ماذا يقصد بالخزف الزخرفي
الخزف هو نوع من الزينة المصنوعة من مواد غير عضوية مرنة قبل التصنيع وصلبة وقوية بعد التصنيع، ويمكن استخدامها في صنع الأواني والتماثيل الزخرفية المميزة، ويتفنن الفنانون التشكيليون في صناعة الديكورات الزخرفية.
أما الخزف يعرف لغة بأنه الذهب ثم يشبه به كل مموه مزور، وهو الزينة المزخرفة والمزينة، كما أنه الزخرف هو الحسنة والزينة وتزخرف يعني تزين وجمعه زخارف، ويعرف اصطلاحا بأنه أحد علوم الفنون التي تبحث في فلسفة التجريد والنسب والتناسب والتكوين والفراغ والكتلة واللون والخط وهي أما وحدات هندسية أو وحدات طبيعية، سواء كانت نباتية أو آدمية أو حيوانية، تحورت في أشكالها التجريدية وتركت المجال لخيال الفنان وإحساسه وإبداعه حتى وضعت لها القواعد والأصول.
الصرافة هي فن صوني روحاني يصف العمق الوجداني والنظرة التأملية للكون، حيث يتداخل شكلها الذي يجمع بين البداية والنهاية معا، مما يجسد سرمدية الحياة وأزلية الوجود. ويتم تنظيم الزخارف بطريقة علائقية تتضمن تفاعل المكونات الزخرفية المختلفة، سواء كانت هندسية أو خطية أو حيوانية أو إنسانية أو نباتية، وتتميز بأسس بنائية تخلق نظما جمالية متماكسة وتوليفات بصرية منسجمة في تنوعات الزخرفة ومظهرها التركيبي، وتضم أبعادا جمالية في الأعمال الزخرفية.
تعريف الخزف المينائي
الخزف المينائي هو أحد أرقى أنواع الخزف الإسلامي ، الذي ظهر كتطور لصناعة الخزف بعد انتشار الإسلام في العديد من البلدان التي اشتهرت بصناعة الخزف ، مثل العراق ومصر والشام وغيرها ، وعندما دخل الإسلام إلى هذه البلدان ، بدأ الخزافون في الابتكار والإبداع في صناعة المشغولات الخزفية بأسلوب إسلامي مميز وجميل ، ويتميز الفن الزخرفي المينائي بالألوان الزاهية والأشكال المتداخلة الجميلة التي تشير إلى الفن والحضارة الإسلامية.
تاريخ الخزف المينائي
شهدت صناعة الخزف في العصور الإسلامية تقدما كبيرا، حيث قام المسلمون بالسيطرة على مناطق كانت لها تاريخ طويل في هذا المجال مثل العراق ومصر والشام وإيران. ونتيجة لوجود حكم واحد لهذه المناطق، حدث تبادل كبير في المعرفة المتعلقة بصناعة الخزف، مما أدى إلى ازدهار كبير في هذا المجال. وأصبح الفنانون والخزافون بشكل كبير متأثرين بالطابع الإسلامي. يجدر بالذكر أن صناعة الخزف والفخار كانت تعاني من التدهور قبل الفتح الإسلامي.
على مر التاريخ، كانت وما زالت المنتجات الخزفية الفاخرة في العصر العباسي مصدر إلهام للخزافين. الفرس يستوحون العديد من الأشكال والرسوم والفنون من الخزافين المسلمين. وذلك ينطبق على التقنيات الكيميائية وتركيبة الطينة البيضاء التي تستخدم في صنع الخزف الفاخر والتزجيج. تم نقل أسرار تصنيع الزجاج المعتم والخزف ذي البريق المعدني.
بدأت صناعة الخزف المينا تزدهر وترتقي تحت لواء الحكم الإسلامي وشهدت تقدما في إيران، حيث استمرت العادات والتقاليد العريقة في تلك الصناعة. وكان للخزف الإيراني في عصر فجر الإسلام حضورا بارزا كمجال فني مميز، وعثروا الباحثون على المزيد من القطع الزخرفية المميزة التي تعود إلى القرن الأول والثاني بعد الهجرة، بألوان زخرفية ملونة وبعضها باللون الأخضر والبعض الآخر بدون طلاء.
سمي هذا العهد بالعهد السلجوقي ولذلك سمي الفن المينائي بالفن السلجوقي أو فن البلاطات الخزفية الإسلامية، وكان هذا العصر يشهد المزيد من إنتاجاته في إيران، والتي تميزت بالرقة والشفافية، حيث تشبه الأواني والأباريق المصنوعة من البورسلين الصيني. ويتميز هذا الخزف بالصلابة والقوة، ولكنه كان أقل سمكا من القطع المصنوعة في القرن الثالث والرابع الهجري، حيث كانت المنتجات أكثر إتقانا وفنا وحرفية، وكانت تتميز القطع بأنها محفورة بالفن الغائر المفرغ، وكانت تزين بشرائط من صور النباتات والطيور الجميلة.
بعد ذلك، ظهر الخزف ذو البريق المعدني الذي كان حادث جلل في صناعة المنتجات الخزفية مثل الأواني والجرار والمحاريب والتماثيل الأدمية والحيوانية. ظل العمر الزخرفي يتقدم بشكل مستمر وظل الغرب ينقل هذه الصناعة بكل ما تقدمه من تطور وتحضر إلى بلدانهم وصناعتهم، وأصبح الخزف الملون يزين جدران البيوت من الخارج والمساجد من الداخل والخارج. ودخل في العديد من المجالات إذ عرف الخزافون العرب والمسلمون بحبهم لهذا المجال، وتميزوا بالإبداع والتطوير. وظل هذا الفن يتطور حتى اليوم، وما زال الكثير من الأشخاص يعملون في هذا المجال ويزداد رقيا وتطورا، ومن بين أجمل الألوان وأكثرها استخداما إلى الآن: اللون الأزرق والفيروزي والذهبي والأخضر والأبيض.
سمات الخزف المينائي
يتميز الخزف المينائي بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن أنواع الخزف الأخرى، وتتمثل في:
- يتميز فن التزيين الزخرفي للخزف المينائي بتجريد الأشكال وتحويرها واختزالها في الهيئة العامة للمفردات الخاصة بالتكوين الزخرفي، ويتجنب الفنانون الزخرفيون استخدام الأشكال الواقعية.
- يجمع الخزاف المينائي بين الرموز الطبيعية للنباتات والطيور والأشكال الهندسية، ويضيف بعض الكتابات باللغة العربية أو الفارسية.
- يعتمد الخزف المينائي على مبدأ لا متناهي ناتج عن التكرار، مما يؤدي إلى تحقيق جمالية تتميز بالامتداد والتوسع والاستمرارية، مرتبطة بتحقيق الحركة والوحدة في التصميم.
- تعتمد تقنية الخزف المينائي أو السلجوفي على تقسيم التصميم الزخرفي إلى نطاقات متعددة وصولاً إلى المركز، ويعد هذا الأسلوب نتيجة للتقنيات الشكلية المستخدمة في الأعمال الخزفية لمعظم النماذج.
- يعتمد الفن الزخرفي المينائي على تقنية التخريم بوحدات زخرفية نباتية، لتحقيق قيم جمالية عالية في تصميم الشكل.
- يتميز الخزف المينائي بتحقيق التداخل والترابط بين عناصر التصميم الزخرفي، ممايضيف قيمة جمالية فريدة. كما أن التباين بين الألوان الغامقة والفاتحة يعمل على خلق تأثير بصري مميز وجذاب.
- من أهم خصائص الخزف المينائي التنوع في الألوان، حيث أن تناغم الأبيض والأزرق والذهبي والأخضر بدرجاتهم المختلفة يخلق مظهراً من البهجة والفخامة، ويحقق مبدأ الجمال الذي يسعى الجميع إليه.
أشهر فنانين الخزف المينائي
من أهم ما أضافه الخزاف المسلم للقطع الخزفية هو البريق واللمعان المعدني الذي أضفى رونقا وقيمة مميزة للقطع الزخرفية وجعلها من أهم القطع التي تزين المنازل والمساجد والأماكن المميزة. وقد استخدم الفنان المسلم الألوان بأناقة لإضفاء تداخل مميز وشعور بالبهجة والأناقة تجاه القطع الفنية الخزفية المميزة.
يعتبر الفنانون المينائيون من أشهر فناني الخزف، حيث قدموا أعمالا فنية إسلامية مميزة، ويتضمن هؤلاء الفنانين: أبو العز الفسطاطي، والهرمزي، وأبو القاسم الجليزي، وأبو نصر البصري.
تتوفر العديد من القطع الفنية المميزة في فن الزخرفة المينائي أو السلجوقي، ويمكن الاطلاع عليها في متحف الفن الإسلامي في منطقة باب الخلق بمدينة القاهرة، كما يوجد العديد من المتاحف المتخصصة في هذا الفن في إيران وتركيا والعراق والشام.
أمثلة على الخزف المينائي
توجد العديد من الصور والرسوم في المتاحف الإسلامية وفي الأسواق والمساجد. الخزف المينائي فن إسلامي مشهور ومنتشر ويستخدم لتزيين المنازل. هناك العديد من القطع الفنية المناسبة لتعليقها على الحوائط أو الأباريق التي تزين ساحات المنازل وغيرها