لماذا كانت الملائكة تسلم على عمران بن حصين
من هو الصحابي الذي كانت الملائكة تسلم عليه
يوجد في التاريخ الإسلامي شخصيات هامة أثرت في النفوس حتى اليوم، من بينهم الصحابي عمران بن حصين. لم يذكر شيء عن قصة إسلامه في التاريخ، إلا أنه أسلم في عام خيبر، وهو العام السابع للهجرة.
بالإضافة إلى أنه يعد واحدا من فقهاء وعلماء أهل البصرة، وكان من حفظة القرآن الكريم في سن مبكرة، وعدا عن ذلك، كان من الذين اعتزلوا الفتنة ولم يشتركوا في الحرب بين علي ومعاوية. وتتميز حياته بالصدق والزهد والورع والتفاني وحب الله وطاعته بجميع الطرق.
يدعى الرجل بالكامل عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم بن سالم بن غاضرة بن سلول، ويُلقب بأبي نجيد، وكان ينتمي إلى قبيلة خزاعة، وبالنسبة لإسلامه، فقد أسلم هو وأبوه وأبو هريرة في وقت واحد في العام السابع الهجري.
ما هي صفات عمران بن حصين
كان الصحابي عمران بن حصين من الأشخاص الصابرين الشرفاء الذين يجب أن يكون لهم القدوة في الحياة. تحمل على عاتقه مرضا طوال ثلاثين عاما، ولم يمنعه هذا المرض من مواصلة عبادته لله، سواء كان قائما أو جالسا أو مستلقيا. وعندما عد أخوانه ليعزوه ويواسوه في مصابه، قال لهم بابتسامة: `إن أحب الأشياء إلي هي أحبها إلى الله`.
والغريب في الأمر أن البعض يعتبر الموت بداية للراحة والسعادة، وليس بداية للمصائب كما يعتقده معظم الناس، وكان دائما يسعى للتقرب من الله تعالى، وكان يعرف حق ربه وكان يعتبر الموت، وعمران كان واحدا من أصحاب هذا النظر الصائب والفكر الثاقب والأدب الرفيع، ولذلك أحبه الله ودعا الملائكة بأنه يحبه، وجعل الله نهايته سعيدة وأعد له جنات تجري من تحتها الأنعام
كما قال الله تعالى في كتابه الحكيم: إن المتقين في جنات ونعيم، فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم. كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون، متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين. والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان، ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء. كل امرئ بما كسب رهين. وكان من ضمن ملامح شخصيته ما يلي:
- الربانية: لقد بلغ عمران من الإيمان درجة الربانية، حيث تسلمت الملائكة عليه، وهذا لا يحدث إلا مع إنسان قد بلغ من العبودية لله تعالى درجة عالية للغاية.
- نشر العلم للناس: يظهر ذلك من خلال عدد الأشخاص الذين تعلموا منه في ذلك الوقت.
- الفطنة وسرعة البديهة
ومن الأحاديث التي قد رواها عنه مُطرف بن عبد الله، أن عمران قال له إنه سيُحدّثه بحديثٍ ينفعه في الدُنيا والآخرة، فقال: (إنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- جَمع بيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَنْهَ عنْه حتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَنْزِلْ فيه قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَقَدْ كانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ، حتَّى اكْتَوَيْتُ، فَتُرِكْتُ، ثُمَّ تَرَكْتُ الكَيَّ فَعَادَ).
قد شارك في بعض الغزوات التي قادها النبي – صلى الله عليه وسلم -، ومن ثم عاد إلى المدينة. في يوم من الأيام، كان يرتدي الخز، ورأى الناس ذلك. فأخبرهم أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: `إذا منح الله عبدا نعمة، يحب أن تكون ظاهرة عليه`.
موقف الحيدة
قد يحدث موقف الحيدة في مدينة الحيدة، ويتمثل هذا الموقف في نزاع وقع بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، ولم يقتصر عمران على موقف الحيدة فقط، بل رفع صوته بين الناس داعيًا إياهم للتوقف عن المشاركة في تلك الحرب، وقال للناس:
لأن أرعى أعنزا حضنيات في رأس جبل حتى يدركني الموت، أحبّ إليّ من أن أرمي في أحد الفريقين بسهم، أخطأ أم أصاب»..، وكان يوصي من يلقاه من المسلمين قائلاً: الزم مسجدك، فإن دخل عليك، فالزم بيتك، فإن دخل عليك بيتك من يريد نفسك ومالك فقاتله». وكان – رضي الله عنه لا يحب المشاكل ويسعى بكل الطرق الممكنة للصلح .
لماذا كانت الملائكة تسلم على عمران بن حصين
قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: قال لي عمران بن حصين إن الشخص الذي كان قد انقطع عني قد عاد، وهو يشير إلى تسليم الملائكة لي. وقال لي: احتفظ بهذا الأمر لنفسي. قال عبد الوهاب بن عطاء العجلي لنا: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة، قال: أخبرنا قتادة، عن مطرف قال: أرسل إلي عمران بن حصين وهو في مرضه، فقال: إنه تسلم علي، أي تسليم الملائكة لي. فإن عشت، فاحتفظ بهذا الأمر لنفسي، وإن مت فحدث به إن شئت.
رفض أن ينشغل بأي شيء آخر غير الله وعبادته، فقد انغمس في العبادة وأصبحت العبادة هي كل ما يحتل تفكيره حتى أصبح كأنه لا ينتمي إلى عالم الدنيا الذي يعيش فيه وبين ناسه.
وصل رجل في التبتل والتقوى والزهد إلى حد الشبه بالملائكة، حيث كان يحدثهم ويحدثوه، ويصافحهم ويصافحونه، ويردد عنه رضي الله عنه أن الملائكة كانوا يسلمون عليه حتى احترق للحصول على الشفاء من المرض، وبعدما خضع لمرحلة العلاج وتعافى، تركوه ولكنهم عادوا إليه مرة أخرى بعد انتهاء فترة العلاج.
تأثر منهج الداعية عمران بتسليم الملائكة لله، حيث كان من الدعاة الذين يسعون جاهدين للقضاء على الفتن. وفي الخلاف بين جيشي علي ومعاوية، كان عمران يدعو الناس إلى إنهاء الفتنة في بدايتها وعدم المشاركة في القتال قائلاً:
أحب أن أرعى أعنزا حضنيات في رأس جبل، حتى يدركني الموت، من أن أرمي بسهم في أحد الفريقين، سواء أخطأت أم أصبت”، ومن خلال ذلك يرجع سبب تسليم الملائكة عليه هي صفاته ومنها :
صادقاً مع نفسه
كان رضي الله عنه صادقًا مع نفسه ومع الله، وكان زاهدًا مجابًا للدعوة، وكان يتفانى في طاعة الله وحبه
كثير البكاء خشيةً وخوفاً من الله
يحب أهل البصرة هذا الشخص بشدة بسبب تقواه وورعه، حيث كان محايدًا عندما وقعت الفتنة ودعا الناس لكف الأذى عن الآخرين وعدم الاشتراك في الحروب
صبوراً وقوي الإيمان وخاصةً في مرضه.
كان عمران مريضًا ولكنه صبور ومجتهد وراضٍ عن وضعه
كان يُكثِر الوصية
لقد كان لمن يلقاه من المسلمين قائلاً: – يوصي بالبقاء في المسجد، وإذا دخل عليك العدو فابق في بيتك وقاتله من أجل حماية نفسك ومالك. وعندما أدرك الموت، نصح أهله بأنهم عندما يعودون من دفنه يُذْبَح للفقراء ويُطْعَموا،
فعند وفاة أحد هؤلاء السابقين، لا ينبغي أن يتم استقباله بالحزن والبكاء والنحيب، بل يجب أن يتم استقباله بالغبطة والحبور والفرح والسرور، لأن روحه تشبه عروسًا تُزَف إلى عالم الطهر والصفاء، حيث لا دنس ولا رجس معها، إلى عالم البقاء والخلود، حيث لا هلاك ولا فناء معها.