ماهي وثيقة ” العهدة العمرية “

عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الملقب بأبي حفص والفاروق، كان ثاني الخلفاء الراشدين ومؤسسا للدولة الإسلامية، وكان معروفا بالعدل والحمية الشديدة للإسلام، وكان دعوة النبي في أن يزدهر الإسلام بأحد العمرين، ولم يخيب دعوة النبي ورجائه، فعندما اعتنق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الإسلام، تغيرت الكثير من الأمور، وأصبحت الدعوة الإسلامية علانية ورفع علمه.

الخليفة عمر بن الخطاب

توفي الخليفة الراشد الأول، أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، وبعد وفاته تم تنصيب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وذلك بعدما استخلفه الصديق وهو على فراش الموت، خوفا من تشتت المسلمين فيما بينهم. وقد شهدت الدولة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب أكبر توسعاتها في صدر الإسلام، واشتهر عمر بعدله وزهده وبأنه لا يحابي في حدود الله، وبنظرة فاحصة فإن عمر كان الرجل الأنسب لتلك المرحلة بقوته وعدله وحزمه ولينه، وأنه لا يخاف في الله لومة لائم، وكيف لا وهو من يخاف منه الشيطان.

فتح بيت المقدس

فتح المسلمون مدينة القدس إيليا أو بيت المقدس، التي كانت خاضعة لسلطة الإمبراطورية البيزنطية، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانت من المدن العسيرة على المسلمين في فتحها.

كانت مدينة بيت المقدس هدفا للدولتين الكبريين في هذا الزمان، الدولة الفارسية والإمبراطورية البيزنطية. بعد سلسلة من الحروب بينهما، سيطرت الدولة الفارسية على المدينة لفترة من الوقت، حتى استعادتها الإمبراطورية البيزنطية بقيادة هرقل. قام هرقل بتحصين المدينة بشكل جيد، وبعد هزيمة البيزنطيين في معركة اليرموك، قاموا بتعزيز الدفاعات في المدينة بشكل أكبر.

تم فتح مدينة بيت المقدس على مراحل متعددة، حيث بدأت عملية الفتح بالحصار، ولكنها لم تتبع الطريقة المعتادة التي يتقدم فيها الجيش ويفرض حصارا على المدينة. بدلا من ذلك، كان لدى المسلمين مجموعة من الوحدات القتالية المنتشرة على الطرق المؤدية إلى المدينة. بالإضافة إلى ذلك، قام المسلمون بفتح الحصون المحيطة بالمدينة، مما أدى إلى عزل المدينة عن العالم الخارجي. وفي العام 15 هجري، بدأ الحصار الفعلي لقطع كافة الإمدادات عن المدينة. هذا كان جزءا من محاولة القوات المسلمة للدخول إلى المدينة بدون اللجوء إلى قتال عنيف، ولكن بشكل سلمي.

أعلنت المدينة استسلامها في السنة السادسة عشرة من الهجرة، وحضر عمر بن الخطاب لإجراء معاهدة مع المسيحيين في المدينة، والتي عرفت باسم العهدة العمرية، وتجلى فيها عظمة تعاليم الإسلام وطريقة تطبيقها، وظهر فيها عدل عمر وحفاظه على تعاليم الإسلام في معاملات الذميين.

ما هي العهدة العمرية

العهدة العمرية هى خطاب أعطاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل مدينة بيت المقدس أو القدس أو كما كانوا يسمونها قديمًا مدينة إيلياء، وقد كتب فيه عمر مجموعة من العهود والشروط لضمان حقوق أهل المدينة بعد الفتح الإسلامي للمدينة وهو ما نظم شكل العلاقة بين المسلمين الفاتحين وبين أهل المكان من حيث الحقوق والواجبات.

ما هي قصة العهدة العمرية

استمر حصار المسلمين لمدينة إيليا لمدة حوالي أربعة أشهر، ولم يستطع أهل المدينة تحمل ذلك، فأعلن البطريرك رغبته في التوصل لاتفاق لفك الحصار. ولم يتردد أبو عبيدة بن الجراح في إعطاء الرد المفروض، وهو تقديم ثلاثة خيارات: الأول هو دفع الجزية، والثاني هو الدخول في الإسلام، والثالث هو الحرب والقتال. فلم يختار أهل المدينة والبطريرك سوى خيار الجزية، وهذا يعني الدخول تحت حماية الدولة الإسلامية. ولكنهم اشترطوا أن يتم ذلك بحضور عمر بن الخطاب شخصيا حتى يقوم بتسلم مفاتيح المدينة.

: بعد أن أرسل أبو عبيدة مطلب أهل مدينة إيليا، لم يتردد عمر في الذهاب إليهم، وقابل البطريرك صفرونيوس ومجموعة من رجال الدين في المدينة، حيث تمت المناقشات والتوصل إلى نصوص الوثيقة التي تعرف باسم العهدة العمرية للاستسلام، وقد شهد عليها مجموعة من الصحابة مثل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان.

بنود العهدة العمرية

فيما يتعلق بنصوص العهد العمري، ظهرت بأشكال مختلفة بسبب عدم الاحتفاظ بنسخ احتياطية، مما أدى إلى ظهور بعض النصوص المبالغ فيها أو المزيفة في بعض الكتب. ومع ذلك، يمكننا تلخيص مضمون تلك البنود التي تم الاتفاق على ضرورتها في النسخة التي نشرتها بطريركية الروم الأرثوذكس بناء على الوثيقة الموجودة في كنيسة القدس الأرثوذكسية

رجالات الدين مؤمنون على حياتهم وأموالهم.

أهل الذمة هم أولئك الذين يؤمنون ويضحون بأنفسهم وأموالهم، مالم يخالفوا الشروط المحددة.

تضمن دور العبادة والكنائس الحفاظ على حرية الاعتقاد وأداء الشعائر الدينية.

الالتزام بإخراج الجزية.

يجب على اللصوص والروم المؤمنين الخروج من المدينة حتى يصلوا إلى ديارهم، ومن يريد مرافقة أهل إيليا فليفعل.

من يرغب من الروم في البقاء في المدينة، عليه تنفيذ جميع ما يتوجب على أهل المدينة تنفيذه وفقًا للعهدة العمرية.

إذا نظرنا إلى التاريخ العمراني، فإننا نجد فرقًا واضحًا بين ما حدث لأهل إيليا عندما دخلوا تحت الحكم الفارسي، حيث تعرضوا للقتل والسرقة والاعتداء على الأعراض، وما حدث مع الفتح الإسلامي حيث تم تأمين الأرواح والممتلكات والأماكن الدينية وحرية الاعتقاد.