ما الفرق بين المغفرة والعفو والصفح
تعريف الصفح
الصفح ليس مجرد تسامح ومغفرة كما يعتقد البعض، بل هو أكثر من ذلك، إنه عفو وترك اللوم والعتاب، وإزالة آثار الذنب في النفس، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: `ولو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم، فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره، إن الله على كل شيء قدير`، وقال أيضا: `فاعف عنهم واصفح، إن الله يحب المحسنين`. إن الصفح هي جزء من فضيلة الإحسان التي يحبها الله ويأمر بها عباده، فلا ترد بالسوء من تعرض لك بالسوء، بل اكتف بتجاهله وابتعادك عنه.
تعريف العفو
العفو يأتي من العافون، ويعني التجاوز عن الذنب وإزالة آثاره ومحوه وطمسه، ولذلك فهو صفة من صفات مكارم الأخلاق التي لا يتمتع بها الكثير من الناس في وقتنا الحاضر، ولن يؤثر العفو على كرامة الفرد، بل يرفع درجاته عند الله لأنه يستطيع تجاوز الإساءة والمسامحة.
تعريف المغفرة
تأتي كلمة المغفرة من الغفران أي ستر عليه وعفا عنه وسامحه، وهى من صفات الله عز وجل فإسمه الغفار أي يغفر الذنوب لعباده أىً كان الذنب دون الشرك فقال في كتابه الكريم (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا).
الإختلاف بين المغفرة والعفو والصفح
العفو هو إزالة آثار الذنب وترك العقاب، بينما الصفح هو التجاوز عن ذنب المذنب تماما بإزالة آثاره وعقوبته، وعدم العتاب، وبالتالي فالصفح أفضل من العفو، فيما المغفرة هي مسامحة المذنب بالإخفاء والستر.
آيات عن الصفح والعفو والمغفرة
- بفضل رحمة الله تعالى، تعامل معهم بلطف ورأفة، ولو كنت قاسي القلب وصلب الطباع لانفضوا من حولك. فاعفو عنهم واستغفر لهم واستشرهم في الأمر، ثم إذا قررت الأمر فتوكل على الله، فإن الله يحب المتوكلين
- فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
- قال: لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم ، وهو الرحيم الأرحمين
- قالوا: يا أبانا، اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ، فردّ قائلاً: سوف أستغفر لكم ربي، إنه الغفور الرحيم
- فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ
- لا يمكن لأولئك الذين يتمتعون بالفضل والثراء أن يعطوا الأقرباء والفقراء والمهاجرين في سبيل الله، وأن يكونوا صافحين ومتساهلين؛ لا ترغبوا في أن يغفر الله لكم؟ والله هو الغفور الرحيم
- يا أيها الذين آمنوا، إن من أزواجكم وأولادكم عدوًا لكم، فاحذروهم. وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم
- والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا غضبوا يغفرون
- وجزاء سيئة سيئة مماثلة لها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله، إنه لا يحب الظالمين. ومن انتصر بعد ظلمه، فليس عليهم من سبيل. إن السبيل على الذين يظلمون الناس ويسعون في الأرض بغير الحق، أولئك لهم عذاب أليم. ومن صبر وغفر، فإن ذلك لمن عزم الأمور
- فاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
فوائد العفو والصفح
- يعتبر العفو رحمة بالمذنب وتقديرًا لنفس الإنسان الضعيف، كما أنه يعد طلبًا من الله ليرفع من شأنك درجاتك.
- يهدف العفو إلى تعزيز العلاقات والروابط الاجتماعية التي تتأثر في الوقت الحاضر بالضعف والانعزالية والانفصالية بسبب سوء المعاملة بين الناس.
- بجانب الأمور البشرية، يعتبر العفو والصفح عن المسؤول سببًا لنيل رضى الله سبحانه وتعالى.
- يؤدي الصفح والعفو عن المذنب إلى التقوى كما ذكر الله تعالى في آياته بالدليل “العفو أفضل لدى الله وأن تظهروا الفضل بينكم ولا تنسوه”
- سيكرمك الله بصفة من صفات المُتقين عند الصفح والعفو عن غيرك وأثبت ذلك فيعلى قوله “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”.
- العفو يؤثر بشكل إيجابي على النفس ويجعلك تشعر براحة نفسية كبيرة.
- إن عفوت سيكون جزاءك نيل الكرامة والعزة وأثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في قوله “وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًّا”.
- سيؤدي العفو والتسامح إلى تكوين روابط الرحمة والمحبة بين أفراد المجتمع.
- ستجد الراحة والطمأنينة والسكينة في الصفح والعفو عن المسيئ لك.
- أجمل ما يمكن أن تحصل عليه بعد العفو هو اكتساب محبة الله والناس.
هل يغفر الله جميع الذنوب
يغفر الله جميع الذنوب دون الشرك به، فمن تاب إلى الله بصدق ونية خالصة غفر له ذنوبه مهما وصل حجمها، فطمئن الله قلوب المؤمنين وقال في كتابه الكريم ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” فإن الله أرحم بعباده، وإذا كان الذنب في حقوق الناس يلزمه طلب المغفرة منهم ومن الله، فالتوبة النصوحة لها عدة شروط هى الندم على ما مضى، الإبتعاد عن الذنب، النية الصادقة في ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى، فلابد من الإخلاص مع الله في التوبة وأن يكون العبد قاصد التوبة خوفاً من الله ورد الحق لأهله إن كان عنده مظالم، كالسرقة وما لم يباح له، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم عن ذلك أن التوبة تمحو ما قبلها تماماً وأن الله يغفر الذنوب جميعًا بالتوبة الصادقة.
أحاديث نبوية عن العفو
تختلف درجات التسامح، فمن لديه القدرة على العفو، فإن شأنه عند الله عظيم. ونظرا لأهمية التسامح، نزلت أحاديث عنه، وحتى الشعر يذكر التسامح؛ لأن الله تعالى ورسوله أمروا بذلك، وهو من أفضل أسماء الله ونعمه علينا. ومن أبرز أحاديث التسامح حديث عن العفو عند المقدرة
- مَنْ كَفَّ غضبَهُ كَفَّ اللهُ عنهُ عذابَهُ، ومَنْ خزنَ لسانَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنِ اعْتَذَرَ إلى اللهِ قَبِلَ اللهُ عُذْرَهُ.
- أشعر كأني أشاهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحكي قصة نبي من الأنبياء، تعرض للضرب على يد قومه فدموا وجهه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويدعو الله أن يغفر لشعبه لأنهم لا يعلمون.
- جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسأله كم مرة يجب أن يعفو عن خادمه، وصمت النبي مرتين، ثم في المرة الثالثة قال له: ينبغي أن تعفو عن خادمك سبعين مرة في كل يوم.
- ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ.
- يا عُقبةُ صِلْ مَن قطعَك وأعطِ مَن حرمَك واعفُ عمَّنْ ظلمَكَ.