ما هي كفارة الظلم ؟.. وكيف تتصرف إذا ظلمت إنسان
نبذة عن الظلم
هل تعرضتَ للظلم من قبل شخصٍ ما؟ وهل تمكنتَ من إسترداد حقوقك، سواءً بالفعل أو بالكلام؟ وكيف كان شعورك، عزيزي القارئ، عندما تقف بلا حيلة أمام الظالم ولا يصدقك أحد، فهذا الشعور السيء الذي يعاني منه الكثير من الناس هو شعور الظلم.
على غرار ذلك، يسعى الكثير من الناس بكل الطرق لتحقيق العدل بين الناس، فالعدل هو أساس الملك والأرض الخصبة التي يُبنى عليها الحق والمساواة
روى مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (احذروا الظلم، فإن الظلم ظلمات في يوم القيامة)، حيث يعد الظلم من الأفعال غير المقبولة في الدين والحياة الدنيا، وجعل الله سبحانه وتعالى عقوبة الظلم في الدنيا قبل الآخرة، مما يجعله من الذنوب الكبرى.
فالله عز وجل حرم على نفسه الظلم، ولذلك حرّمه أيضًا على عباده، مما يعني أنه جعل ذلك محرّمًا بينهم، ونهى عن الظلم والتظالم فيما بينهم.
على النقيض من ذلك، يوجد العديد من الأشخاص الذين لم يتجاوبوا مع قول الله سبحانه وتعالى، واستمروا في ظلم الآخرين دون تأثر بنهي الله سبحانه وتعالى،
تفننوا في إتقان أشكال الظلم، فتارة بالضرب، وتارة أخرى بالشتم والتعدي والاستيلاء على الأموال بالقوة بلا حق، أو الخوض في الأعراض.
ترك هذا أثرا سيئا في نفوسهم، وجعلهم يشعرون بالإحباط والظلم، وذلك على الرغم من تحذير الله سبحانه وتعالى لنا من دعوة المظلوم من قبل، عن طريق رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأخبرنا أن دعوة المظلوم مستجابة حتى لو كان كافرا أو فاسقا. وهذا يجعلنا نفكر مرارا قبل ارتكاب الظلم .
يمكن الاستفادة من هذا المثل النبوي الشريف ومجموعة أخرى من الأحاديث التي رواها البخاري وغيره، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: “اتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
نقل جابر رضي الله عنه في رواية أخرى، عن مسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).
ذكر حسن البصري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: `دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه`.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح الجامع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، (احترزوا من دعوة المظلوم، فإنها تصل إلى السماء كشرارة)
ما هي كفارة الظلم
يتنوع أنواع الظلم الموجودة بين الناس، وبناء عليه، تختلف أنواع الكفارة للظلم أيضا. فهناك بعض أنواع الظلم التي لا يمكن أن تغفر إلا بالندم الصادق والتوبة، ولكن يجب أن يتحمل الظالم كفارة عندما يشعر بالندم عن ما فعله، سواء بالقول أو الفعل.
كفارة العبد لغيره
مما لاشك فيه أن يقوم الإنسان بظلم أخيه الإنسان، فيكون ذلك ظلم بين العباد فيما بينهم وقد نهى الله عنه، فمن الممكن وأن يظلم بعضهم لبعض في الحقوق، فذلك الظلم لا يتوب عنه الله بمجرد التوبة فحسب، فبالطبع قد قابلنا النصابين ومن يحتالون على الناس، وغيرهم من يقول عن فعل الناس ما لم يفعلوه، فلا يكفي الأستغفار والدعاء من أجل المغفرة لأنه يعتبر من الذنوب الكبيرة، لذلك فقد وجب الكفارة.
- ظلم النَّاس في دينهم: ذلك يعني أن من يسبب الفتنة بين الناس أو يغير معتقداتهم الدينية فإن ذلك يعتبر نوعًا من الظلم، ولا يغفره اللهسبحانه وتعالى إلا بإقامة الكفارة
- ظلم النَّاس في أنفسهم: هذا يعني الاعتداء والقتل، ويساعد قضاء الكفارة على مغفرة حق الله، وإذا ركزنا على حقوق الناس، فإنه يأتي من خلال مسامحة أهل القتيل أو بالقصاص من الجاني
- ظلم النَّاس في أعراضهم: يتم التوبة من النمط السلبي الذي يتضمن الحديث عن الآخرين بالغيبة والاستهزاء بهم، عن طريق طلب المغفرة
كفارة ظلم العبد لنفسه
يعتبر ظلم العبد لنفسه من أكثر الأمور حدوثا، حيث أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الانسان، وخلق له عقل يفكر به ويميز بين الحلال والحرام، فإذا جاءت المحرمات أدرك ما الذي يجب عليه فعله، وما لا يجب عليه فعله وقال الله سبحانه وتعالى فيما يخص ظلم النفس ” فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ”. فمن يستهين في حق نفسه هو من يقوم بإرتكاب المعاصي والسيئات
يعتبر الظلم الذي يتميز باللطف من أنواع الظلم الأقل خطورة، فسوف يتم محوه بسرعة من قبل الله، وسيتم العفو عنه بمجرد الاستغفار والقيام بالأعمال الصالحة مثل الصلاة والوضوء والصدقات وغيرها
كفارة الظلم بين العبد وبين الله
قد يكون الظلم بين العبد وربه في الشرك به وعدم الإيمان به، وهي من أشد أنواع الظلم والأصعب، كما جاء في الآية الكريمة `يا بني لا تشرك مع الله، فإن الشرك لظلم عظيم`، ويمكن تعريف الشرك على أنه وضع الشيء في غير مكانه الصحيح.
لا يوجد كفارة لهذا الخطيئة إلا بتوحيد الله تعالى وعبادته بالطريقة الصحيحة، ومن فضل الله علينا ورحمته أن الحسنات ستمحى بها السيئات، إذا قمنا بأداء الفرائض التي فرضها الله علينا مثل الصلاة والصيام وقراءة القرآن.
كيف تتصرف إذا ظلمت انسان
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: `من كان عنده ظلمة لأخيه فليتحلله منه الآن قبل أن يكون دينارا ولا درهما`. يحثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تجنب الظلم، حيث وصفه بأنه إذا شعرت بالشك في عمليات البيع والشراء، يجب عليك التراجع ومراجعة حسابك مرة أخرى لكي لا تحمل الذنب.
كيف تتصرف إذا ظلمت شخصا ولم يعرف
سوف تتسائل على الفور إذا صادفت وظلمت شخصا ما، عن ما يجب عليك فعله لكي يرتفع من على كاهلك ذنبه، فإذا لم تستطيع الوصول إليه، أو إذا كان بك مكروه، يمنعك من الذهاب إليه أو إذا واجهت الحرج في التحدث معه مرة أخرى، فإذا واجهك هذا كله فكل ما عليك فعله هو أن تدعو الله كثير للذي ظلمته.
ومن ثم عليك أن تتصدق نيابة عنه، وعليك وأن تستمر في الدعاء له، ناهيك عن الاستغفار في كل وقت، ويظل الإنسان الظالم هكذا فترة، حتى يشعر بأن الله قد سامحه، لأن في يوم القيامة عند الوقوف أمام الله، فسوف يجد المظلوم تلك الحسنات بدلا من المطالبة بمظلمته، فإن الإنسان يكون قد عمل حساب ذلك، وهذا هو المنهج الصحيح.
وعلى ذلك يقابلنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم-: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا مَن لا درهم له ولا متاع، قال: لكن المفلس في أمتي من يأتي بصلاة وصيام وحج وزكاة، لكن يأتي وقد شتم هذا واغتاب هذا وظلم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من القفسوم فطرحت عليه ثم طرح في النار)