منوعات

ما هي صكوك الغفران

كانت هناك تعدد وازدياد في الابتداعات والاجتهادات والرؤى غير الصحيحة والخاطئة، بل الهرطقات في الديانة المسيحية، وذلك منذ نشأتها، تماما كما حدث مع العديد من الديانات. ولكن الديانة المسيحية كانت هي التي شهدت الجزء الأكبر من هذه الابتداعات والخرافات، وخاصة تلك الهرطقات التي أطلقها رجال دين مسيحيون بارزون، مثل بدعة الأريوسية التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها المدعو (أريوس)، وبدعة النسطورية التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها المدعو (نسطور). وربما كانت بدعة صكوك الغفران أكثر تأثيرا وإثارة للجدل في تاريخ الكنيسة المسيحية الحديثة. إذ تعني منح قطعة من أراضي الجنة من قبل الكنيسة للأفراد، أي أن الشخص يمكنه شراء قطعة أرض في الجنة من الكنيسة عن طريق دفع مبلغ مالي والحصول على صك شرعي صادر عن الكنيسة. ويتضمن الصك إعطاء الشخص قطعة من أرض الجنة ومغفرة خطاياه وتأكيد التوبة له، بغض النظر عن خطاياه وآثامه والذنوب التي ارتكبها. والأمر الغريب أن هذه الهرطقة صدرت من أعلى رتبة في التسلسل الكهنوتي، وهي الرتبة البابوية، وذلك في الكنيسة الكاثوليكية .

 تعريف صكوك الغفران :تسمى أحيانا بـ “اندولجنتيا” وفقا للمعتقدات الخاصة بالطائفة الكاثوليكية المسيحية، وهي عبارة عن الصفح والغفران عن الخطايا التي يرتكبها الإنسان وإعفاؤه من العقاب، سواء جزئيا أو كليا، بعد الاعتراف بجميع الخطايا والذنوب للكاهن، ثم قبول التوبة ومنح وثيقة كتابية تؤكد حصوله على الغفران والتوبة مقابل دفع مبلغ مالي للكنيسة .

كيف كانت بداية فكرة (صكوك الغفران) :– بدأت فكرة صكوك الغفران عندما أراد البابا (لاون العاشر) بناء كنيسة خاصة للقديس بطرس في روما. قام بإصدار مجموعة من الصكوك لبيعها وجمع الأموال لبناء الكنيسة الجديدة. وصلت حدود الإساءة والمبالغة عندما قال المندوب البابوي الخطيب (حنا تنزل): (إن الصكوك تمنح الغفران الكامل للرجل الذي ارتكب الخطيئة مع السيدة العذراء المباركة). تسببت هذه التصريحات المستفزة في معارضة شديدة للكنيسة الكاثوليكية، بما في ذلك الاعتراض الشهير لمارتن لوثر الذي اتهم الكنيسة بالفساد وانتقد سياساتها الشاذة. وقام بتعليق وثيقة تحتوي على 95 حجة على باب الكنيسة في فتبزج في 31 أكتوبر 1517، وهذا هو البداية للمواجهات بينه وبين البابا. اتسعت هذه المواجهات لتشمل العديد من الأفكار والمفاهيم المتعلقة بالديانة المسيحية والكنيسة الكاثوليكية، ولم يتمكن البابا من إقناع مارتن لوثر بالتراجع عن أفكاره ومفاهيمه. زادت الاعتراضات وزاد عدد المؤيدين لها، وزاد السخط على الكنيسة وسياساتها المرهقة والغير عادلة، بما في ذلك فكرة الصكوك الغريبة هذه وبيع الأراضي في الجنة ومنح العفو والتوبة لمن يدفع المال وأمور أخرى غير عقلانية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى