اسلامياتالقران الكريم

ما سبب نزول سيهزم الجمع ويولون الدبر

تفسير وسبب نزول سيهزم الجمع ويولون الدبر

قد يسر الله تعالى فهم القرآن والاستفادة منه، وقد أورد لنا قصص الأمم السابقة لنتعظ منها ونتبع سبيل الصالحين، ونحذر من أعمال الكفار والفاسقين منهم. ويقول تعالى في سورة القمر [32-38]: `ولقد جاء آل فرعون النذر، فكذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر، أكفاركم خير منهم أم لكم براءة في الزبر، أم يقولون نحن جميع منتصرون، سيهزم الجمع ويولون الدبر`. صدق الله العظيم.

توضح الآيات السابقة كيف أن الله تعالى أرسل آياته لقوم فرعون، وهذه الآيات التسعة واضحة وجلية، ولكنهم رفضوها جميعا وكذبوها. فأخذهم الله تعالى بقوة وعزة، وجعلهم معذبين بشدة، وذلك بناء على كفرهم واستكبرارهم. وبعد أن وصف القرآن الكريم سقوط قوم فرعون، يحذر الكافرين من النتائج المماثلة، وينبههم إلى أنهم ليسوا أفضل من قوم فرعون الكافرة، وأنهم قد يتعرضون لمصير مماثل للأمم المهلكة، إذ لم يحظوا بالنجاة من العذاب والهلاك الذي ألم بهم وبآل فرعون، وذلك وفقا للكتب السماوية السابقة .

بعدما يحكي المولى عز وجل قصة فرعون وكيف قالوا: “أم يقولون نحن جميعا منتصر، سيهزم الجمع ويولون الدبر”، والجمع هنا يعني كفار قريش، والآية تعني أن الكفار كانوا يقولون نحن جميعا قوما متحالفين سننتقم من أعدائنا، ولكن المؤمنين والكفار سيهزمون وسيفرون من المؤمنين، وهذا الجمع الذي يتباهى بالدبر سيولى ويهزمون، ولا يفوقون قوم فرعون، ووعدهم الله بالهزيمة والفرار من المؤمنين .

يختلف العلماء في مكان نزول الآية، فبعضهم يعتقد أن سورة القمر بأكملها مكية، بينما يعتقد آخرون أن سورة القمر مكية باستثناء تلك الآية التي نزلت يوم بدر وهي مدنية.

وفي أي حالة تعتبر تلك الآية إحدى معجزات القرآن الكريم، لأنها تخبر عن الغيب، فبشر الله تعالى المؤمنين بهزيمة الكفار وهروبهم من أمامهم، وحدث ذلك في غزوة بدر بعد هجرة النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، ونزلت تلك الآية في مكة قبل الهجرة، ويقال إنها نزلت قبل يوم بدر بسبع سنوات.

ويقول سعيد بن جبير أنه عندما نزلت تلك الأية قال سعد بن أبي وقاص ” أي جمع يهزم أي جمع يغلب”، وفي يوم بدر رأى النبي عليه الصلاة والسلام يثب في الدرع و يقول ” اللهم إن قريش جاءتك تحادك وتحاد رسولك بفخرها وخيلائها فأخنهم الغداة ثم قال سيهزم الجمع ويولون الدبر ، فقال سعد فعرفت تأويل الأية.

يُشير العلماء إلى أن تلك الآية من مكة وهي كلام عائشة رضي الله عنها، إذ قالت: `لقد أُنزِلَ على محمدٍ وهو في مكة وأنا جاريةٌ ألعبُ`، وقد جاء ذلك قبل الآية التي تليها `سيهزم الجمع ويولون الدبر`، والساعة موعدهم وهي أشد وأعظم.

وفي قصة أخرى، يقال إنه في يوم بدر، ضرب أبو جهل فرسه ليتقدم في الصف وقال: `نحن سننتصر اليوم`. فنزلت الآية الكريمة `سيهزم الجمع ويولون الدبر`. ويقول بعض العلماء أن النبي قد تلا تلك الآية في يوم بدر. ووفقا لابن عباس، قال النبي عليه الصلاة والسلام في يوم بدر: `أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا`. ثم أخذ أبو بكر رضي الله عنه يد النبي عليه الصلاة والسلام وقال: `حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك`. فخرج النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول: `سيهزم الجمع ويولون الدبر`.

هل سورة القمر مكية أم مدنية

سورة القمر من السور من المكية التي أنزلت قبل الهجرة النبوية الشريفة ويرجح أنها نزلت على النبي في السنة الخامسة قبل هجرة النبي عليه الصلاة والسلام وعدد آياتها 55 أية، وترتيبها في النزول السورة  السابعة والثلاثون وسميت تلك السورة باسم لقمر لأنها بدأت بأية “اقتربت الساعة وانشق القمر”.

من فضائل سورة القمر أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر فيها حادثة انشقاق القمر التي تعد من علامات قرب الساعة ومن معجزات النبي عليه الصلاة والسلام، وأيضًا تنبأت بانتصار المسلمين في يوم بدر، عندما قال الله تعالى: “سَيَهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّوْنَ الدُّبُرَ.

تفسير اقتربت الساعة وانشق القمر

تبدأ سورة القمر بالآية الكريمة `اقتربت الساعة وانشق القمر`، وهي معجزة ونزلت لأن المشركين جمعوا وطلبوا من النبي عليه الصلاة والسلام أن يشق القمر نصفين ليؤمنوا. فقال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: إذا فعلت ذلك ستؤمنون؟ فأجابوا: نعم. فدعا النبي عليه الصلاة والسلام الله ليشق القمر، وكانت ليلة القمر فيها بدر، فانشق القمر إلى قسمين. ونادى النبي عليه الصلاة والسلام قائلا: `يا فلان، يا فلان، اشهدوا`. فقال الكافرون إن هذا سحر مستمر.

يعتبر انشقاق القمر من علامات اقتراب الساعة. وفي سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقع انشقاق القمر، وعندئذ قال أهل قريش إن هذا نوع من السحر من قبل بن أبي كبشة، وطلبوا منهم الانتظار لرؤية ما ستحمله السفارة لهم. فعندما عادوا السفارة، أقروا برؤيتهم لانشقاق القمر، فأنزل الله تعالى الآية “اقتربت الساعة وانشق القمر.” وقد رآه بن مسعود بين فلقتي القمر، وأقسم بالله العظيم على صحة رؤيته.

والشخص الذي يحمل الرقم (3679) هو النبي عليه الصلاة والسلام. وأبو كبشة هو زوج حليمة السعدية، التي كانت ترضع النبي. فهو يعتبر أب النبي عليه الصلاة والسلام في فترة الرضاعة ومن يهتم به. وبعدما أسلم أبو كبشة، عاد إلى مكة وسأله الناس لماذا لا تستمع إلى ما يقوله ابنك (أي النبي عليه الصلاة والسلام). فذهب أبو كبشة إلى النبي وسأله ما هو الأمر الذي يقوله. فأجاب النبي قائلا: “لو كنت قد كنت موجودا في ذلك اليوم، لأخذت بيدك لأعلمك بما قلته اليوم.” فأسلم أبو كبشة وأصبح مسلما بشكل جيد.

وقد قال عليه الصلاة والسلام بعثت أنا والساعة كهاتين ” وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى”، فقد رأيتم أيها الناس الآية الصغرى فانتظروا الأية الكبرى، لكن كفار قريش مهما رأوا من الآيات انكروا وادعوا أن النبي عليه الصلاة والسلام يأتي بسحر مستمر، ولم يتدبروا بآيات الله عز وجل ولا بمن سبقوهم من الكافرين.

ويقال أيضًا في أسباب انشقاق القمر أن حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه بعد أن قال أمام قريش أنه أمن بمحمد عليه الصلاة والسلام لأنه سمع أبو جهل يسب النبي، ذهب للرسول عليه الصلاة والسلام وطلب منه أن يريه أية ليزداد يقينه وإيمانه، فانشق القمر، لكن تلك الرواية قد تكون ضعيفة والصحيح أن أهل مكة هم من طلبوا من النبي أية.

وفي كل الأحوال فإن الساعة قد اقتربت ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام فعن انس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام خطب في الناس وقد كادت الشمس أن تغيب وما كان يظهر من الشمس إلا يسيرًا” فقال عليه الصلاة والسلام للناس: ما بقي من دنياكم فيما مضى، إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى