ادب

ما هي الرؤية السردية وانواعها

الرؤية السردية هي أحد أسس العمل الروائي، حيث يعتمد عليها السرد الأساسي والحوار. تعكس الرؤية السردية الطبيعة التي يرغب الراوي في توضيحها. يمكن أن تؤثر بشكل جوهري على الشكل النهائي للعمل وتأخذه في مسار مختلف عن طبيعة الرواية. تعتمد الرؤية السردية بشكل أساسي على الأسلوب الأدبي، ولا يمكن للراوي أن ينحرف عن الأساليب الأدبية الأساسية، لكي لا يفقد السردية الأساسية. يجب على الراوي أن يكون على دراية كافية بسمات وخصائص الأسلوب السردي، حتى ينتج عملا مميزا يجمع بين المعرفة والخيال الواسع والمهارة.

ما هي الرؤية السردية

يختلط الكثيرون بين السرد وبين الفنون الأدبية الأخرى كالحوار والوصف، ولكن السرد هو نوع من النصوص الأدبية يتضمن سرد الأحداث بتسلسل زمني واتباع أنماط النص السردي المتعارف عليه، ويجب على الراوي مراعاة تطور الأحداث والأدوار لتفادي تشتت القارئ وجعل العمل غير ركيك وممل .

يجب فهم الفرق بين السرد والحوار، فالسرد هو الطريقة التي تستخدم لعرض القصة وتبيان سير الأحداث، في حين أن الحوار هو الحديث الذي يتم بين الشخصيات، ويشكل السرد الإطار العام للقصة، بينما يشكل الحوار التفاصيل.

من أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في الرؤية السردية:

أن يكون الراوي على قدر كبير من توظيف الرؤية السردية فيما يفيد النص، بحيث يتبع النص ويخدم الفكرة، أي يخرج بالعبرة المناسبة في السياق، بمعنى أوضح إن كان النص دينياً، يجب أن تكون النتيجة النهائية والعبرة في امر ديني، فمن المهم أن لا يقوم الراوي بخلط المواقف والقصص، حيث يؤدي ذلك لتشتيت الزهن والملل لدى المروي لهم، فيجب الالتزام إذا كان النص سبق صحفي فيجب أن يخدم السبق، أو موضوع سياسي فيجب أن لا يخلطه بأمر ديني، ولا خلط الحقائق بالأساطير والروايات الخيالية، فالنصوص تلمع حين  يتم توظيفها في السياق.

أنواع السرد

تختلف أنواع السرد عن أنماط الراوي في الرواية حيث تتعلق الأنواع الثلاثة للرؤية السردية بأساليب السرد المختلفة، ويتم شرح كل منها بشكل منفصل لتتمكن من استيعاب تفاصيل الكتابة السردية وأصولها

الرؤية من الخلف

يتميز هذا النوع من السرد بالشمولية والدقة، حيث يكون الراوي ملما بشكل كبير بالشخصيات الموجودة في القصة، حتى أنه يستطيع أن يتجول في أفكارهم ويعرف تفاصيل تفكيرهم. يظهر ذلك بوضوح من خلال وجود الراوي في جميع التفاصيل، حيث يروي أدق التفاصيل، وخاصة عندما يتقن تقنيات السرد بشكل أساسي ليجعل النص يشعر القارئ بأنه قد تجول وتنقل في عقول أبطال الرواية

الرؤية من الخارج

وهي الرؤية السطحية، حيث يبدأ  الكاتب أقل معرفة بمجريات الأمور، فتكون الرواية شاملة القشرة فقط ، ولا سيما أن أذهان الأبطال أو الشخصيات تكون غير واضحه للكاتب فيصبح الولوج إلى الأعماق عسير، مما يشعر القارئ إنه لم بتناول وجبة دسمة من المعلومات، و أحيانًا يكون هذا النمط مناسب في بعض النصوص.

الرؤية المصاحبة

يتعامل الراوي في هذا النمط كما لو كان الشخصية نفسها، فيتم الارتباط بينهما ويصبح الراوي الشخصية نفسها، حيث يتحدث الراوي في هذه الحالة باستخدام الضمير الذي يشير إلى الشخصية، ويتحدث كما لو كان هو صاحب القصة، وفي كثير من الأحيان يستخدم الراوي ضمير الغائب في هذا النوع من السرد، ويتوفر هذا النوع من السرد في السرد الذاتي.

أنماط السرد

يوجد العديد من أنماط السرد، حيث يختلف كل نوع عن الآخر في مجموعة من العوامل الهامة مثل الأسلوب. يتم اختيار نمط السرد بناءً على الموضوع، ففي كتاب سرد أخباري عن المخدرات يمكن استخدام النمط المتسلسل أو السرد المتناوب أو النمط المتقطع. وفيما يلي توضيح لكل نوع على حدة

السرد المتسلسل

يقصد بالسرد المتسلسل، هو ذلك النمط الذي يهتم بشكل أساسي بترتيب الأحداث، إذ يستخدم هذا النوع من الأنماط السردية المتعارف عليها، فكرة التتابع الزمني والتاريخي لكل حدث، فتسير الأحداث بشكل مرتب بسيط، ولا سيما أن هذا النوع من الأنماط هو النوع الأمثل في سرد الموضوعات التاريخية، والقصص الواقعية، حيث إنها ترتبط بتواريخ وأزمنة مرتبة، كما أن الأحداث مترتبة على بعضها البعض.

ففي حالة التخلي عن هذا الأسلوب، يمكن أن يحدث تشتت في سرد القصة، وعندئذ يقع الراوي في مأزق عدم القدرة على نقل المعلومات وبالتالي يفشل. لذا، يجب معرفة نوع الموضوع الذي يسرده الراوي واختيار الأسلوب المناسب، حتى لا يصبح ضحية لعدم الوعي الكافي بما يكتب. في حالة سرد أخبار عن المخدرات، يجب اتباع الطريقة التسلسلية في السرد حتى يستوعب القارئ النتيجة والرسالة التي تكمن وراء الخبر، والتسلسل هنا يساعد في تحقيق الهدف الأساسي، وهو نقل المعلومة بشكل يخدم التوعية عن المخدرات، على سبيل المثال، أو تعريف المخاطر والسلبيات المصاحبة لها.

السرد المتناوب

وهو نوع لين من أنماط النصوص، حيث يتيح للسرد الراوي فرصة تعدد القصص وتعدد الشخصيات، وخاصة في هذا النمط من السرد حيث يمكنه ربط أكثر من قصة وإجراء مقارنات بين القصص والشخصيات. بالإضافة إلى ذلك، يتاح للراوي مساحة واسعة في سرد موقف من القصة الأولى ثم موقف آخر من قصة مختلفة، تماما كما يحدث في المشاهد الخاصة بالمسلسلات والأعمال الدرامية، التي تحتوي على عدد كبير من القصص المتنوعة، وليس فقط ذلك، بل يمكن أن تكون كل قصة مختلفة تماما عن الأخرى. ومع ذلك، فإن الراوي مطالب في نهاية القصة أو العمل بربط جميع الخيوط معا، حيث يجب أن يكون العمل السردي في النهاية كتلة واحدة، بهدف إيصال الوحدة والتناغم والترابط بين كل ما يتم سرده وعرضه.

السرد المتقطع

السرد المتقطع هو النمط الذي يعتمد أساسا على تسلسل الأحداث العشوائي أو غير المنظم، لكنه لا يعنى عدم تنظيم الأفكار، بل يعنى بداية القصة من النهاية أو من الموقف الحاسم، ونراه كثيرا في الأعمال الدرامية والسينمائية، حيث يبدأ العمل بالنهاية ويعود الكاتب للبداية ويستكمل السرد، أو يبدأ من المنتصف ويروى الماضي، ثم يعود مجددا للحاضر ويستمر مع الأحداث القادمة. قد لا يعتبر السرد المتقطع الأفضل للبعض، حيث يتسبب أحيانا في اللبس والتشتت وصعوبة تتبع الأحداث، لكنه في كثير من الأحيان يكون الأنسب للرواية، ولا يستطيع أحد سوى صاحب الرؤية أن يحدد كيفية تقديمها بطريقة تتناسب مع السرد.

خصائص النمط السردي

يتطلب الرؤية السردية فهمًا كافيًا لمجموعة من الخصائص المميزة التي يجب على الراوي أن يدركها، وتشمل هذه الخصائص:

  بساطة النص

يفضل دومًا في الأنماط والنصوص السردية الاهتمام بشكل أساسي بالبساطة، حيث إن الجمهور أو المروي لهم ليس دومًا من أصحاب المصطلحات أو المتخصصين، لذا فيجب استخدام الأسلوب البسيط، والذي يتناسب مع كافة الفئات، بينما لا يجب الهزل، فهناك فرق كبير بين الأسلوب الهزلي وبين الأسلوب البسيط، فالمقصود بالبساطة هنا، استخدام الأفكار التي تتناسب مع كافة الفئات، مع الالتزام بالألفاظ المتداولة والمتعارف عليها، كما يجب أن يبتعد الكاتب عن أي فكرة شائكة أو أي فكرة صعبة لا يتمكن المروي له فهمها، فالهدف الأساسي من وراء سرد النصوص والقصص، هو الوصول لأكبر قدر من الجماهير والقراء .

تحفيز الخيال

من بين الأمور الهامة جدًا هي تحفيز الراوي على خيال المروي له، حيث يزيد من شغفه وتعلقه بالراوي، ويعمل النمط السردي على تنشيط ذهن القراء وتخيل الأمور وكأنها الواقع.

السرد يتميز عن الفنون الأدبية بسماته وأسلوبه في الكتابة، إذ يمثل الإطار العام الذي يحتوي على جميع العناصر النصية، وهو الأسلوب الذي يختاره الكاتب للكتابة، ولذا يجب معرفة الفرق بين السرد والوصف والحوار وغيرها من الأساليب الأدبية.

استخدام الأساليب الأدبية الجمالية

الأسلوب الأدبي الذي يعتمد على النص الجميل والكلمات المنسقة والعبارات الناعمة، ينال مكان في قلب القراء، وتحفر الجمل، وتصبح اقتباسات، ومن أجمل ما يشعر به الكاتب على الاطلاق هو أن يسمع كلماته تردد وعبارته تكتب على اللافتات، ولا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي وفي البرقيات والإهداءات، لذا فالحرص على تركيب الجملة من أهم ما يجب على الكاتب أن يراعيه ويأخذه في عين الاعتبار، فالنصوص الجامدة لا تغري القراء، والعبارات الجافة لا تحفر في العقول ولا تحرك القلوب، فالكاتب والروائي يلعب على أوتار قلوب قرائه، ويعزف اجمل مقطوعات الأدب التي لا يمكن أن تسلاها العقول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى