ما سبب انتفاخ الاجسام الميتة بعد الموت مباشرة
لماذا تتحلل الأجسام بعد الموت
بالتعريف، يتم اعتبار الموت على أنه نهاية جميع الوظائف الحيوية التي تحافظ على الكائن الحي، وتتمثل علامات الموت عند الإنسان في عدم وجود تنفس ولا دقات قلب وعدم وجود أي استجابة للضوء من حدقة العين.
لقد تساءل العديد من المفسرين عن السبب الأساسي لتحلل الأجسام بعد الموت ومن ثم اختفائها، وتخضع الأجسام لعملية التحلل وهي عملية طبيعية تنطوي على تفكك الأنسجة بعد الموت.
عندما تتحلل الأجسام، يتغير تركيبها الكيميائي تماما، وينبعث منها العديد من الروائح الكريهة والغازات الضارة التي تضر بالكائنات الحية المحيطة. لذلك، عملية التحلل هي عملية كيميائية هامة للغاية من أجل التخلص التام من تفاعلات الأجسام الميتة.
لذلك، وصى النبي صلى الله عليه وسلم بسرعة دفن الميت، وأن يتم إكرام الميت بدفنه. وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم”، وهذا الحديث منقول عن صحيح البخاري، ورواية أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
بينما يختلف معدل تحلل الأجسام بسبب عدة عوامل، مثل الطقس ودرجة الحرارة والرطوبة ومستويات الأس الهيدروجيني والأكسجين وسبب الوفاة ووضعية الجسم، إلا أن جميع الأجسام تتبع نفس المراحل في عملية التحلل.
عندما تموت الأجسام، قد تكون هذه هي نهاية الرحلة في هذا العالم، ويبدأ بعدها المرحلة الطويلة والمتعلقة بتفكيك أجزاء الجسم والتخلص منها .
ما هي المراحل التي تحدث وتؤدي إلى مرحلة الإنتفاخ
كما ذكرنا سابقًا، فإن الأجسام الميتة بشكل عام، بما في ذلك جسم الإنسان، يمر عبر عدد من المراحل الأساسية لاستكمال عملية التحلل، ومن بين هذه المراحل مرحلة الانتفاخ
برودة الموت
يعرف بالإنجليزية:التبرد الوهني (الألغامورتيس) يحدث مباشرة بعد الوفاة، حيث ينخفض متوسط درجة حرارة الجسم بمقدار درجة أو درجتين في الساعة، حتى تصل درجة حرارة الجسم إلى درجة حرارة الأرض التي يتم دفن الجسد فيها، وذلك للتكيف مع نمو البكتيريا.
تحول الجسم للون الأزرق
هي عملية يتحول فيها جزء من الجسم أو الجسم كله إلى اللون الأزرق، ويحدث ذلك بسبب تراكم الدم في الجزء المتدلي من الجسم، ولذلك يلاحظ أن لون الجلد يتحول في البداية إلى اللون الأرجواني الداكن ثم إلى اللون الأزرق، ويحدث هذا في الفترة من ثلاث إلى ست ساعات بعد الوفاة.
تصلب العضلات
تحدث هذه المرحلة نتيجة لتوقف الدم عن التدفق في العضلات، مما يؤدي إلى تصلبها وتثبيتها وعدم قدرتها على الحركة، ويبدأ الجسم في التصلب تدريجيا حتى يصل إلى أشد حالات التصلب بعد 12 ساعة من الوفاة.
تراكم الحشرات
تُعَدُّ هذه المرحلة متقدمة في عملية التحلل وبداية التحلل الحقيقي للجسم، حيث تؤدي إلى مرحلة الانتفاخ، حيث تبدأ الكائنات الدقيقة الهوائية في التخلص السريع من الأكسجين في الجسم، مما يجعل الجسم جاهزًا لتكاثر الكائنات الدقيقة غير الهوائية بسرعة كبيرة.
مرحلة التعفن
خلال هذه المرحلة ، ستبدأ الحشرات في وضع بيوضها في الفتحات الجسدية مثل الفم والأنف والأذن والأعضاء التناسلية الأخرى ، وفي فترة قصيرة جدا ، ستفقس هذه البيوض لتنتج ملايين اليرقات الصغيرة التي تتغذى على الجسم ، حيث تنجذب للروائح المنبعثة من الجسم الموجود تحت التراب.
مرحلة الانتفاخ
تعتبر من أهم مراحل التحلل، حيث ينتفخ الجسم المدفون أو غير المدفون، ويحدث انتفاخ أو تورم في كل أجزائه، وذلك بسبب الضغط من غازين (CO2، H2S) والذي قد يتراكم حيث يتم إطلاق الغازات من التحلل الذاتي للخلايا بالإضافة إلى الهضم البكتيري للأنسجة المتبقية، وستستمر الغازات في تمدد الجسم حرفيًا حتى يتمزق تماما.
ما السبب العلمي وراء انتفاخ الأجسام الميتة بعد الموت مباشرة
تستمر البكتيريا والحشرات والكائنات الهوائية في الاستيلاء التام على غاز الأكسجين الموجود في الخلايا، حتى ينعدم تماما من الجسم، وبدون الأكسجين، يتراكم ثاني أكسيد الكربون (CO2) وبخار الماء (H2O) الناتج عن التنفس الخلوي الطبيعي للكائنات الحية الدقيقة التي تتغذى على الجسم، ويتفاعلان لتكوين حمض الكربونيك (H2CO3).
مع زيادة مستوى الحموضة في دم الكائنات الحية الميتة، يمكن أن يحدث انخفاض في درجة الحموضة في الجسم، حيث تمتلك الأحماض القدرة على تدمير الأنسجة، ويبدأ تراكم الحمض في تحطيم الأنسجة الخلوية في الجسم.
عندما تتعرض الأنسجة للتحلل الذاتي، تبدأ البكتيريا المختلفة الموجودة في الجسم والتي يتم التحكم بها عادة بواسطة جهاز المناعة الخاص بها، في النمو والانتشار، وتأكل الجسم من الداخل بشكل كامل.
والأمر الغريب هو أن بعض أنواع الذباب أيضا يمكنها اكتشاف جثة ميتة على بعد أميال وتضع البيض بسرعة في مناطق الأنسجة الرخوة مثل الفم والعينين والجروح المفتوحة وغيرها.
إذا كان عمر الجسم عدة أيام أو أسابيع، فإن مجال التحقيق الذي يستخدم الحشرات لتحديد وقت الوفاة يعرف باسم الطب الشرعي للحشرات.
ما هي الغازات التي تتكون في حالة الانتفاخ؟
تم قياس تركيز الغازات في جثة ميتة باستخدام تقنية الكروماتوغرافيا الغازية، وتم العثور على تركيزات عالية من غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) والهيدروجين (H2) وتركيز منخفض من الميثان (CH4).
في مرحلة متقدمة من الانتفاخ، كان تركيز ثاني أكسيد الكربون و H2 حوالي 80٪ و 10٪ على التوالي، وذلك عندما كانت درجة الحرارة المحيطة بالجثة 25 درجة.
وأثناء وجودها في درجة حرارة بيئية تبلغ 15 درجة مئوية، كانت تركيزات الغازات حوالي 60٪ و 35٪، على التوالي، ولم يتم إنتاج هذه الغازات حتى اليوم الرابع عند 15 درجة مئوية، ولكن بعد ذلك كان حجم الغازات أكبر من ذلك المنتج عند 25 درجة مئوية، وانتفخت الجثة بشكل كبير بعد ذلك.
يختفي الأكسجين (O2) الموجود في الجسم تمامًا خلال عملية التعفن والانتفاخ، حيث كشفت هذه الدراسة أن الهيدروجين (H2) هو المكون الرئيسي للغازات الموجودة في الجثة.
كيف تؤثر العوامل الخارجية في عملية الإنتفاخ
تبين ذلك من خلال معدلات تحلل الجثث المدفونة، حيث تم دفن ست جثث بشرية غير متشابهة بشكل منفصل في خنادق غير مبطنة على عمق مختلف، وتركت لتتحلل بشكل طبيعي لفترة زمنية تتراوح بين شهر وعام.
خلال فترة الدفن، تم جمع البيانات يوميا حول الهواء والتربة ودرجة حرارة الجثث في كل موقع دفن، وعند نهاية كل فترة دفن محددة، تم استخراج الجثث وفحصها لمعرفة درجة الانتفاخ والتغيرات في درجة الحموضة في التربة والغطاء النباتي السطحي ونشاط حشرة الجيف.
فيوضح تحليل البيانات أن معدل إنتفاخ الجثث المدفونة يعتمد بشكل كبير على عمق الدفن ودرجات الحرارة البيئية، كما أثر العمق الذي دفنت فيه الجثة بشكل مباشر على درجة التربة والتغيرات النباتية، وكذلك وصول الحشرات الجيفة، فكلما زادت درجة الحرارة المحيطة بالجسم الميت، زادت سرعة إنتفاخه وتحلله، والعكس صحيح.