ماذا يقال في سجود الشكر
لدى الله سبحانه وتعالى نعم كثيرة وعظيمة على عباده، وتحتاج هذه النعم إلى شكر الله وحمده، ويمكن شكره بأشكال مختلفة، مثل إخراج الصدقات أو الثناء عليه بالكلام أو الإحساس بالشكر في القلب، أو السجود تعبيرا عن الشكر، وسأوضح تفاصيل السجود تعبيرا عن الشكر لله فيما يلي:
المقصود بسجود الشكر
هو سجود عادي جدا كغيره من السجدات التي نتضرع ونتذلل بها لله تعالى في صلواتنا، لكن الهدف هنا يختلف عن سجدة الصلاة التي هي ركن أساسي لتمام الصلاة وقبولها، فسجود الشكر يكون حمدا وعرفانا بفضل الله من أجل نعمة عامة ساقها الله للمسلمين أو نعمة خاصة ساقها الله للشخص، وكمثال على سجود الشكر لنعمة خاصة كأن يسجد لله شكرا من رزقه الله بطفل، أو يسجد لله شكرا من خارج سالما آمنا من حادث ما، أو يشكر لله من حصل على شيء أو منصب أو وظيفة ما كان يرتجيها.
وفيما يتعلق بسجود الشكر لنعمة عامة سخرها الله للمسلمين جميعا، كما فعل سيدنا “أبو بكر الصديق” بعد أن علم بمقتل “مسيلمة الكذاب” الذي ادعى النبوة وهاجم الإسلام، حيث قام “أبو بكر” بالسجود لله سبحانه وتعالى شاكرا له على نعمة قتل الخبيث عدو الله “مسيلمة الكذاب”، وبالتالي إذا بشر الإنسان بأمر يسعده وسجد لله سبحانه شاكرا ومحمدا له على ما أنعم به عليه من فضل أو على ما منعه من ضلال وضرر، فهذا يعرف باسم سجود الشكر.
ما يقال عند سجود الشكر
أجمع جمهور أهل العلم على أن المسلم إذا أراد السجود شكرا لله تعالى فينبغي عليه أن يقول “سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يا سبحانك ربنا، وبحمدك يا الله، اغفر لي”، كما يمكن له الدعاء عند سجود الشكر مثلما يدعو تماما في سجود الصلاة.
الطهارة في سجود الشكر
يقول الفقهاء، وهذا هو الشائع والصحيح، أنه لا يشترط للمسلم الطهارة عند سجوده شكرا لله تعالى، لأنه ليس جزءا من الصلاة، ولا يعتبر فرضا في شيء. ولكنه مجرد سجود مشابه لسجود التلاوة، إذا كان خارج نطاق الصلاة، لا يشترط له الطهارة، بل يضيفون أيضا أنه لا يوجد عائق مطلق في أن يسجد المسلم شكرا لله وإن كان غير طاهر؛ فإذا كان المسلم يتلو القرآن ويرتله وليس على طهارة، ثم مر بآيات السجدة، فإنه يجوز له السجود وإن كان غير طاهر، وهكذا سجود الشكر ليس له شرط الطهارة.
واستدل العلماء على أقوالهم تلك بأن سجود الشكر ليس من جنس الصلاة بل هو عبارة عن ذلٌّ لله واستكانة وعبادة له سبحانه، وأن سجود الشكر يعتبر من جنس ذكر الله كالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، وأيضا يعتبر من جنس قراءة القرآن فليس له شرط الطهارة، وكما أن القارئ من غير المصحف لا يشترط له الطهارة، فهكذا الذاكر لله والمسبح بحمده والمهلل باسمه والمستغفر له يجوز أن يفعل هذا وإن كان على غير طهارة، بينما ظهرت بعض الأقاويل التي تنادي بوجوبية الطهارة عند سجود الشكر كسجود الصلاة، ولكنه قول ليس عليه دليل.
حكم سجود التلاوة
اختلف الأئمة والفقهاء حول قولين من حكم سجود التلاوة، حيث أجازه أحد الطرفيه وكرهه الآخر، حيث أن الإمام “أبا حنيفة” اعتبر سجود الشكر ليس بسنة بل وذهب لكراهيته حين قال بأن الرسول كانت نعم الله عليه عديدة لوم يكن يسجد لله شكرا كثيرا بل كان يصلي لله شكرا، وقد اتفق معه في ذلك الإمام مالك ومن تبعه، أما الامام الشافعي فذهب إلى أن السجود لله شكرا أمر مستحب.
واستدل الإمام الشافعي على ذلك بحديث رسولنا الكريم للصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، عندما طال الرسول في السجود، فذهب عبد الرحمن بن عوف ليطمئن عليه، فأخبره النبي أنه كان ساجدا لله شاكرا لأنه أوحى إليه بأن من صلى عليه سيصلي الله عليه، ومن سلم عليه سيسلم الله عليه.