تخصصات جامعيةتعليم

ما هي جغرافيا الصحة

عندما تسمع عن علم الجغرافيا، أول ما يتبادر إلى ذهنك هو الطبيعة الجغرافية وتضاريس المنطقة. قد تتذكر الخرائط والرسوم، وهذا صحيح، فهذا العلم يشمل العديد من التخصصات، بدءا من علم الجليد وعلم دراسة المياه، وحتى الجغرافيا الجيوية والمناخ والمحيطات. إنه يشمل أيضا علوم دراسة أنواع وأشكال التربة، وحتى الجغرافيا الفيزيائية والبيئية والسياحية، وكذلك علم الأرصاد الجوية وعلم البيئة الطبيعية وعلم الجيوماتكس والعلم الرباعي. تلك العلوم المذكورة ترتبط بالطبيعة المكانية والمواقع وجغرافيا الخرائط. وما قد لا تعرفه هو أن هناك عددا من العلوم الإنسانية المرتبطة بالجغرافيا.

فهناك الجغرافيا البشرية، التي تشتمل على عدد كبير من الأقسام، منها الجغرافيا الثقافية، الجغرافيا التي تنتمي لثقافة التنمية، وحتى ثقافة السياسية، جغرافيا الاستيطان، وأخيرًا وهو النوع الأهم، ومحل التقرير التالي الجغرافيا الصحية، وهو الذي يجمع أكثر من علم ويدمجهم معًا لخدمة البشرية والإنسان.

يتم في هذا التقرير استعراض أهم أهم ما يجب معرفته حول جغرافية الصحة.

مفهوم جغرافيا الصحة العام

الجغرافيا الصحية هي فرع من فروع الجغرافيا البشرية، التي تدرس تأثير البيئة والتضاريس على صحة الأفراد. وفي المقابل، تدرس أيضا علاقة انتشار الأمراض في مناطق معينة. يمكن أن نكتشف أن دولة معينة تعاني من انتشار مرض معين، وبالتالي تبدأ الدولة في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية صحة أفرادها من الناحية الجغرافية

يمكن القول إن الجغرافيا الصحية هي التطبيق العملي، الذي يستخدم جميع المعلومات الجغرافية والطرق التي تستخدم لتحويل أعداد الإصابات إلى بيانات مسجلة، وبالتالي العثور على العوامل المشتركة بين المرض والبيئة التي يعيش فيها الإنسان.

تعريف الجغرافيا الصحية

الجغرافيا الصحية واحدة من العلوم الحديثة نسبيًا، فهي لم تعرف رسميًا قبل منتصف القرن العشرين، ولم يكن هناك أي تعريف مفهوم أو واضح لذلك العالم، حتى منتصف الخمسينات، عندما استقر الاتحاد الدولي للجغرافيين بوضع تعريف بسيط ومحدد، بأنه العلم المسئول عن دراسة الشكل الجغرافي لمنطقة معينة، ومحاولة تحديد علاقتها بانتشار أمراض معينة، وكيفية تأثيرها على الصحة، ويمكن ذلك من خلال عدد كبير من النظريات الجغرافية، التي تقوم بدراسة الصحة والأمراض، ومحاولة إيجاد طرق التعامل معها بشكل سليم.

تاريخ نشأة علم الجغرافيا الصحية

ظهر علم الجغرافيا الصحية في منتصف القرن التاسع عشر، وكان الدكتور جون سنو هو من اكتشفه، والذي لفت انتباهه انتشار وباء الكوليرا في بعض المناطق في مدينة لندن دون غيرها، وهذا دفعه لمحاولة صنع أول خريطة للأمراض في العالم، من خلال جمع بيانات عن المرضى وحتى المتوفين بسبب الكوليرا، ورسم خريطة للمنازل التي تعرضت للعدوى، وذلك لتحديد بؤر المرض والتواصل مع السلطات لوضع حلول علاجية، وهذا بالفعل ما حدث، واستطاع الدكتور سنو من السيطرة بشكل كبير على الوباء فيما بعد

تطور الجغرافيا الصحية

يعتبر علم الجغرافيا الصحية قديما، وقد بدأ منذ ظهور العلوم الطبية بيد أبو الطب هيبقراط، وعبد الرحمن ابن خلدون أسس نظرية واضحة تشير إلى أن البيئة تؤثر على الفرد والمجتمع، وقد وضع الأساس لعلم الجغرافيا البشرية التي تشمل الجغرافيا الصحية .

تطورت علم الجغرافيا الصحية أو الطبية في منتصف القرن التاسع عشر، بعد انتشار نظريات المياسما والهواء السيئ الذي ساد خلال انتشار الأمراض الخطيرة مثل الطاعون والكوليرا. واستخدم ليونارد لودفيغ أول من استخدم مصطلح الجغرافيا الصحية أو الطبية .

المعنى العام للجغرافيا الصحية

وفقا لما ذكر، فإن الجغرافيا الصحية هي العلم المسؤول عن دراسة تأثير البيئة على الإنسان، سواء فيما يتعلق بالأمراض التي ينتقلها أو بالتأثير الذي يمارسه الإنسان على البيئة، وكيف يعود هذا التأثير على الإنسان بطرق مختلفة. وتهتم الجغرافيا الصحية بدراسة أمراض الأفراد والمشاكل الصحية التي يواجهونها، وكذلك توفر الرعاية الطبية والصحية لهم، بالإضافة إلى دراسة توزيع الأمراض الجغرافي وتركيزها على العناصر المشتركة والمتصلة بين البيئة البشرية والطبيعية. وتسعى هذه الجغرافيا لرفع الوعي الصحي والطبي في المجتمع .

علوم ترتبط بالجغرافيا الصحية

علم الجغرافيا الصحية لا يختلف عن العلوم الأخرى، فهو يحتاج إلى التكامل معها، حيث يتداخل ويتشعب معها، فهو يتداخل مع علم البيئة الطبية، الذي يهتم بدراسة دورة البيئة والحياة، ودراسة أنماط الأمراض، ومحاولة وضع التفسيرات المختلفة، حتى يمكن الوصول إلى النتائج النهائية والصحيحة، ومن العلوم الأخرى التي تتداخل مع هذا العلم هو علم الأوبئة، الذي يرتبط بالجغرافيا الصحية بتوزيع تلك الأوبئة ودرجة توطنها ومناطقها .

من العلوم التي تتفرع مع علوم الجغرافيا الصحية، هو العلم الذي يدرس علم الأرصاد الجوية، الذي يتعامل مع التغيرات الجوية وتأثيرها على الإنسان، من خلال تهديد المهنة الرئيسية للمجتمع وأسلوب الحياة، وحتى الملابس والطعام، وتوزيع الأمراض خلال فصول السنة المختلفة، مع التغيرات الفسيولوجية التي تحدث في جسم الإنسان نتيجة للتغيرات الجوية. يدرس أيضا تأثير هذه التغيرات في انتشار بعض الأمراض بسبب الطقس في فترات زمنية محددة خلال بعض فصول السنة.

العوامل الأساسية التي ترتبط بعلم الجغرافيا الصحية 

تتعلق الجغرافيا الصحية أو الطبية بمجموعة من العوامل الخارجية التي تؤثر على طريقة عملها والبيانات التي تقوم بإستخراجها، حيث أن هذه العوامل تؤثر ببساطة على صحة الإنسان سلباً في بعض الأحيان وإيجاباً في أحيان أخرى، ويمكن تحديد هذه العوامل على النحو التالي..

الموقع الجغرافي

تشير البيئة التي يعيش فيها الإنسان، أو الحدود الدولية التي يعيش داخلها المجتمع، إلى الأمراض المرتبطة بها، فعلى سبيل المثال، تشتهر المناطق الجبلية بالعديد من الأمراض، بينما تعاني المدن الساحلية من أمراض أخرى.

الموقع الفلكي

يشير هذا المصطلح إلى خطوط العرض والطول، وعلاقتها بانتشار الأمراض والأوبئة بشكل محدد، ومن أبرز الأمثلة الملاريا التي يلاحظ انتشارها في المناطق المدارية، ويمكن تطبيق ذلك على الأمراض المعدية الأخرى .

مظاهر السطح

يتأثر الجغرافيا الصحية بالتضاريس السطحية للبيئة، مثل تأثير الضغط الجوي وارتفاع الأرض عن سطح البحر، وعلاقته بتوفير الأكسجين اللازم للتنفس، وهذا يؤدي إلى حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي العلوي وبالتالي الرئتين، مما يسبب مشاكل مثل الربو وغيرها من الأمراض.

التركيب الجيولوجي

يؤثر الجيولوجيا الصحية بتركب الأرض الجيوي عن طريق ربط بعض الأمراض ببعض المناطق، حيث يؤثر أمراض مثل مرض السرطان اللعين بتركب الصخور المعدني والتركب الكيميائي للتربة، وهناك أمراض ترتبط بنسبة الزنك، أو الكوبالت والكروم الموجودة بالأرض .

المناخ

ترتبط الجيولوجيا الطبية أو الصحية بالظواهر المناخية أيضا، فهناك أمراض وبائية أو معدية تتعلق بفصول السنة والطقس وعوامل المناخ، حيث تنشط بعض الأمراض في الصيف مثل الالتهاب الرئوي والأنفلونزا، وتنتشر بعض الأمراض الأخرى مثل التيفود والدوسنتاريا، وتزداد بعض الأمراض في الربيع مثل الحساسية والحمى والحصبة، وتختلف هذه الأمراض خلال فصل الشتاء، حيث ينشط مرض الالتهاب الرئوي والأنفلونزا، وتنتشر بعض الأمراض الأخرى مثل البرد .

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى