ماهي خلايا ” هيلا ” الخلايا التي لا تموت
خلايا هيلا الخالدة
تم إدخال هنريتا لاكس، وهي أمريكية من أصل أفريقي، إلى مستشفى جونز هوبكنز في بالتيمور قبل حوالي 69 عاما بسبب نزيف حاد من الرحم، وتم تشخيصها بسرطان عنق الرحم. توفيت بعد عدة أشهر نتيجة لهذا المرض، وقصة هذه المرأة تثير فضول العديد من الباحثين في ذلك الوقت، حيث تم تحليل خلاياها قبل عدة أشهر من وفاتها، وكشفت عن خصائص فريدة. وبما أن العينات المأخوذة من الخلايا السرطانية الموجودة في عنق الرحم لدى هنريتا لاكس قد أظهرت في المختبر قدرة غير طبيعية على التكاثر، حيث تتضاعف كل 20-24 ساعة.
بالإضافة إلى قدرته على البقاء خارج الجسم بخلاف معظم الخلايا البشرية التي تموت فورا بعد إخراجها من الجسم، فإن الباحثين يشعرون بدهشة تجاه الخصائص العالية لهذه الخلايا التي تجعلها خالدة. إذا كانت هذه الخصائص صحيحة، فمن الممكن تماما أن تستمر في التكاثر وسيستفيد العلماء منها في المستقبل. بدأت التجارب عليها بإشراف الدكتور جورج جاي دون الحصول على موافقة خطية من هنريتا أو أي من أقاربها أو أطفالها.
لم يكونوا على علم بتكاثر خلاياها واستخدامها على نطاق واسع حتى 22 عاما بعد وفاتها في عام 1973، قال أحد أبنائها إنهم لم يكونوا يعرفون أن والدتهم التي توفيت عام 1951، نجت في أنابيب اختبار في مختبرات الأبحاث حول العالم، وقد تسبب ذلك في موجة من الغضب في كثير من الجهات مطالبة بتصحيح هذا الخطأ من قبل العلماء.
الأبحاث التي شاركت فيها خلايا هيلا
بعد تجربة هنريتا، أجريت العديد من الاختبارات والدراسات، وأطلق على خلاياها اسم خلايا هيلا، مأخوذا من الحرفين الأول والأخير من اسمها. بعد ذلك، تم إطلاق خط خلايا هيل للاستخدام في المعامل البحثية حول العالم والمساهمة في إكمال وإنجاز العديد من الدراسات. سمح ذلك للعلماء والباحثين بإجراء تجارب فعلية على الخلايا البشرية في المختبر دون الحاجة إلى إجرائها مباشرة في الأماكن العامة.
تمت هذه التجارب للبحث عن علاجات ولقاحات لعدد من الأمراض المعدية، وعلاجات للسرطان وأطفال الأنابيب، وتمت دراسات عديدة حول تأثير السموم والهرمونات والفيروسات على الخلايا السرطانية، وفي الوقت الحالي يستخدم في الأبحاث الجارية لإيجاد لقاحات وعلاجات لوباء كوفيد-19 الذي أثر على العالم منذ بداية هذا العام.
بل ساعد أيضًا في الفوز بجائزتي نوبل للأبحاث ، وتطوير لقاح شلل الأطفال، وتسجيل أكثر من 17000 براءة اختراع تضمنت استخدام خلايا هيلا، وعلاوة على ذلك لم تكن هذه الخلايا راضية عن مراكز الأبحاث على الأرض، ولكن تم إرسالها إلى الفضاء بهدف إجراء تجارب عليها بواسطة قمر صناعي سوفيتي في عام 1960.
سبب قدرة خلايا هيلا على البقاء
بعد تحليل ودراسة خلايا هيلا وجد أنها تتميز بمجموعة من الخصائص التي أعطتها هذه القدرة غير العادية على الانقسام والبقاء، حيث يحتوي على 76 إلى 80 كروموسومًا على عكس الخلايا الطبيعية التي تحتوي على 46 كروموسومًا، ويتسبب فيروس الورم الحليمي البشري “HPV” في حدوث هذه الطفرة الجينية، والتي تؤدي في معظم الحالات إلى فقدان السيطرة على نمو الخلايا وسرطان عنق الرحم، وبما أن هذا الفيروس يساهم في حدوث طفرة جينية في خلايا العائل عن طريق حقن شفرته الجينية في نفس الخلايا.
فإنه يسبب حدوث أخطاء في الجينوم، وتتراكم هذه الأخطاء في شكل انقسام خلوي غير متحكم فيه، وأكد الباحثون وجود سببين لقدرة الخلايا على التقسيم بوتيرة أسرع من المعتاد، وكانت هنريتا تعاني من مرض الزهري الذي يتسبب في انقسام خلايا عنيف وانتشار الخلايا السرطانية بسبب ضعف مناعة الجسم. تم اكتشاف جينوم فيروس الورم الحليمي البشري المختلط المدمج بجوار الجين الورمي “c-myc proto-oncogene” في جينوم هنريتا، مما أدى إلى تكاثر سريع للخلايا.
تعود قدرة خلايا هيلة على البقاء واستمرارية الانقسام إلى التعبير الجيني عن إنزيم تيلوميراز شديد النشاط، الذي يقوم بإعادة بناء التيلوميرات بعد كل عملية انقسام. تعمل هذه المناطق الموجودة في نهايات الكروموسومات على الحفاظ على الشفرة الوراثية ومنع اندماج الكروموسومات وتشابكها مع بعضها البعض. مع تقدم العمر والانقسام المتتالي، يقصر طول التيلوميرات، مما يؤدي في النهاية إلى شيخوخة الخلية وموتها.
يدعم إنزيم التيلوميرا الانقسام الطبيعي للخلايا والحفاظ على المادة الجينية، كما إنه موجود بمستوى منخفض من الكفاءة ويحافظ على التيلوميرات لفترة أطول مما ستكون عليه في الخلايا غير الطبيعية أو الخبيثة، مما يقلل من خطر تقصير التيلومير في الخلايا الطبيعية، حيث تحتوي الخلايا السرطانية على تركيزات عالية من إنزيم “Telomeraes”، الذي يحفز استمرار انقسام الخلايا بمعدل غير متحكم فيه وبطريقة أو بأخرى يجعلها خالدة كما حدث مع هنريتا.
ما هو سرطان عنق الرحم
سرطان عنق الرحم”: هو نوع من السرطانات التي تصيب خلايا وأنسجة عنق الرحم والتي تربط المهبل بالرحم، ويحدث ذلك عندما تنمو الخلايا والأنسجة بشكل غير منتظم هناك، مما يؤدي تدريجيا وببطء إلى العديد من المشاكل التي يمكن علاجها إذا تم اكتشافه في مراحله المبكرة، وغالبا ما يصيب النساء فوق سن 65 عاما، ولكن الفئة العمرية من 35 إلى 44 عاما هي الأكثر عرضة للإصابة به، ولذلك يوصى بإجراء فحوصات دورية للكشف عن أي نمو غير طبيعي في هذه المنطقة.
أسباب سرطان عنق الرحم
في معظم الحالات، يسبب فيروس الورم الحليمي البشري سرطان عنق الرحم. تشير الإحصائيات إلى أن 8 من كل 10 نساء يصابن بفيروس الورم الحليمي البشري خلال حياتهن. ومع ذلك، هناك عدة أنواع من الفيروس التي يمكن أن تسبب سرطان عنق الرحم. يحدث السرطان بشكل شائع في الأنسجة المبطنة للرحم، وهي النوع الأكثر شيوعا بنسبة 70٪ من الحالات. أما الأنواع الأخرى، فقد يستهدف الخلايا المسؤولة عن إفراز الطبقة المخاطية، وفي بعض الحالات يمكن أن يستهدف كلا النوعين من الخلايا الموجودة.
يمكن أن تؤدي العديد من العوامل إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، بما في ذلك الاستخدام الطويل الأمد لحبوب منع الحمل لأكثر من 5 سنوات والتدخين وضعف جهاز المناعة أو الإصابة بالأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي.
أعراض سرطان عنق الرحم
يمكن أن يرتبط سرطان عنق الرحم بعدد من العلامات، كمعظم الأمراض والحالات الصحية، وهي:
- إفرازات مهبلية غير عادية.
- الشعور بالألم أثناء الجماع.
- يشير وجود الدم الزائد أثناء الحيض أو استمراره لفترة أطول من المعتاد إلى مشكلة صحية.
- يشير النزيف غير الطبيعي إلى النزيف الذي يحدث خارج فترات الحيض الطبيعية، مثل النزيف بعد انقطاع الطمث أو بين فترات الحيض أو بعد الجماع أو بعد فحص الحوض الداخلي.
وتجدر الإشارة إلى أن الشعور بالأعراض السابقة أو بعضها، قد يحدث قبل فترة وجيزة من غزو الخلايا السرطانية لمنطقة عنق الرحم، ولكن قد تظهر أعراض أخرى تشير إلى أن هذا النوع من السرطان قد انتشر إلى مناطق مختلفة، مثل المنطقة المصابة، وقد تعاني المرأة من آلام في العظام، وفشل كلوي، وصعوبة في التبول، وألم في الحوض وأسفل الظهر، وألم أو تورم في الساقين، وفقدان الوزن مع فقدان الشهية للطعام، والشعور بالتعب والإرهاق.