكبر يميل للإجهاض في حالة تأكد وفاة الأم أو خطر حياتها في حال استمرار الحمل.
متى يجوز الإجهاض
الإجهاض في الأساس محظور، وقبل نفخ الروح هناك اختلاف في الرأي بين العلماء، حيث يرفضه البعض ويسمح به البعض الآخر، ولكن من الشروط الضرورية هو وجود سبب قوي، ومن الأسباب التي يمكن أن تبرر الإجهاض:
أن يثبت بأن هناك تشوهًا خطيرًا في الطفل.
بعد ولادة الطفل، لن يكون هناك علاج.
الموافقة من الأب والأم على الإجهاض.
أن يكون استمرار الحمل قاتلا أو مدمرا للأم
أما بعد النفخ فالأساس أن الإجهاض حرام أما في حال كان استمرار الحمل مهلك للأم فقد قال البعض بأن الإجهاض حرام بعد نفخ الروح حتى وإن كان استمرار الحمل مهلك للأم، والبعض الآخر قال بجواز الإجهاض في حال تم التيقن من أن استمرار الحمل مهلك للأم عن طريق اثنان أو أكثر من الأطباء.