تحدث الجزر الحرارية عندما تتعرض المدينة لدرجات حرارة أعلى من المناطق القروية المجاورة. المنطقة الحضرية تمثل المدينة، والمنطقة القروية تمثل الريف. يصل الحرارة والضوء من الشمس إلى المدينة والريف بنفس الطريقة، ويتعلق الفرق في درجات الحرارة بين المناطق الحضرية والمناطق الأخرى الأقل تحضرا بكيفية امتصاص السطوح في كل بيئة للحرارة وتحملها.
الجزر الحرارية
عندما تسافر إلى المناطق الريفية، ستجد أن الغالبية منها مغطاة بالنباتات، الأشجار، والأراضي الزراعية التي تحتوي على معظم أنواع المحاصيل.
تأخذ النباتات الماء من التربة عن طريق جذورها، ثم تخزنه في سيقانها وأوراقها. ينتقل الماء بعد ذلك إلى فتحات صغيرة في الأوراق حيث يحول إلى بخار ويطلق في الهواء. يطلق على هذه العملية اسم التبخير، وتعد هذه العملية جزءا من وظيفة التكييف الهوائي. وعندما تزور مدينة كبيرة، لن تجد العديد من النباتات، بل سترى بدلا من ذلك المباني الشاهقة والطرق والممرات السريعة. هذه الهياكل مصنوعة من مواد مثل الإسمنت والأسفلت والزجاج والطوب والحجر.
الجزر الحرارية والمدن
أولا، المواد مثل الإسفلت والطوب عادة ما تكون بألوان داكنة مثل الأسود والبني والرمادي. تمتص المواد الداكنة جميع أطوال الموجات من الطاقة الضوئية وتحولها إلى حرارة، مما يسبب ارتفاع درجة حرارة هذه المواد. وعلى العكس، المواد البيضاء تعكس جميع أطوال الموجات الضوئية. وبالتالي، لا يتحول الضوء إلى حرارة ولا يزيد مستوى حرارة الأشياء الفاتحة. ونتيجة لذلك، تمتص المواد الداكنة مثل المواد البنائية الحرارة من الشمس.
للتقليل من درجة حرارة الجزر الحرارية، بعض المدن تقوم بتغطية إسفلت الشوارع الأسود، والسطوح الغامقة بطلاء رمادي عاكس. هذه التغيرات يمكنها أن تقلل درجة الحرارة بشكل كبير لاسيما خلال فصل الصيف. زرع النباتات على سطوح المباني يمكن أن يساعد أيضا في ترطيب المدن ومن الممكن توفير كمية كبيرة من المال كل عام في نفقات الطاقة.
المواد البنائية هي من أسباب عدم تلطيف درجة الحرارة في المدن. معظم المواد البنائية هي سطوح منيعة. هذا يعني أن الماء لا يمكن أن يتدفق من خلال الطوب أو الإسمنت كما يفعل في النباتات. بدون دورة التدفق والتبخر للماء، لا يمكن لهذه السطوح فعل شيء لترطيب الجو. للمساعدة في تقليل درجة الحرارة، البناؤون يمكن أن يستعملوا موادا تسمح للماء بالتدفق من خلالها، هذه المواد تسمى بالمواد القابلة للاختراق، فهي تسمح بتدفق الماء خلالها، فتساهم بذلك في ترطيب المناطق الحضارية.
أسباب حدوث الجزر الحرارية
- الأسطح المعبدة : الأسطح المعبدة مثل الطرق ومواقف السيارات التي لا تسمح بتسرب الماء، تمتص الإشعاع الشمسي وتحوله إلى حرارة. بالإضافة إلى ذلك، هذه الأسطح تكون محكمة بحيث يتم توجيه تدفق المياه إلى النظام المطري بدلا من امتصاصها من قبل النباتات أو الأجسام المائية، وهذا يساعد في ترطيب الجو من خلال التبخر والتنقية.
- الأسطح الغامقة : تمتص الأسطح الغامقة معظم الطاقة على شكل حرارة، وتمتص أيضا إشعاع الشمس على شكل حرارة، دون أن تعكس هذا الإشعاع، مما يؤدي إلى زيادة درجة حرارة هذه المباني بشكل أكبر من الأسطح ذات الألوان الفاتحة.
- الكتلة الحرارية : تحتوي هذه المباني على العديد من الكتل الحرارية، مما يعني أنها تمتص الكثير من الحرارة في النهار ولا تطلقها في الليل إلا بشكل محدود.
- عدم وجود الغطاء النباتي : يمكن للنباتات والأشجار أن توفر الظل والترطيب للجو خلال عملية النتح، ومع ذلك، توفر المناطق التي تحتوي على سطوح معبدة مساحة قليلة للعمليات الطبيعية الخضراء.
- الحرارة المفقودة : تنتشر مكيفات الهواء الميكانيكية الحرارة في البيئة حول المباني، وبالتالي تزيد من المشكلة.
- التغيرات الحرارية : الجزر الحرارية الحضرية تؤثر أيضا في تغيرات المناخ حول العالم، وهذه المشكلة تتغذى ببساطة على نفسها.
طرق تقليل ظاهرة الجزر الحرارية
انظر إلى مبناك
أي تحسين يمكن أن يكون مفيدًا، بدءًا من الاستراتيجيات التي يمكنك تطبيقها، خصوصًا إذا كان الهدف هو تحقيق مكاسب أكبر من مجرد تقليل تأثير الجزر الحرارية الحضرية.
عند التفكير في إعادة تعبيد الطرق أو مواقف السيارات، يجب النظر في استخدام مواد قابلة للاختراق، حيث يمكن للماء أن يتدفق خلال هذه المواد القابلة للاختراق، مما يسمح للنباتات بامتصاصها وترطيب الجو.
استخدام السطوح العاكسة
الطلاءات والتعديل التحديثي هي منطقة أخرى يمكن بالعمل عليها أن تجلب لنا فوائد كثيرة. السطح العاكس الذي يمتص الشمس بشكل أقل من السطوح العادية يقلل درجة حرارة السطح، هذا بدوره يقلل مساهمة هذا السطح في الجزر الحرارية المحلية وأيضا يقلل درجة حرارة المبنى بطريقة بسيطة وغير مكلفة.
كلما كان السطح عاكسا أكثر كلما ازدادت فعاليته في التقليل من درجة حرارة السطح درجة استقبال المبنى للحرارة. المواد العاكسة تعني المواد البيضاء او الفاتحة، لكن السطع العاكس ليس محدودا بالمنتجات البيضاء. الابتكارات في الألوان يمكن أن يعطينا منتجات تبدو متشابهة في أعيننا ولكنها تعكس كمية كبيرة من الأشعة تحت الحمراء.
النماذج الأولية التي تم إجراء اختبارات عليها في المختبر تظهر سطوح عاكسة باللون الازرق، لون الشوكولا البنية، لون الطين وحتى اللون الأسود الذي أجريت عليه التعديلات. هذه الألوان توفر سطوح عاكسة أكثر بحوالي عشر مرات من الألوان غير العاكسة على الرغم أن هذه الألوان تبدو نفسها للعين المجردة.
منتجات البحث : يجب الآن فحص المنتجات المتاحة في السوق واختيار تلك التي تعكس الإشعاعات الشمسية وتحقق أيضًا من مدى امتصاص الحرارة
تأثير الجزر الحرارية
الجزر الحرارية هي أحد أبسط الطرق لتقييم تأثير تصرفات الإنسان على الكوكب. فالأرصفة ومواقف السيارات وناطحات السحاب لم تكن موجودة من تلقاء نفسها. وعلى الرغم من أهمية هذه البنى في التنمية، يمكن أن تكون الجزر الحرارية خطرة على البشر. يمكن أن تتسبب درجات الحرارة العالية في الجفاف وضربات الشمس، وتستهلك درجات الحرارة المرتفعة طاقة كبيرة لتشغيل المراوح ومكيفات الهواء. يمكن أن يؤدي ذلك إلى إنفاق طاقة كبيرة ويؤثر أيضا على صحة المجتمع.
مستقبل الجزر الحرارية الحضرية
يرون العلماء أن تأثير الجزر الحرارية الحضرية يمكن أن يرفع درجة الحرارة في المدن بعدة درجات مئوية مما يؤثر بدوره على صحة الإنسان، ويزيد تأثير الحرارة بالتغيرات المناخية في المجتمعات الحضرية.
تشير دراسة أجريت إلى أن الجزر الحرارية الحضرية يمكن أن تتسبب في احتباس حراري أكبر في بعض المدن، بالإضافة إلى الاحتباس الذي يسببه التغيرات المناخية. وتشير الدراسة إلى أن أثر الجزر الحرارية الحضرية سيكون مساويًا لنصف أثر التغيرات المناخية في الاحتباس الحراري بحلول عام 2050 .
على سبيل المثال، إذا كانت المدينة تعاني من ارتفاع درجة حرارة 2 درجة مئوية بسبب التغيرات المناخية، فسيؤدي ذلك إلى زيادة درجة حرارة الاحتباس الحراري بسبب هذه الجزر. وفي بعض المواقع، يمكن للتأثير أن يصل إلى الضعف في تأثيره على الاحتباس الحراري، كما تشير هذه الدراسة.
أثر الجزر الحرارية يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار وتوضع له مشاريع فعلية واستراتيجيات للحد منه أثناء معالجة مشكلة الاحتباس الحراري لأنه جزء لا يتجزأ منها. هناك دراسة أخرى أجريت في عام 2017 قيمت الأخطار الاقتصادية بسبب الاحتباس الحراري، وجدت أن التأثيرات الإضافية للجزر الحضرية يمكن أن تسبب خسارات اقتصادية تضاف إلى تلك المتوقعة من التغيرات المناخية.