ما اثر الرياء على العمل
ما هو الرياء
رياء في اللغة العربية مصدر راءي، وهو مشتق من الرؤية، والمقصود به التظاهر بخلاف ما في باطن المرء وهو في الدين الإسلامي يعرف بالشرك الأصغر، أي من أسوأ ما يقدم الإنسان على فعله، فلا يجوز للمرء أن يفعل شيء بهدف الرياء، ويشير مصطلح الرياء إلى أن يكون ظاهر المرء يخالف ما في باطنه، كما أن يتحدث بما لا يعتقد، ويقدم على فعل أشياء وهو بداخله رغبات أخرى لا يظهرها.
الرياء هو فعل شيء من أجل الناس وليس من أجل الله عز وجل، بهدف الحصول على إعجاب الناس ورضاهم، وهو عمل غير مقبول في الدين الإسلامي الحنيف ويتعارض مع الشريعة، ولا يرضى الله عنه.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: `إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء`، وروى أحمد بن ماجه عن أبي سعيد قال: `خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الدجال، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من الدجال؟`، قلنا: `بلى`، فقال: `الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يدركه من نظر رجل`، وصدق رسول الله الكريم.
أنواع الرياء
جميع أشكال الرياء حرام، وليس مناسبا لقلب العبد المؤمن، والله سبحانه وتعالى نهى عنه في العديد من المواضع والآيات، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة البقرة الآية 264 “يا أيها الذين آمنوا، لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كمن ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا، لا يقدرون على شيء مما كسبوا، والله لا يهدي القوم الكافرين.
هناك خمسة أنواع من الرياء التي يجب على المؤمن أن يعرفها ويتجنبها بكل الوسائل، لأنها طريق الهلاك وتفسد المؤمن وتفسد إيمانه، وتتمثل في:
- الرياء بالبدن
وهي الرغبة في إظهار المرض والتعب وتكبير الحزن والشكوى وكأن الشخص يخشى الله عز وجل ويسعى للاستعراض، وكأنه يبذل جهودا في العبادة حتى يعاني، حيث يقول يحيى بن معاذ: `لا تجعل الزهد مجرد وسيلة لكسب الدنيا، بل اجعل عبادتك وسيلة لاكتساب الآخرة، وإذا أشاد بك أهل الدنيا وأثنوا عليك، فتجاوز أمرهم بتصرفات عقلانية.
- الرياء بالهيئة والزي
الرياء في الهيئة يعني أن الرجل يحافظ على مظهره وشكله ليشير إلى أفعاله. على سبيل المثال، يترك أثر السجود على جبينه ويسير ببطء حتى يعتبره الناس تقيا. ويتباهى بارتداء ملابس بالية تعكس تفانيه في الزهد وعدم اهتمامه بالحياة.
- الرياء بالقول
وهو الرياء الذين يقدموا عليه مدعين التدين حيث يعظوا الناس دائماً وينطقوا بالحكمة وبسم الدين وادعاء العلم والمعرفة واستعراض المعلومات ليقول الناس عنهم أنهم يعلموا وأنهم أهل الدين والعلوم، كما إنهم دائماً مستنكرون من أخطاء الغير ويتكبرون على أفعال الناس ويظهروا أنهم غاضبون من المعاصي وفي قلوبهم عكس ما يظهروا.
- الرياء بالعمل
براءة العمل تعني أن يقوم الشخص بأفعال لإرضاء الآخرين وإظهار نفسه بشكل جيد، مثل الذي يطيل الصلاة والسجود ويتصدق ويحج كثيرا، وهناك أمثلة كثيرة على الرياء مثل الذي يتصدق للعامة.
الرياء بالأصحاب
يقصد بهذا أن يقترب الشخص من أهل الدين، مثل العلماء أو الشيوخ، ليصبح معروفاً بأنه من أصحاب فلان وأنه يتفانى في فعل الخير ويسعى للتقرب من الله ويتعلم أمور الدين.
أثر الرياء على العمل
يؤثر الرياء سلبا على العمل الإسلامي، حيث يفسد العمل إذا كان غير صادق لوجه الله تعالى، فعندما يشعر الإنسان بوجود الرياء في عبادته، فإن عمله لن يقبله الله تعالى، وفي القرآن الكريم في سورة البينة آية 5 يقول: “وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين”، كما يقول في سورة هود آية 16: “من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون.
فالرياء هو الشرك الذي يفسد الصوم والصلاة والصدقات والحج والزكاة وكل ما يقدم عليه العبد للتقرب لله، فإذا دخل الرياء على قلب مسلم أفرغه من الخير وملأه بالذنوب، وبعده عن الله وجعل الناس هم شغله الشاغل وهمه الأكبر، فيجد نفسه يذهب للمسجد لكي يقول الناس فلان يصلي، ويحج ليقول الناس له فلان حج ويتصدق ليقولوا كريم، وهكذا.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: `يا أيها الناس، احذروا شرك السرائر`. قالوا: يا رسول الله، ما هو شرك السرائر؟ قال: عندما يقوم الشخص بأداء صلاته بإتقان للتأثير على الآخرين وإظهار الزينة في صلاته بناء على ما يراه الناس، فهذا هو شرك السرائر. فإن الله يرى القلوب ويجازي على أفعالها الصالحة والسيئة، وما أسوأ من الرياء عندما يصيب قلب المسلم ويؤثر فيه.
يقول الله تعالى في سورة النساء، الآية 142، وصفا لأهل الرياء الذين يصلون الصلاة، إذا قاموا إلى الصلاة فإنهم يقومون كالكسالى، يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا. ومعنى ذلك أن الأشخاص الذين يعملون من أجل الناس ويصلون ليراهم، ولكن الهدف الأساسي ليس هو ذكر الله عز وجل وعبادته، بل في قلوبهم الكسل وعدم الرغبة في التقرب لله، ومع ذلك الناس هم الهدف الرئيسي لهم.
وعن الرياء يقول الرسول صلى الله عليه وسلم” إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله عز وجل، فليطلب ثوابه من عند غير الله عز وجل، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك”، إذ يقول الله تعالى في الحديث القدسي” أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه”.
الرياء يفسد العمل ويبطله، ويجعله غير مقبول عند الله عز وجل. إن الله تعالى يحب المخلصين ويقبل أعمالهم ويجازيهم بالخير. أما أهل الرياء فليس لهم إلا ما يقال عنهم من أنهم يعملون الخير وينفقون في سبيل الله. إن الإخلاص له ثواب عظيم، كما يقول سهل بن عبد الله التستري: `ليس هناك شيء أصعب على النفس من الإخلاص، فإنه ليس للنفس نصيب فيه.
علاج الرياء
لا يجوز للمسلم أن يحمل في قلبه شعورا بالكبر أو النفاق، ولا ينبغي أن يعمل من أجل إرضاء الناس، فإن الله تعالى يحب المخلصين، كما يقول في كتابه الكريم في سورة البينة: `وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين`، وكما يقول في سورة غافر: `ادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون`، لذلك يجب على المسلم التخلص من النفاق ومعالجة النفس من هذا الداء القلبي، وللتخلص من النفاق يجب اتباع بعض الإجراءات
- يجب على الإنسان أن يدرك دائمًا أن الله تعالى يراقبه في كل صغيرة وكبيرة، ويجب عليه أن يعبد الله كأنه يراه، وهذا هو منزلة عظيمة، فإذا لم ير العبد الله، فإن الله تعالى يراه.
- يتمثل التخلص من الرياء في الاستعانة بالله عز وجل، بأن يتقي الله ويدعوه من كل قلبه أن ينقيه من الرياء ومن كل عمل يبعده عن الله عز وجل.
- يعلم المؤمن أن الله تعالى هو الذي يمتلك القلوب ويُرى ما بداخلها، وإذا رضي عن عبده جعل كل الناس يحبونه ويرضون عنه.
- يجب على المرء أن يحذر من الرياء في الدنيا، لأن الله سيجعل الناس يبتعدون عنه بغض النظر عن محاولاته لإظهار نفسه، كما أنه سيكشفه في النهاية، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “من سمع سمع الناس به، ومن راءى راءى الله به.
- إحدى خطوات علاج الرياء هي إخفاء جميع العبادات وممارستها بشكل سري، لكي لا يثير الشك فيها، وينبغي للجميع أن يعلموا أن الله تبارك وتعالى يقبل التوبة ويغفر للعباد كل ما مضى من ذنوبهم، ولذا يجب على الناس السعي للتوبة والاستغفار.
- يجب أن نتذكر أن تأثير الرياء على الفرد والمجتمع سلبي، وأن الشخص الذي يمارس الرياء يكون مدمرا لمجتمعه ولذاته.