ادب

لماذا قال المتنبي انا الذي نظر الاعمى الى ادبي ؟.. ما المناسبة للقصيدة

السبب في قول المتنبي “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي”

من بين الأبيات الشعرية الشهيرة التي قالها المتنبي هي “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي، وأسمعت كلماتي من به صمم”، وتوضح هذه الأبيات قدرة المتنبي على الاعتزاز بنفسه وبأشعاره، حيث استخدم التشبيه لإظهار أن أدبه يجذب انتباه الجميع وأن كلماته تصل إلى أذن غير مستقبلها، ولم يكتف المتنبي بذلك فحسب، بل قال العديد من الأبيات الشعرية الأخرى التي تحتل مكانة عالية في الأدب.

يذكر أن المناسبة التي قال فيها المتبني “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي” كانت عندما جاء أبو فراس الحمداني لزيارة ابن عمه الأمير سيف الدولة الحمداني، وأخبره أن المتنبي يثني عليه بشكل مبالغ فيه في قصائده، وأن سيف الدولة يمكنه توزيع جزء من المال المخصص للمتنبي على عدد من الشعراء الآخرين ليتحسن لدى الناس الصورة الذين يرون فيها سيف الدولة.

قصيدة واحر قلباه ممن قلبه شبم  كاملة

تلك القصيدة من اشهر ما قاله المتنبي، حيث اشتهر فيها أحد أبياتها الشعرية وهي “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي”، وتعبر تلك القصيدة عن مدى اعتزاز المتنبي بذاته وثقته الكبيرة بها، وهو ما حققه بالفعل، ولكن تلك الثقة الكبيرة بالنفس كانت السبب في مقتله، وفيما يلي كلمات القصيدة الشعرية الأكثر إثارة

واحرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ

وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ

مالي أكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي

وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ

إن كانَ يَجمَعُنا حبٌّ لِغُرَّتِهِ

فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقتسِمُ

قَد زُرتُهُ وسيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ

وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ

فَكانَ أحْسنَ خَلق الله كلِّهِمُ

وكانَ أحسنَ مافي الأحسَنِ الشِّيَمُ

فوتُ العدوِّ الذي يَمَّمْتُه ظَفَرٌ

في طيّه أسَفٌ في طيّه نِعَمُ

قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ واصْطنَعَتْ

لكَ المهابةُ ما لا تَصنعُ البُهَمُ

ألزَمتَ نفسَكَ شيئاً ليس يَلْزَمُها

أن لا يوارِيَهمْ أَرضٌ ولا عَلَمُ

أكُلَّما رُمتَ جيشاً فانْثَنى هَرَباً

تَصرَّفَت بكَ في آثارِه الهِمَمُ

عليكَ هَزمُهُمُ في كلِّ مُعتركٍ

وما عليكَ بِهِمْ عارٌ إذا انهزَموا

أما تَرى ظَفراً حُلْواً سِوى ظَفَر

تَصافحَتْ فيه بيضُ الهِندِ واللمَمُ

يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي

فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ

أعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً

أن تَحْسبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ

وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ

إذا استَوَت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ

سيَعلَمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مَجلسُنا

بأنَّني خيرُ مَن تسعى بهِ قَدَمُ

أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي

وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ

أنامُ مِلْءَ جُفُوني عن شوارِدِها

ويَسْهَرُ الخلقُ جرَّاها وَيَختَصِمُ

وجاهلٍ مدَّه في جهلِهِ ضَحِكي

حَتّى أتَتْه يدٌ فرَّاسةٌ وفَمُ

إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً

فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ

وَمُهجةٍ مُهجتي مِن هَمّ صاحبها

أدركْتُها بجَوادٍ ظهرهُ حَرَمُ

رِجلاه في الرَّكضِ رجلٌ واليدانِ يدٌ

وفعلُه ما تريدُ الكفُّ وَالقَدَمُ

ومُرهَفٍ سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ

حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ

الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني

والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ

صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِداً

حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ

يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم

وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ

ما كان أخلقنا منكم بتَكرمَةٍ

لو أنَّ أمرَكُمُ مِن أمرِنا أمَمُ

إن كانَ سرَّكمُ ما قال حاسدُنا

فما لجُرح إذا أرضاكُمُ ألَمُ

وبيننا لَو رعيتُم ذاك مَعرفةٌ

إن المعارِفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ

كَم تَطلُبونَ لنا عيباً فَيُعجِزُكُم

وَيَكرَهُ اللهُ ما تأتونَ والكَرَمُ

ما أبعدَ العيبَ وَالنقصانَ عن شَرَفي

أنا الثُّريا وذانِ الشيبُ والهَرَمُ

ليتَ الغمامَ الذي عندي صواعقُهُ

يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عندَهُ الدِّيَمُ

أرى النَّوى يَقتضيني كلَّ مرحلَةٍ

لا تَستقلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُّسُمُ

لئنْ تَرَكْنَ ضميراً عن ميامِنِنا

ليَحْدُثَنَّ لِمَنْ وَدَّعتُهم نَدَمُ

إذا ترحَّلتَ عن قومٍ وقد قدَروا

ألا تُفارِقهُمْ فالرَّاحلونَ هُمُ

شرُّ البلادِ مكانٌ لا صديقَ بهِ

وشرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ

وشرُّ ما قنَّصَتْه راحتي قَنَصٌ

شُهْبُ البُزاةِ سواءٌ فيه والرَّخَمُ

بأي لفظٍ تَقولُ الشعرَ زِعْنِفَةٌ

تَجوزُ عندَك لا عُرْبٌ ولا عَجَمُ

هذا عتابُكَ إلّا أنَّهُ مِقَةٌ

قد ضُمِّنَ الدُرَّ إلّا أنَّهُ كَلِمُ

معلومات عن المتنبي

هو `أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي أبو الطيب المتنبي`، وهو أحد الشعراء المتمتعين بالحكمة والعقل، وكان أحد فخر الأدب العربي. له العديد من الأمثال الشهيرة والمعاني المبتكرة والحكم العميقة. ولد في منطقة تسمى `كندة` في الكوفة، وتم تسميته بها. نشأ المتنبي في الشام بعد ذلك، وسافر في البادية بحثا عن العلم وتعلم العربية ومعرفة الناس. بدأ يقول الشعر وهو صغير، ثم سافر إلى سيف الدولة الحمداني في عام 337 هجريا وقدم له مديحا، مما جعله يحظى بمكانة عالية في نظره. ثم ذهب إلى مصر وأشاد بكافور الإخشيدي، وطلب منه أن يدعمه، ولكن كافور رفض، فغضب المتنبي وانصرف يسبه.

هل مات المتنبي بسبب بيت شعر

” في العديد من الأحيان والمواد الدراسية، نجد أن أحد الأبيات الشعرية التي قالها المتنبي تكرر باستمرار، وهي “الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم”. ومع ذلك، يعد الكثيرون الذين يستمعون إليها غالبا غير مدركين أن هذا البيت هو السبب وراء مقتل المتنبي. ففي أثناء عودته إلى الكوفة بصحبة ابنه محسد، التقى بمجموعة من قطاع الطرق، وكانوا يترصدونه هم وقائدهم فاتك ابن أبي جهل الأسدي. قام المتنبي بالاستهزاء بابن أخيه عن طريق الخطأ، مما دفع الأسدي للتخطيط للانتقام منه. وبمجرد أن مر المتنبي بجانبهم، هاجموه وقتلوا ابنه. وعندما حاول المتنبي الهروب، قال له غلامه مفلح: كيف تهرب وأنت من قلت: “الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم”؟ فأجاب المتنبي قائلا: “لقد قتلتني، قتلك الله”. ثم عاد المتنبي للقتال مرة أخرى حتى تم قتله.

وبسبب ذلك، اشتهر هذا البيت كثيرا بين الناس بأنه البيت الذي تسبب في قتل صاحبه، حيث قام المتنبي نتيجة لكبريائه وتفاخره بنفسه بقول هذا البيت في شخصه، وعندما فكر في الهروب، ذكره الغلام بكلماته، فانتظر المتنبي ولم يهرب ونجا بحياته نتيجة لكبريائه، لأنه خاف أن يراه الناس ضعيفا، وتوفي المتنبي ولكن شعره لم يمت معه، بل لا يزال يحتل مكانة رائدة في الأدب العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى