ادببوح القصيد

لماذا سمي ديك الجن بهذا الاسم

تتميز اللغة العربية بخلفيتها التاريخية الغنية بالمعارف، إذ لم يكن هناك لدى اللغات العالمية الأخرى خيار لتفسير بعض اللغاتها بالعربية وتعزيز مفرداتها ولغتها، وتمكينها من التعبير عن المودة. وفي الحقبة القديمة، قام العرب بتجميع الاحتفالات والمسابقات الجميلة لفترات طويلة، وكانوا ينفقون أياما وأمسيات طويلة بوجود الإبل للذهاب إلى هذه الاحتفالات وتحقيق حبهم الجوهري في الكتابة.

يعد موضوع مناقشتنا اليوم واحدًا من تلك النوادر الأدبية القديمة المذهلة، ويتعلق بالشاعر عبد السلام بن رغبان.

لماذا سمي ديك الجن بهذا الاسم ؟

سمي الشاعر عبد السلام بن رغبان بـ `ديك الجن`، وذلك بسبب الكثير من الأسماء التي استخدمت لوصفه، وقد كان اختيار الاسم مرجحا لهذه الأسباب

بسبب امتلاكه عيونًا خضراء، يُلقب الشاعر بهذا الاسم.

يُعرف الشاعر باسمه بسبب إدمانه على الخمر وتردده عليها.

كان هناك شبيه بالدابة يسمى “ديك الجن” يتواجد في البساتين، وكان يخرج كثيرا إلى البساتين.

يُذكر أنه قد يكون حصل على هذا اللقب لأنه ذكر الديك في قصيدة له.

هناك من أطلق عليه هذا الاسم لأنه اتهمه بالجنون وقال إنه يقوم بتقليد صوت الديك.

من المرجَّح أيضًا أنَّ عبد السلام حزن على ديك أبي عمرو بن جعفر، ولهذا فقد رثاه.

حياة الشاعر ديك الجن

ولد هذا الشخص في مدينة حمص على طريق العاصي وفي أحد الأحياء القديمة المعروفة اليوم باسم باب الدريب في عام 161 هجرية، وأطلق عليه اللقب العجيب ديك الجن، وعاش حياته في حمص لمدة 75 عامًا تقريبًا، وتم وصف حياته بثلاث مراحل.

في شبابه تابع ديك الجن حياة ليست نموذجية لم يفكر به أحد. لم يكن هناك ما يميزه عن عزلته، ولا تشير الكتب القديمة إلى أي شيء عن شبابه، ما يمكننا قوله دون شك هو أن ديك الجن دفع شبابه إلى المساجد حيث المعلمين والباحثين ، وأين التمرين والبحث، لقد وضح عن هذه الفترة على شبابه وما قبل البلوغ وطفولته، حيث أن وجهات نظره وآياته تناقش فضل العلوم المختلفة في زمانه.

لم يتطلع الجن أبدا للانتقال إلى العراق مثلما فعل الشعراء الآخرون بسبب الشهرة والمال، بل كان يفضل البقاء في حمص حتى وفاته.

أشهر قصائد ديك الجن

واحدة من أشهر قصائد ديك الجن هي التي كتبها لحبيبته، حيث تسلل إلى بستان أحد الأديرة النصرانية بطريقة سرية ووجد فتاة جميلة تقرأ بعض أبيات شعرها بصوت رائع. قيل إنه وقع في حبها بعد سماعه لتلك الأبيات

أتمنى لك راحة نفسية حقيقية في قلبي الحائر

فإن الحسن قد أولاكِ إحيائــى وإهلاكـــي

وأولــعني بصلبــانٍ ورهبـــان ونسَّــــاكِ

ولــم آت الكنـــائس عن

هـــوى فيــهن لـــــولاك

وقرر أن يواجها ويعرفها بنفسنه وفقال عبد السلام ألا تعرفين لمن تلك الابيات الشعرية، فقالت أعرف أنها لديك الجن، فقال لها ألا تصدقين أن قولت لك أني ديك الجن فقالت له أريد إثبات على ذلك، وقال لها ما يمكنني أن أقدمه لكَ فقالت ان تقول لي بعض من شعرك المرتجل الآن فحدثها قائلاً

قولــــي لطيــفـك يـــــنثنـي

عن مضجعي وقت المنام

كي استريـح وتنطفـي

نار تؤجج فـي العظـام

دنـف تقلبـه الأكــف

على فراش من سقـام

أما أنـا فكمـا علمـتِ

فهل لوصلك من دوام ؟

لكنها أرادت تغيير الكلمات بنفس القافية، فقال لها

قولــــي لطيفــــك يـــنثنـي

عن مضجعي وقت الرقاد

كـــي استريـــح وتــنطفـي

نـــار تـؤجج فـي الفـــؤاد

دنــــف تقلبــــه الأكــــف

علــى فـــراش مـــن قتـــاد

أمــا أنــــا فكمــــا علمــــتِ

فهل لوصلك من معاد ؟

وطلبت التغير مرة أخرى:

قولــــي لطيفــــك ينثـنـــي

عن مضجعي وقت الهجوع

كـــــي استريــــح وتنطفــي

نار تؤجج فـي الضلـوع

دنــــف تقلبـــــه الأكــــف

على فراش مـن دمـوع

أمـا أنـا فكمـا علمـتِ

فهل لوصلك من رجوع ؟

طلبت المزيد والمزيد

قولــــي لطيفــــك ينثـــني

عن مضجعي وقت الوسن

كــي أستريـــــح وتنطفـــي

نــــار تأجــــج في البــدن

دنــــف تقلبــــه الأكـــــــف

علـى فــراش مـن شجـــن

أمــــا أنـــا فكمـــا علـــمت

فهل لوصلك من ثمن؟

لا يصدق أحد أن هذه الفتاة الجميلة كانت قد تزوجت ديك الجن وأصبحت قصة حبهما قصة مشهورة يتغنى بها الناس في المدينة والمدن المجاورة. وكان لها ابن عم غيور من ديك الجن، وقد نصب فخًا لزوجته ليثبت لنفسه أنها تخونه، ولكنه وقع في الفخ وقتل زوجته، وهذه هي قصيدة الرثاء التي تنعى الفتاة الجميلة

رَوَّيتُ مِن دَمِهَا الْثَرَى وَلَطَالِمـا

رَوِّى الْهَوَى شَفَتَيَّ مِن شَفَتَيْهـا

قَد بَات سَيْفِي فِي مَجَال وِشَاحِهَا

وَمَدَامِعي تَجْرِي عَلـى خَدَّيْهـا

فَوَحَق نَعْلَيْهَا وَمَا وَطِىء الْحَصَى

شَيْءٌ اعَزُ عَلـيَّ مـن نَعْلَيْهـا

مَا كَان قَتْلِيّها لِأَنـي لـم اكـن

أَبْكِي إِذَا سَقـط الذَّبـابُ عَلَيْهـا

– لكن ضننت على العيون بحسنها

وَأَنِفْت مِن نَظَر الْحَسُود إِلَيْهـا

قمرٌ انا استخرجته من دجنـة

لبليتي وزففتـُهُ مـن خِـدْرِهِ

فقتلتـهُ ولـهُ علـيَّ كرامـة

مِلءَ الحشا وله الفؤادُ بأسـرهِ

عهدي به مَيْتاً كأحسـن نائـمٍ

و الحزنُ ينحرُ مقلتي في نحرِهِ

لو كان يدري الميْتُ ماذا بعدهُ

بالحيّ حلَّ بكى لهُ في قبـرِهِ

غُصَصٌ تكادُ تفيضُ منها نفسهُ

وتكادُ تُخرجُ قلبَهُ من صـدرِهِ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى