ما هي أفضل مراتب القراءة
ما هي أفضل مراتب القراءة في القرآن الكريم
يعتبر قراءة القرآن الكريم فضيلة عظيمة، حيث حثت الآيات والأحاديث النبوية الشريفة على تلاوته وفهم معانيه وتدبر آياته والعمل بها، وتوجد مراتب مختلفة للقراءة، فما هي أفضل هذه المراتب
تتألف قراءة القرآن الكريم من ثلاثة مراحل، ويمكن تقسيم هذه المراحل بناءً على سرعة الأداء أو البطء في التلاوة، حيث تصبح المراحل الثلاث كما يلي:
- القراءة بالتحقيق
تعني كلمة “تحقيق” في اللغة العربية التدقيق والتأكد، وفي اصطلاح العلماء، عرفها الإمام ابن الجزري بأنها “إعطاء كل حرف حقه من إشباع المد وتحقيق الهمزة وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات وتوفية الغنات وتفكيك الحروف وإخراج بعضها من بعض، بالسكت والترسل واليسر والتؤدة ومراعاة الوقوف
تعني مرتبة التحقيق بالقرآن الكريم القراءة البطيئة والهادئة مع الانتباه لجميع أحكام التجويد أثناء القراءة دون إفراط أو تقصير.
- القراءة بالحَدْر
يعرف الحدر في اللغة بأنه سرعة القراءة، وفي الاصطلاح، قد وصفه الإمام ابن الجزري، المعروف بإمام القراءة، بأنه `إدراج القراءة وزيادة سرعتها، وتقليلها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمز وما شابه ذلك مما صححه الرواة وورد في القراءة، مع التفضيل للوصل وتنظيم الإعراب، واعتناء بتحسين النطق وتمكن الحروف
الحدر هو القراءة السريعة، ومن العوامل التي يمكن أن تبطئ القراءة هي القراءة بالمد، لذا يتم في الحدر التخفيف من القراءة بالمد والاقتصار على القراءة بالقصر، مع الانتباه إلى الإعراب والاهتمام بكل حركات وأحكام التجويد، دون التخلي عن السرعة.
ويحتاج الناس أحياناً للقراءة بالحدر من أجل زيادة الحسنات، والحصول على فضل التلاوة لأكبر قدر من الآيات والسور، وهو ما يحتاجه أحياناً الناس في شهر رمضان من أجل ختم القرآن الكريم في هذا الشهر عدة مرات، لكن يجب الانتباه هنا في عدم إسقاط أحكام التجويد بسبب السرعة، وإسقاط الغنن، والمدود.
- القراءة بالتدوير
في اللغة، يشير مصطلح التدوير إلى جعل الشيء دائريًا أو على شكل حلقة، أما في الاصطلاح فإن التدوير يشير إلى التوسط بين القراءة التحقيقية والقراءة الحدرية.
يتم التأكيد هنا على مفهوم الترتيل، حيث يقترب الترتيل أكثر من مستوى التحقيق في تلاوة القرآن، كما في الآية `وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيْلاً`، ويتضمن الترتيل الالتزام الكامل بالأحكام والإعراب، وتفصيل الأحرف وصفاتها.
وبعد أن تم تحديد مراتب قراءة القرآن الكريم، تختلف آراء العلماء حول أفضل مراتب القراءة، فقد يكون الترتيل الذي يصاحبه تباطؤ في القراءة هو الأفضل، وقد يكون الحدر الذي يصاحبه تكرار في القراءة الأفضل، ولكن هذا الأمر متغير حسب الحالة والظروف.
يرى بعض العلماء أن القراءة المتكررة هي الأفضل لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، ولا أقول (الم) حرفا، ولكن ألف حرفا ولام حرفا وميم حرفا». ورواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وبالتالي، يفضل قراءة القرآن بشكل متكرر
يعتقد معظم العلماء أن أفضل مراتب القراءة هي القراءة بالتحقيق مع تدبر الآيات، حتى لو كانت القراءة قليلة، وذلك لقوله تعالى: “أفلا يتدبرون القرآن أم علىٰ قلوب أقفالها” [سورة محمد: 24]، ويتضح من هذه الآية أن المقصود من القرآن هو الفهم والتفقه والعمل به، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق القراءة بالتحقيق
حكم قراءة الحدر
بعد تحديد أفضل مراتب القراءة والتلاوة، يجب على المسلم العمل على قراءة القرآن الكريم ببطء ودون عجلة.
يجب أن يرتل آيات كتاب الله ترتيلاً، لأن هذا يساعد على فهم معاني آيات القرآن الكريم والتدبر فيها، ويجب قراءتها بالطريقة الصحيحة ونطق الحروف بشكل سليم، مع إعطاء أحكام التجويد حقها، والانتباه لصفات الحروف.
وممّا يدلّ على أهمية هذا الرأي قول الله -تعالى-: (وقم بتلاوة القرآن تلاوة متقنة)، وقد ثبت في الحديث الشريف عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عندما سئل عن قراءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم}[الفاتحة: 1]؛ يمد بـ{بسم الله}، ويمد بـ{الرحمن}، ويمد بـ{الرحيم})،
كما كانوا يفعلون رواة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يشجعون الناس على قراءة القرآن الكريم بتأمل وسكينة وفهم، وعلى الرغم من ذلك، يسمح للمسلم بالقراءة السريعة بحذر إذا كان قادرا على الالتزام بقواعد التجويد ومراعاة أحكام الإعراب، ولا ينبغي أن يقلل من جمالية القراءة أو يغضبها أو يقصر في الأحرف المطلوبة، وخاصة المد الذي لا يختلف في طوله، وكما يجب عليه ألا يغفل الحركات أو يتجاهلها، لكي تكون قراءته صحيحة ومقبولة.
وهناك أيضاً ما ثبت عن أم سلمة رضي الله عنها- عندما تحدثت عن تلاوة النبي -صلّى الله عليه وسلّم للقرآن الكريم- قالت: (كان يُقَطِّعُ قِراءَتَهُ آيةً آيةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
قراءة الزمزمة
هناك قراءة تعرف باسم الزمزمة، وهذه القراءة هي أعلى في الترتيب من قراءة الحدر. يقال أن الزمزمة هي القراءة بسرعة داخل الإنسان، بحيث تكون قراءة سريعة بصوت غير مسموع بين القارئ ونفسه، كأن الهدف الوحيد هو سماع القارئ لنفسه. وتعتبر هذه القراءة سريعة، ولم يتم التوصل إلى اتفاق حول صحتها، لذلك من الأفضل تجاهلها وعدم الاعتماد عليها.
تشير الهذرمة إلى قراءة القرآن بشكل سريع ومتسرع، وهي غير جائزة لأنها تفتقر إلى التفهم والتأمل والاستماع والتطبيق، وهذه العوامل هي أساس فضل تلاوة القرآن الكريم.
ما هي التلاوة
يقول الله سبحانه تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة من الآية:121]، ومن الآية يتضح أن المقصود بتلاوة القرآن كما يحب الله ويرضا أن تكون التلاوة بفهم وتدبر وفي هذا الأمر قال العلماء “ترتيل ألفاظِه وتفهُّم معانيه؛ لأنَّ ذلك أدْعَى إلى الاتباع لِمَن وُفِّق”.
وتعتبر طريقة قراءة القرآن الكريم، وتلاوته أسلوب لا مثيل له في غيره من الكتب، لأن طريقة تلاوة القرآن الكريم طريقة حسنة رائعة، فيها هدف القراءة كما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} [الكهف من الآية:27]، وقوله جلَّ من قائل: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} [المزمل من الآية:20].
طريقة تلاوة القرآن الكريم تعتمد على القراءة بحروف سليمة وصحيحة، وعدم الإخلال بكل حرف سواء في خروجه من غير مخرجه، أو عدم مراعاة صفات الحرف، وهو ما يجعل التلاوة جميلة وممتعة في القراءة.
وقد روى زيدُ بن ثابت رضي الله عنه: أفاد النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يحب قراءة القرآن كما نزل، وهو ما أورده ابن خزيمة في صحيحه.