ما هي الفتن في سورة الكهف ؟.. وقصصها
ما هي الفتن في سورة الكهف
يعرف المسلمون جيدا أن القرآن الكريم يحتوي على العديد من العبر والعظات التي توجههم نحو الخير والجنة في حياتهم، وتحذرهم من النار والعذاب، ومن تلك العبر هي الفتن المذكورة في سورة الكهف والتي تشمل فتنة المال وفتنة الدين وفتنة العلم وفتنة السلطة والقوة والجاه
الفتنة الأولى هي فتنة الدين
فتنة الدين هي الاختبار الأول الذي تعرضت له سورة الكهف بالتفصيل، حيث إن المؤمن في الحياة الدنيا لن يسلم من تأثير البشر الذين يؤذونه في دينه، ويتعرض لمكائد الشيطان. وستستمر الصراع الأبدي بين المؤمن الذي يتمسك بدينه وبين الشياطين من الجن والإنس الذين يريدون إغواء المؤمنين عن دينهم، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن الذي يتمسك بعبادة ربه وتعاليمه بالشخص الذي يمسك بالجمر بقوة بسبب الفتن التي تواجهه. وأكدت الآيات القرآنية على ما يتعرض له المؤمنون وخاصة في سورة الكهف، حيث أن الذين يتمسكون بدينهم يعانون من الاضطهاد الذي دفع المؤمنين في ذلك الوقت إلى الهرب والاختباء في الكهف خوفا من القتل أو العودة إلى الكفر. ويجب على المسلم أن يتعلم من هذا الدرس أنه إذا لم يشعر بالأمان في دينه بسبب المحيطين به، فيجب عليه الهجرة والفرار، وهذا درس هام يمكن استخلاصه من سورة الكهف
الفتنة الثانية فتنة المال
المال هو واحد من أكثر الفتن التي يتعرض لها الإنسان، فهو ربما يكون الأكثر تأثيرا على الإنسان بشكل عام. حيث وصفه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بأنه ما يحبه الإنسان بشدة، وهو زينة الحياة الدنيا. لذا، فإن فتنة المال هي فتنة عظيمة، قد يتعرض لها الأغنياء والفقراء بشكل متساو. فقد يغري الأغنياء بثرواتهم، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف، حيث يغري صاحب المال بما لديه من جنات، إلى درجة يعتقد أنه يستحق ذلك وأنه لا يمكن أن يفقد ذلك. وأيضا، قد تكون فتنة للفقراء الذين قد يغري بثروات الآخرين، كما حدث في قصة قارون. وفي سورة الكهف، توضح فتنة المال وما ينتج عنها، وعلى المؤمنين أن يعلموا أن كل خير وثروة تأتيهم من الله، وأنها ليست دليلا على رضا الله عن عبده. وإلا، لما رزق الله العاصي والكافر بالمال والثروة
الفتنة الثالثة فتنة العلم
ربما لا يتخيل الإنسان وجود فتنة في العلم، ولكن سورة الكهف توضح وجود فتنة في العلم تماما كما هو الحال في المال والدين. فالإنسان يمكن أن يتعرض لفتنة العلم وينسى أن هذا العلم هو نعمة من الله عليه وليس بسبب مزية يتميز بها عن غيره. لذلك يجب عليه التواضع في معرفته وعدم الاستكبرار، وأن يعيد العلم الذي لديه لله وحده. وقد كرم الله العلماء في القرآن الكريم في أكثر من موضع، منها ما ذكر الله فيه أنهم أكثر الناس خشية لله. كما أن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تشير إلى أهمية العلماء والعلم في الإسلام. ومع ذلك، فإن مكانة العلماء والعلم في الإسلام عظيمة ومعروفة، ولكن هذا لا يعني أن العالم ينسى أن الله هو من يرزقه
الفتنة الرابعة والأخيرة فتنة الجاه والقوة والسلطة
فتنة القوة الجسدية والسلطة هي إحدى الفتن الأساسية التي يواجهها الناس في الوقت الحاضر، حيث يستند الكثيرون على القوة والسلطة وينسون أن القوة لله وحده، وأن العظمة والسلطان له أيضا، ولا يوجد أحد ينازعه فيهما. وتتحدث سورة الكهف عن هذه الفتنة في قصتها الرابعة، وتؤكد على أهمية أن يكون الشخص القوي ذو السلطة مؤمنا، وتقيا، وعبدا صالحا، وأنه لا يظلم الآخرين ولا يستخدم نعم الله للتسلط على الضعفاء
قصص الفتن المذكورة في سورة الكهف
سورة الكهف في القرآن الكريم تحتوي على أربع قصص مشهورة، وكل قصة منها تمثل فتنة من الفتن الأربعة التي تم ذكرها في السابق، وفيما يلي تفصيل قصة كل فتنة
قصة فتنة الدين
تدور قصة فتنة الدين حول قصة أصحاب الكهف، وتعريف سورة الكهف يشير إلى أنهم هم الذين حملت السورة اسم قصتهم، وهي أولى القصص. فهي تحكي قصة مجموعة من الشباب الذين آمنوا بالله وكفروا بما سواه، وخشوا من اضطهاد قومهم لهم، أو محاولاتهم لإرغامهم على التخلي عن دينهم. وهذا دفعهم للهروب من البطش، وقيل أن أمرهم رفع لملك يحكمهم، ولم يجدوا سبيلا للخروج من هذا المأزق، لذلك لجأوا إلى الكهف كمكان للمأوى، وكانت هذه خطوة استنجاد بالله، فرحمهم الله وتغشاهم برحمته، في معجزة لا تصدق، بقوا في الكهف على وضعهم لمدة ثلاثمائة سنة، ثم استيقظوا مرة أخرى، كما جاء في القرآن، في إحدى آيات الله، ليثبتوا أمر البعث بعد الموت، وليعرف الناس من هم وماذا حدث لهم، وليكونوا شاهدا على قدر وقيمة الإيمان بالله، والثبات في وجه الفتن والمغريات
قصة فتنة المال
وقصة فتنة المال ترويها قصة رجل يمتلك حديقتين، كان يسير مع صديقه وكلاهما ثريان. ومع ذلك، كان الأول من المؤمنين الذي كان ينفق ماله في سبيل رضا الله، بينما كان الثاني كافرا يغرور بثروته الوفيرة وجمال حديقته. نسى أنها هبة من الله له، وأدلى بأقوال كافرة تجاه نعم الله عليه وأن حديقته هي بفضل رضا الله عنه وستبقى إلى الأبد بما تحتويه من خيرات وأنهار وأشجار. عندما دخل حديقته وهو يرتكب الظلم بكفره، رأى الله عظته، وأصبحت حديقته خاوية وفارغة، حتى بدأ يندب حظه وما أنفقه عليها، ليدرك أن كل خيرة يأتي من فضل الله وليس من قدرته، ويجب أن يعتمد على الله ويستعيد الخير الذي فقده.
قصة فتنة العلم
في القصة الثالثة لنبي الله موسى وكليمه، عندما سأل إن كان هناك شخص يعلم أكثر منه في الأرض، كان يعلم أنه نبي الله وأنه كان من الأنبياء الذين لديهم عزم قوي، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك من هو أفضل منه، لذلك اعتقد أنه هو الأكثر علما بخلق الله، وبهذا أراد الله أن يعلمه أن العلم بلا حدود ولا يمكن لأحد أن يتمتع به بشكل كامل، لذلك أرسله الله ليلتقي بعبده الصالح الخضر ليتعلم منه العديد من الدروس في عدة قصص متتابعة، كانت القصة الأولى عندما التقى بالرجل الصالح وموسى عليه السلام على متن سفينة للفقراء، وقام بخرقها لتجربة علمية لديه، لكن موسى عليه السلام رفض ذلك الفعل
ثم يلتقي الولد بالرجل الصالح ويقتله، فتدهش موسى عندما يرى كيف يقتل رجل صالح نفسا لم ترتكب أي معصية. ثم يدخلان قرية يرفض سكانها إكرامهم كأنهم غرباء عنهم، فيجد الرجل الصالح جدارا متهالكا يكاد يسقط، فيقوم بإعماره وإصلاحه، فيدهش موسى من فعله الخير في حق أقوام سيئة رفضوا ضيافتهم. فيختتم الرجل الصالح رحلته مع موسى بسبب عدم صبره على تعلم الدروس ويحدثه عن ثلاثة أحداث حدثت معه.
في القصة الأولى، خرق الرجل الصالح حفاظا على السفينة من ملك يغتصب السفن، فإذا وجد عيب في السفينة، كان ينبغي للرجال تركها لأصحابها وإصلاحها بعد ذلك بسهولة. أما الغلام فقد أطلع الله الرجل الصالح على مستقبله، والذي كان مقدرا له أن يصبح عاص وفاجرا يرهق والديه، وأراد الله تعالى أن يبدلهما بغلام صالح. وكانت القرية لغلامين يتيمين ترك والدهما لهما تحت هذا السور، الذي كان على وشك السقوط وكنزا لهما. فقد كاد السور يسقط ويكشف الكنز قبل أن يكبرا ويستخرجا ثروتهما
قصة فتنة القوة والسلطة
هذه هي القصة الرابعة والأخيرة في سورة الكهف، وهي قصة ذي القرنين العبد الصالح الذي أعطاه الله القوة والسلطة، وسافر في الشمال والشرق، واستخدم ما أعطاه الله من نعم فقط في الخير، حتى عندما طلب منه قوم يخشون الفساد والتدمير من قوم يأجوج ومأجوج المساعدة في النجاة، استخدم نعم الله لصالح الناس دون أن يطلب أي أجر، مع اعترافه بفضل الله عليه