ماهي النظرية الكينزية في الاقتصاد
يعتبر الاقتصاد من العلوم الغنية بالبحث والدراسة والاستكشاف المستمر لتحقيق أفضل الاستراتيجيات الاقتصادية. وفي هذا السياق، ظهرت العديد من النظريات الهامة التي ابتكرها وصاغها علماء الاقتصاد ورجال الأعمال الذين استندوا إلى خبراتهم العلمية والعملية لتطوير النظريات الاقتصادية الفعالة، ومن بين أشهر هذه النظريات نظرية اقتصاد كينزي .
النظرية الكينزية في الاقتصاد
وضع الخبير الاقتصادي جون مينارد كينز ، الذي ولد في كامبريدج عام 1883م وتوفي عام 1946م بسبب نوبة قلبية ، هذه الاستراتيجية. تعتمد النظرية الكينزية على فكرة أساسية تقول إن الاقتصاد العالمي قد يواجه فترات طويلة من عدم الاستقرار ، لذلك فإن النظرية تشدد على ضرورة تدخل الحكومة في هذه الحالة للسيطرة على انخفاض الطلب العام وتقليل معدلات النمو والبطالة ، وتستند النظرية إلى مجموعة من المبادئ والقواعد الأساسية ، وهي:
– عندما يتجاوز معدل الادخار معدل الاستثمار ويتوقف دورة رأس المال ، يدخل الاقتصاد في حالة ركود وتنخفض قيمة العملة .
أشارت النظرية الكينزية إلى أن انخفاض معدل الاستثمار، سواء كان محليًا أو أجنبيًا في أي دولة، سيؤدي إلى انخفاض كبير وملحوظ في سعر الفائدة، وبالتالي سيؤدي إلى انخفاض معدل الادخار .
عندما ينخفض معدل الإدخار، سيتم جذب المزيد من الأشخاص لزيادة معدلات استثماراتهم المالية، وبالتالي، سيعود ذلك على الاقتصاد العام بالفائدة ويساهم في استعادة توازنه وتحسين معدلات التوظيف داخل الدول وتقليل معدلات البطالة .
المدرسة الكينزية والمدرسة الكلاسيكية
هناك اختلاف في الفكر الاقتصادي بين المدرسة الاقتصادية الكينزية والمدرسة الاقتصادية الكلاسيكية، وذلك على النحو التالي:
وفقًا لنظرية الاقتصاد الكينزي، فإن الإنفاق الحكومي على تأسيس البنية التحتية والتعليم والبطالة يساهم في زيادة الطلب والنمو الاقتصادي، ويعد الإنفاق الحكومي في هذه الحالة ضروريًا لزيادة معدل الاستثمار والتوظيف .
بناء على الاقتصاد الكلاسيكي العادي، فإن زيادة حجم الأعمال التجارية ونموها سيؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي داخل الدولة، ويرون أيضًا أن دور الحكومة هو محدود في هذا الصدد، وأنها يجب أن تركز جهودها على الشركات وليس المستهلكين .
إيجابيات نظرية كينز في النمو الاقتصادى
تتبع مبادئ النظرية الاقتصادية الكينزية ينتج عنها العديد من المزايا والفوائد الاقتصادية الإيجابية، مثل:
ارتفاع مستويات التوظيف
في فترات الركود الاقتصادي؛ ينخفض عدد الوظائف المتاحة ويزيد معدل البطالة. يقوم الشركات بتقليص حجم العمالة لديها نتيجة انخفاض طلب المستهلكين عليها، وينخفض دخل الفرد مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على المنتجات بشكل أكبر، وتتسبب ذلك في خسائر كبيرة للشركات وتدهور اقتصادي. لذا، يمكن لتدخل الحكومة لتحفيز الأعمال التجارية والاستثمار في مثل هذه الحالة أن يقلل من المخاطر التي تهدد الاقتصاد. حيث ستبدأ الشركات بتوظيف العمال مرة أخرى وزيادة فرص العمل، وهذا سيساعد على وقف دوامة الهبوط الاقتصادي .
استقرار الصناعة المصرفية
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ركودا اقتصاديا في الفترة بين عامي 2008 و 2009، مما أدى إلى فرض تشدد كبير على القروض من قبل البنوك وتوقف العديد من المشاريع بسبب صعوبة الحصول على التمويل. ومع تدخل الحكومة في مثل هذه الحالات لتسهيل عملية الحصول على القروض، ستكون ذلك ضامنا مؤكدا للبنوك للاستمرار في تمويل المشروعات والحفاظ على استقرار الاقتصاد وقيمة الدولار .
تشديد الرقابة على الإنفاق الحكومي
على الرغم من أن النظرية الكينزية تدعو إلى زيادة الإنفاق الحكومي خلال فترات الركود الاقتصادي داخل الدول، إلا أنها تحث بشدة على ضرورة ضبط الإنفاق الحكومي في فترات الاستقرار الاقتصادي، لأن الاقتصاد الذي ينمو بشكل سريع جدا يمكن أن يؤدي إلى ظهور التضخم وزيادته. ولذلك، يجب على الحكومة اتباع فكرة الإنفاق الحكومي في حالات الركود وتقليل حجم الإنفاق في حالات الاستقرار الاقتصادي، لكي تحتفظ بهذا الإنفاق لفترات الركود الاقتصادي المقبلة .
مراقبة الناتج الاقتصادي للدولة
يمكن، من خلال نظرية كينز في النمو الاقتصادي، مراقبة وتحليل الحالة الاقتصادية والناتج الاقتصادي للدولة بشكل سهل وأكثر تفصيلا. تعد هذه النظرية هي الأولى التي تتيح هذا الجانب الهام في الاقتصاد، لأنها تساعد على التنبؤ بدورات الركود والتضخم المتوقعة، وبالتالي تتيح للدولة القدرة على التدخل مبكرا وفي الوقت المناسب لمنع حدوث الركود الاقتصادي أو التضخم .
الاعتدال في سعر الفائدة
عندما يزداد الطلب على الاقتراض، يصبح المقرضون غير قادرين على تلبية احتياجات المقترضين بشكل مستمر، مما يؤدي بالطبع إلى زيادة مفرطة في سعر الفائدة، وهذا بدوره يعزز التضخم الاقتصادي. ومع ذلك، وفقا للنظرية الكينزية، في مثل هذه الحالة يتم تقليل حجم الإنفاق الحكومي في السوق، مما ينتج عنه انخفاض الطلب على الاقتراض وتراجع سعر الفائدة وتقليل حجم التضخم أيضا .
انتقادات النظرية الكينزية في الاقتصاد
على الرغم من الفوائد الاقتصادية التي توفرها النظرية الكينزية ، إلا أنها واجهت بعض الانتقادات ، مثل:
زيادة حجم السيولة
في بعض الأحيان، تكون تطبيق النظرية الكينزية وانخفاض أسعار الفائدة غير جاذبة للمستثمرين والتجار، مما يؤدي إلى زيادة نسبة السيولة في الدولة دون الاستثمار، مما يؤدي إلى تقليل قيمة العملة وربما تقليل نسبة الربح للبنوك والإحجام عن الإقراض .
ارتفاع معدل الإدخار
بالمقابل لنظرية كينز في الاقتصاد، انخفاض الاستثمار والطلب الضعيف يمكن أن يثير مخاوف المستثمرين ورجال الأعمال من الاستثمار، مما يزيد قيمة الادخار وليس العكس .
ارتفاع قيمة الضرائب
يؤدي زيادة الإنفاق الحكومي على الأعمال التجارية لفترة معينة، وهي فترة الركود الاقتصادي، إلى محاولة تعويض هذا الإنفاق فيما بعد من خلال زيادة الضرائب، وهذا يؤثر سلبا على معدل الاستثمار في الدولة مرة أخرى، وبالتالي، فلا فائدة من زيادة الإنفاق الحكومي لأنه يؤدي إلى العديد من السلبيات للمستثمر والحكومة فيما بعد .
الفجوات الزمنية الكبيرة
إن تطبيق نظرية كينز الاقتصادية بشكل نظري يُشير إلى أنها من أنجح وأهم النظريات الاقتصادية ؛ ولكن التطبيق العملي لها قد يختلف ؛ حيث أن ارتفاع نسبة الطلب نتيجة الإنفاق الحكومي الذي تقوم به الدولة في فترة الركود يستغرق وقتًا طويلًا حتى تتمكن من ضبط وتيرة الاقتصاد داخل الدولة ، في حين أن الاستمرار في الإنفاق الحكومي لفترة زمنية طويلة وفقًا لطبيعة السوق داخل كل دولة قد ينتج عنه زيادة مفرطة في معدلات التضخم .