هذه التطبيقات تتيح لك طلب السلع الاستهلاكية وترتيب الحجوزات الفندقية وشراء تذاكر الحفلات الموسيقية، وطلب سيارات الأجرة، ودفع الفواتير المستحقة وغيرها من الأمور الأخرى. ولن تحتاج إلى استخدام أكثر من تطبيق واحد لإتمام كل هذه المهام .
يشكل “التطبيق الفائق” نظامًا اقتصاديًا يركز على احتكار وقت المستخدم بالكامل وتلبية جميع احتياجاته، دون الحاجة إلى استخدام تطبيقات متعددة لتلبية هذه الاحتياجات .
الفرق بين التطبيقات التقليدية و التطبيقات الفائقة
في العشرين سنة الأخيرة , قدم لنا وادي السيليكون نموذجاً من التطبيقات التي تتصف بأن لها غاية وحيدة للاستخدام ؛ أي أنه تم إن،ائها لمساعدة المستهلك لإنجاز إحدى مهامه دون غيرها . تتميز تلك التطبيقات التقليدية بأنها تحمل واجهة واضحة المعالم , وسهلة الاستخدام . وتم بناؤها بأسلوب معين يجعلها قابلة للتطور والانتشار على المستوى العالمي دون إجراء العديد من التغييرات عليها .
غير أننا شهدنا في الخمس سنوات الأخيرة نزعة جديدة ، تمثلت بظهور التطبيقات الفائقة من الصين . تمتلك الصين مجتمعا سكانيا متحضراً تغلب فيه الشريحة المتوسطة ، كما أنه يتصف بالنمو المتسارع والكثافة العالية , وهو ما مكّن شركات البرمجة من تحقيق طفرة نوعية ، مستفيدة من المعطيات السابقة .
بالطبع، يتتبع المستهلكون الشركات القادرة على تزويدهم بخدمات ذات واجهة واضحة وبسيطة. ثم تقوم تلك الشركة بإضافة مهام وخدمات أخرى للخدمة الأساسية، وتستفيد من نجاحها. وهذا يشجع المستثمرين الآخرين على إقامة شراكة مع هذا التطبيق، لكي يتمكنوا من تقديم خدماتهم من خلاله. وبالتالي، أصبح المستخدم الصيني معتادا على رؤية واجهة التطبيق المزدحمة، ويقدر قيمة تلك التطبيقات التي تلبي جميع احتياجاته في مكان واحد. وسيكون هذا المستخدم مخلصا للتطبيق الذي يتميز بسهولة الاستخدام والعملية، ويقدم خدمات عالية الجودة ويتيح تجربة متعددة الأوجه .
نموذج التطبيق الفائق يحظى بنمو متسارع في الأسواق الناشئة مثل الهند وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا. تم تصميم النموذج الأمريكي، أو ما يعرف بنموذج وادي السيليكون، للنمو عموديا والانتشار عالميا. بينما يركز المطورون للتطبيقات الفائقة على التوسع أفقيا وفرض هيمنتهم على مناطق جغرافية محددة .
علاقة التطبيقات الفائقة مع الأسواق الناشئة
تعد الأسواق الناشئة فرصة مثالية للشركات الجديدة لتحقيق نجاحات مذهلة، نظرا لعدم وجود بنية تحتية سابقة لها، وبالتالي، لن تواجه تلك الشركات ضغوطا كبيرة ناتجة عن المنافسة، ولن يتعين عليها الالتزام بمعايير محددة مسبقا من قبل أطراف أخرى، وبإمكانها بناء كل شيء وصياغته بطريقة فريدة تناسب جيل جديد من مستخدمي الإنترنت .
بالإضافة إلى ذلك، نظرا للزيادة السريعة في معدلات امتلاك الهواتف الذكية في هذه الأسواق والوصول إلى الإنترنت من خلالها، سيتواجد كل عام ملايين من المستهلكين المحتملين الجدد الذين يتصلون بالإنترنت للمرة الأولى. وهنا تلعب تلك الشركات دورا في محاولة استقطاب هؤلاء الوافدين الجدد، من خلال قدرتها على توفير طرق فعالة للوصول السريع إلى الخدمات والبضائع عبر قنوات التوزيع المباشرة .
سبب آخر مؤثر لنجاح تلك التطبيقات الفائقة هو تراجع القدرة الشرائية المتوسطة للمستهلك العادي في الأسواق الناشئة. فنصيب الشخص الواحد من الناتج المحلي الإجمالي في الهند يصل إلى 2,000 دولار فقط، مقارنة بـ 60,000 دولار في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل هذا التناقص في الإنفاق، يصعب على تطبيق واحد تحقيق أرباح كافية أو البقاء والتفوق على المنافسين. وبالتالي، يحتاج التطبيق إلى تقديم خدمات متعددة وبناء نظام اقتصادي تدريجي يتمحور حوله، لكي يستطيع حجز مكانة ثابتة لنفسه في مثل تلك الأسواق .
مزايا التطبيقات الفائقة
- تختصر الطريق لأداء العمل المطلوب
- تقدم العديد من الخدمات المتنوعة
- تمكن المستخدم من الحصول على تجربة فريدة وموحدة
- يساهم في الحفاظ على ذاكرة الجهاز ويمنع امتلاءها .
- يمكن للتجار المحليين والأجانب الوصول بسهولة إلى الأسواق والتجزئة .
أمثلة على التطبيقات الفائقة حول العالم
We chat
حرصت الشركة المالكة للتطبيق على تحويل التطبيق من كونه مجرد تطبيق لإرسال الرسائل النصية أو لأداء مهام محددة منفصلة، إلى أن يصبح تطبيقًا يشجع المستخدمين على استخدامه للقيام بالمزيد والمزيد من المهامات، وذلك لجذب عدد أكبر من المستخدمين، فقد وصل عدد المستخدمين النشطين شهرياً لهذا التطبيق إلى حوالي مليار مستخدم في أيامنا هذه .
إلى جانب الخدمة الأساسية لإرسال الرسائل، أصبح بإمكان المستخدم الوصول إلى العديد من الخدمات الأخرى ذات الطابع الاقتصادي. من بينها، شراء تذاكر حضور أفلام السينما، وطلب توصيل الطعام، ودفع فواتير الخدمات، وإرسال الأموال إلى الأصدقاء. وتتم تقديم كل هذه الخدمات مجتمعة من خلال تطبيق واحد فقط. لذا، ليس من المفاجئ أن نعلم أن هذا التطبيق يستخدم حاليا من قبل ثلثي الصينيين .
Alipay
وهو تطبيق مملوك لمجموعة علي بابا الصينية. ويوفر هذا التطبيق إمكانية الوصول بسهولة وعبر الهاتف المحمول لشراء المنتجات والخدمات والدفع لها من المطاعم المحلية والمتاجر، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على كوبون جسم إلكتروني ومشاركة التوصيات حول المنتجات مع الأصدقاء والعديد من المزايا الأخرى. وبالتالي، وصل عدد مستخدمي التطبيق لأكثر من 230 مليون مستخدم يوميا .
Grab
أصبح هذا التطبيق ذو مكانة مهمة بين المستخدمين في جنوب شرق آسيا، ويعتبر التطبيق المستخدم لكل شيء وكل يوم. فهو ليس مجرد تطبيق لخدمات النقل المشترك، بل تجاوز ذلك ليشمل خدمات توصيل الطعام الجاهز وخدمات الدفع الإلكتروني والمزيد .
Go-Jek
لا يقاتل (grab) وحده بمفرده في سباق السيطرة على منطقة جنوب شرق آسيا، فهناك منافسه الأقوى (goJek) الذي يوسع نطاق عمله خارج إندونيسيا، بلد الأصل له .
وفي طريقه ليصبح تطبيقا فائقا ، بدأ goJek إدارة عمليات حجوزات السيارات والدراجات من أجل خدمات التوصيل والدفع من أجل ذلك ، و تطور بعدها ليقدم خدمات متنوعة بدءا من توصيل الطعام , مرورا بخدمات التكنولوجيا المالية , و وصولا لإمكانية إرسال الرسائل النصية . ووصلت قيمة التطبيق حاليا إلى ما يقارب ال 5 مليارات دولار أمريكي .
Zalo
وهو المنصة الأساسية للدردشة في فيتنام، حيث يستخدمها أكثر من مئة مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم. ووفقا للبيانات اليومية، يتم إرسال 900 مليون رسالة نصية وإجراء 50 مليون دقيقة من المكالمات الصوتية عبر هذا التطبيق، بالإضافة إلى تبادل 45 مليون صورة .
يستطيع المستخدمون أيضًا الاطلاع على حالة الطقس وشراء تذاكر الطيران، ودفع فواتير المياه والكهرباء .
بالتأكيد، ستكون هناك بعض الآثار السلبية المحتملة لاستخدام هذه التطبيقات، مثل الكشف عن الكثير من المعلومات الشخصية لدى المستخدمين. ولا يوجد ضمان حقيقي للحفاظ على تلك المعلومات بشكل آمن تماما وضمان عدم وصول أي جهة خارجية إلى تلك المعلومات الخاصة جدا. ولكن المزايا الكبيرة التي توفرها هذه التطبيقات المتقدمة تبرر بعض العيوب، حيث تجاوزت كل الحدود لتصبح شريكا يوميا لا غنى عنه للمستخدمين، من خلال تقديم خدمات الاتصال والمال والأعمال والترفيه وتسهيل إنجاز المهام اليومية وتوفير الوقت للمستخدمين .