علم النفسعلم وعلماء

ما هي التشوهات الإدراكية ؟.. وأشكالها بالأمثلة

ما هي التشوهات الإدراكية

التشوهات الإدراكية، أو التحريف المعرفي، هي أفكار غير عقلانية ومبالغ فيها يحاول المخ إقناعنا بها، على الرغم من عدم صحتها، ويمكن أن تؤدي إلى حالات من الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب، والغرض من هذه الأفكار هو إثارة مشاعر سلبية تجاه شيء ما، وعلى الرغم من أن هذه الأفكار قد تبدو منطقية، فإنها عادة ما تولد مشاعر سيئة لدينا

ومع ذلك، يرون بعض المعالجين الإدراكيين أو المعالجين المعرفيين أن هذه الأفكار غير العقلانية هي بعض الأفكار التي تكمن في عقل بعض الأشخاص الذين يرون الواقع بشكل غير دقيق، وبالتالي، فإن هذا النمط من التفكير يولد مشاعر سلبية لدى الأشخاص، لأن طريقة التفكير هذه تتداخل مع طريقة شعور الشخص، وبالتالي تقوم هذه الأفكار بتغذية المشاعر السلبية مما يؤدي إلى نظرة تشاؤمية وسلبية تجاه كل شيء في الحياة، وبالتالي يصاب الشخص بالاضطرابات النفسية كما ذكرنا

وضع الطبيب النفسي أرون بيك الأساس النظري لدراسة هذه التشوهات الإدراكية، وأكمل تلاميذه دراسة هذه الأنماط الفكرية والبحث عن طريقة للتخلص منها. عندما يتلقى المريض العلاج النفسي، يستخدم المعالجون والاختصاصيون الأساليب المعرفية لمساعدته على إعادة التفكير في الأفكار السلبية، وبالتالي القضاء على هذه التشوهات الإدراكية بمرور الوقت. ويتحقق ذلك من خلال استبدال الأفكار السلبية بأفكار أكثر عقلانية وواقعية

أمثلة على التشوهات الإدراكية

من الأمثلة على التشوهات الإدراكية أن يقول الشخص لنفسه مثلًا: أنا دائما أفشل عند محاولة شيء جديد في حياتي، لذلك سوف يكون لدي الفشل بالتأكيد في أي محاولة أخرى. ” هذا مثال على نوع من التشوهات الإدراكية المعروف باسم “التفكير القطبي” أو “التفكير الأبيض والأسود“، وفي هذه الحالة يرى الشخص الأشياء فقط بصورة مطلقة، حيث إذا فشل في شيء ما، فسيفشل بالضرورة في أي شيء آخر، وإذا أضاف إلى هذا الفكرة بأنه سيكون خاسرا تماما، فإن هذا سيكون نوعا من “التعميم المفرط

أنواع وأشكال التشوهات المعرفية

تشمل التشوهات المعرفية، التشوهات الإدراكية التي تأخذ عدة أشكال مختلفة، ومن بينها

  • التفكير بطريقة ثنائية الأبيض والأسود Black and White Thinking

التفكير بطريقة أبيض وأسود أو كما في الإنجليزية (black and white thinking) أو طريقة القطبي هذه الحالة لا يستطيع الشخص رؤية الأشياء إلا بصورة مطلقة، أي أنه يرى أنه إذا حدث وفشل في شيء ما  بالتأكيد سيفشل في أي شيء آخر، إما ان يكون الشخص كاملًا أو فاشلًا تمامً، لا يوجد لديهم أمر وسط، بل كل الأمور تميل إلى كونها مطلقة تمامًا، أي لا يوجد رمادي، وإذا كنت مصاب بهذه الحالة إذا قمت بفعل شيء أقل من الممتاز بدرجة بسيطة سترى نفسك فاشلًا على الرغم من نجاح مجهودك.

  • القفز إلى الاستنتاجات Jumping to Conclusions

في هذه الحالة يميل الأشخاص إلى الاعتقاد بأنهم يعرفون كل شيء عن الآخرين، يعرفون تفكير الأشخاص من حولهم والدوافع الخفية وراء تصرفاتهم الظاهرة، ويشكلون الأحكام ويقفزون إلى الاستنتاجات بناء على تلك الاستنتاجات الخاصة بهم، دون أن يسعوا لفهم طريقة تفكير الطرف الآخر أو سؤاله عن دوافعه، وبالطبع هذا النهج في التفكير غير صحيح، فلا يوجد شخص يعرف كل شيء كما يعتقدون، وهؤلاء الأشخاص نادرا ما يبذلون جهدا للتحقق مما إذا كانت افتراضاتهم واستنتاجاتهم صحيحة أم لا، بل إن افتراضاتهم وأفكارهم لا تقبل الخطأ بل هي مطلقة.

  • الشخصنة Personalization

الشخصنة أو كما تعرف في الإنجليزية باسم (Personalization) وهو أحد التشوهات الإدراكية التي يظن فيه الشخص أن أي شيء وأي رد فعل من الأخرين هو موجه له شخصيًا، أي أن كل ما يقوله الأخرون أو يفعله يحمل في باطنه معنىً آخر وهو موجه لشخصه، يميل الأشخاص هنا إلى تحمل مسؤولية وقوع أي خطأ من حولهم، وأن الأخرين فقط لا يقوموا بإخبارهم عن أنهم السبب، وأنهم مشتركون في أي فعل خاطئ لذلك يتولد عن هذه الطريقة في التفكير مشاعر سلبية، كما أنهم يضعون أنفسهم في مقارنة مع الأخرين دائمًا، كي يحددوا من الأذكى منهم أو الأجمل.

  • التعميم المفرط Overgeneralization

التعميم المفرط هو شكل من أشكال التشوهات الإدراكية حيث يتم التعميم بشكل مفرط في جميع الأمور، فإذا حدث شيء سيء مرة واحدة في تجمع الأصدقاء ، فقد يعتقد الشخص أن ذلك سيحدث في كل مرة ، وهو خطأ.

  • التهويل Catastrophizing

التهويل أو كما يعرف في الإنجليزية باسم (Catastrophizing) وهو أحد التشوهات الإدراكية التي يميل فيها الأشخاص إلى تهويل الأمور، كما أنهم في ترقب دائم لوقوع أي كارثة أيًا كانت الظروف المحيطة، والأمر ليس مقتصرًا على هذا فقط، فالتهويل والتقليل يكون في شتى الأمور، مثلًا كأن يقلل من مجهود شخصٍ ما من حوله أو من مجهوده الشخصي أيضًا أو يهول من وقوع أي حادث، ويرى أنه حادث كبير، كما أنه يميل إلى التقليل من حوله رغم ما يبذلونه من مجهود، أو كأن يقلل من صفاتهم الحسنة.

  • مغالطات التحكم Control Fallacies

مغالطات التحكم أو ما يعرف بالإنجليزية بـ (Control Fallacies) هي تشوهات إدراكية تجعل الشخص يعتقد أن أي خطأ يحدث بسبب أفعاله هو نتيجة لتحكم الآخرين فيه، وأننا نكون ضحايا للتحكم الذي يتم علينا من قبل الآخرين، أو أن الشخص قد يعتقد أنه مسؤول عن سعادة أو ألم من حوله وعن كل ما يحدث لهم، على الرغم من أنه قد لا يكون له أي دور في ذلك، على سبيل المثال، الشخص يعتقد أنه غير سعيد بسبب ارتكابه شيء سيء، في حين أن الواقع ليس كذلك. 

  • مغالطة العدالة Fallacy of Fairness

مغالطة العدالة أو كما تعرف في الإنجليزية باسم (Fallacy of Fairness) هو أحد التشوهات الإدراكية التي يميل فيها الشخص إلى الاعتقاد بأنه يعرف كل ما هو عادل في جميع الأمور، ولكن من حوله لا يشاركونه الرأي، أو أن الشخص يقيس جميع الأحداث التي تحدث حوله من منظور العدالة فقط. وبالتالي، ينشأ هذا الشعور السلبي والسيء، لأنهم يرون الحياة غير عادلة. ولكن عليهم أن يدركوا أن الأشياء لا تحدث دائما لصالح أي شخص، وأنه طبيعي أن تختلف موازين الأمور في بعض الأحيان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى