ما هي ” شروط إحياء الأرض الموات ؟ “
تعريف إحياء الأرض الموات
الإحياء في اللغة يعني إعطاء الحياة للشيء، والموات يعني ما ليس له روح، أو الأرض التي ليس لها مالك، أو الأرض الخراب.
الإحياء في الشرع هو استصلاح الأرض الموات بالبناء، والموات في الشرع هي الأرض التي لا يوجد بها عمارة ولا ماء، ولا يملكها أحد ولا يستفيد منها.
يشير إحياء الموات في المصطلحات الزراعية إلى استصلاح الأراضي الزراعية أو تحويلها إلى أراضٍ صالحة للزراعة، ويتضمن ذلك رفع العوائق مثل الأحجار والأعشاب واستخراج الماء وتوفير التربة الصالحة للزراعة وإنشاء الأسوار أوالمباني فيها.
الأرض الميتة هي الأرض التي لم يتم إحياؤها من قبل، وهي لا تزال باقية على حالها كأرض صحراء مثلا بما خلقها الله عليها.
مشروعية إحياء الأرض الموات
قد وضح مشروعية إحياء الموات حديث النبي صلى الله عليه وسلم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضاً ميتةً، فهي له»، وقال: «من عمر أرضًا ليست لأحد، فهو أحق بها»، وقال أيضًا: «من أحيا أرضاً ميتةً فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة»
حثت الأحاديث الناس على إحياء الأموات بسبب حاجتهم إلى الموارد الزراعية وبناء الكون، حيث يمكن للإنسان المساهمة في إحياء الأرض
كيفية إحياء الأرض الموات
- يتفق العلماء على أن الأرض التي ليس لها مالك ولا يوجد بها بناء أو شخص يستفيد منها، يجوز استخدامها، بينما إذا كانت الأرض مملوكة ويمتلكها شخص معين، فلا يجوز إحياؤها إلا لصاحبها الذي يمتلكها.
- يتفق المذهب الحنفي على أن إحياء الموات يمكن أن يتم عن طريق البناء أو الغرس أو الكرب أو إقامة المسناة (السد) أو التحويط أو السقاية.
- ويعتقد المذهب المالكي أن إحياء الموات يمكن أن يتم من خلال البناء والزراعة والحراثة والغرس والري وغيرها.
- اتفق المذهب الشافعي على أن إحياء الموات يختلف باختلاف الغرض المقصود من الأرض، ويعتمد ذلك على العرف المتبع في تلك المنطقة، فإذا كان الغرض من إحياء الموات هو إنشاء مسكن، يتم تحويط البقعة بالطوب أو القصب وفقًا لتقاليد تلك المنطقة.
- يعتقد الحنابلة أن إحاطة الأرض بحائط منيع يعني إحياء الأرض، سواء كان الهدف للبناء أو الزراعة أو لحظيرة الأغنام، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: `من أحاط حائطًا على أرض، فهي له`.
فضل إحياء الأرض الموات
شجع الإسلام إحياء الأرض الموات بالكثير من الطرق المختلفة ومن أبرزها أن من يقوم بإحياء الأرض الموتى سيجازيه الله سبحانه وتعالى ثواب وأجر عظيم، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من أحيا أرضاً ميتةً فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة)، وقال: (من عمّر أرضًا ليست لأحد، فهو أحق بها).
شروط إحياء الأرض الموات
- أن تكون الأرض ليس لها مالك.
- ألا تكون مرتفقًا بها أي: كانت تستخدم في الماضي كمخزن للحبوب أو المرعى للحيوانات أو كنادٍ للاجتماع والتحدث، وكانت مرتكزًا للخيول وغيرها.
- قال أبو حنيفة: لا بد أن يكون الموتى تحت إذن الإمام، وذلك بناء على قول النبي (لا يحرم المرء إلا ما حرم الله)، واتفق المذهب الحنفي على أن الأرض الموات هي الأرض خارج البلد وليس لها مالك، ولكن إذا كانت هذه الأرض داخل البلد فإنها ليست مواتا. وكذلك المرافق الموجودة خارج البلد، مثل المحتطبات والمراعي التي تعود لأهل القرية، فلا يجوز إحياء ما يقترب من الموات. ويترك المرعى لأهل القرية ويستخدم كحصاد لهم. ولا يعتبر الموات مثل الطريق والنهر، فالمهم في الأرض غير المملوكة هو عدم الاستيلاء عليها من قبل أهل البلد، سواء كانت تقع بالقرب من المدينة أو بعيدا عنها.
- وقال المالكية: إذا كانت قريبة من العمران، وإن كانت متاحة للتعمير، فإنه يجب الحصول على إذن الإمام لإحيائها، ولكن إذا كانت بعيدة عن المدينة وغير قابلة للتعمير، فقد قال الشافعية والحنابلة: إذا أحيا أحدهم أرضا يملكها، حتى وإن لم يكن لديه إذن من الإمام، فإنه يكفيه إذن النبي – صلى الله عليه وسلم – (من أحيا أرضا ميتة، فهي له). وقد اتفق المذهب المالكي على أنه إذا تم تعمير الأرض من خلال البناء أو الزراعة أو الري، فإن ملكيتها لا تنتقل عن الشخص الذي أحياها، إلا إذا أحياها شخص آخر بعد فترة طويلة معترف بها من قبل الناس، وفي ذلك الحالة تصبح ملكا للشخص الذي أحياها للمرة الثانية. وهذا ينطبق سواء كانت الأرض قريبة من المدينة أو بعيدة عنها، لكن الفرق الوحيد هو أن الأرض القريبة من المدينة تحتاج إلى إذن الحاكم.
- أشترط جمهور الفقهاء الإحياء في حالة التحجير لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، استنادًا إلى قول عمر -رضي الله عنه-: `ليس لمتحجر بعد ثلاث سنوات حق`.
أحكام إحياء الأرض الموات
- الحكم الأول : إذا تمت إحاطة الأرض بحائط منيع فيما يختص بملكية الأرض، فإن صاحب الحائط هو المالك حسب قول النبي صلى الله عليه وسلم: `من أحاط حائطا على أرض، فهي له`. وهذا يعني أن إحاطة الأرض بحائط هو حق مستحق لمالكها، وهذا ما يسمى بالحائط في اللغة. ولكن إذا تم إحاطة الموت بحجارة أو أي شيء آخر، مثل التراب أو الحفر، ولا يمنع ما وراءها، فإنه لا يمتلكها، لكنه يكون له الحق في إحيائها وعناية بها أكثر من غيره، ولا يجوز له بيعها إلا بشرط إحيائها.
- الحكم الثاني : إذا حفر بئر في الأرض الموات ووصل إلى مائها، فهذا يعني أنه تم إحياؤها، لذلك يكون صاحب البئر هو الأحق بامتلاكها. أما إذا حفر البئر ولم يصل إلى الماء، فإنه لا يملكها. ويكون صاحب البئر الذي قام بحفرها وإحياء المنطقة هو الأحق بالتمتع بها، وعن عبدالله بن مغفل: قال النبي ﷺ: “من حفر بئرا فله أربعين ذراعا من الأرض”. ورواه ابن ماجه بإسناد ضعيف.
- الحكم الثالث : إذا تم توصيل ماء من عين أو نهر إلى الأرض الجافة الميتة، فهذا يعمل على إحيائها، لأن الماء يفيد الأرض أكثر من الحوائط .
- الحكم الرابع : إذا تم حجز الماء عن الأرض الجافة ولم تكن صالحة للزراعة، فاحجز الماء عنها حتى تصبح صالحة لذلك. بهذه الطريقة، سوف يتم إحياء الأرض وتعود للإنتاج. فإن فائدة إحياء الأرض تفوق فائدة الجدار. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضا ميتة فهي له».
- إذا كان الماء يمر عبر أملاك الناس دون أن يخصص لأحد (مثل ماء النهر أو ماء الوادي)، فللشخص الأعلى أن يروي منه ويحجز الماء حتى يصل إلى الكعب ثم يرسله للشخص الذي يأتي بعده، استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر”، وهذا متفق عليه، وذكر عبد الرزاق عن معمر الزهري قائلا: “رأينا قول النبي صلى الله عليه وسلم: `ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر`، فوجدنا أنه يصل إلى الكعبين، فجعلنا ذلك معيارا لاستحقاق الأول قبل الآخر”، وروى أيضا أبو داود وغيره عن عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور (وهو واد معروف في المدينة) “أن يمسك الشخص الأعلى حتى يصل إلى الكعبين، ثم يرسل الشخص الأعلى إلى الأسفل .
- إذا كان الماءمملوكًا (بمعنى أنه تم وضعه في الأرض المملوكة لشخص ما)، فإنه يوزع بين المالكين وفقًا لحصصهم، ويتم تصرف كل شخص في حصته كما يريد.
- ويمكن لإمام المسلمين أن يحمي مواشى بيت مال المسلمين (كخيل الجهاد، وإبل الصدقة) ما لم يضرهم بالتضييق عليهم، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين ) ؛ فيجوز للإمام أن يحمي العشب في أرض الموات لإبل الصدقة وخيل المجاهدين وأنعام الجزية والضوال إذا احتاج إلى ذلك ولم يضيق على المسلمين، وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أحيا أرضاً ميتة فله فيها أجر، وما أكلت الدوابّ منه فهو له صدقة».