لماذا سمي امرؤ القيس بـ ” الملك الضليل “
يعد أمرؤ القيس واحدا من أهم شعراء العرب في العصر الجاهلي، وله العديد من المدونات الشعرية التي لا تزال محل دراسة حتى اليوم. ووفقا لمعظم الروايات، عاش أمرؤ القيس في الفترة ما بين 496 و 544 ميلادية، وهو من الشعراء العرب الأشهر، ولكنه من أصل يمني ولد في نجد، وكان من أسرة مرموقة، إذ كانت والدته أخت المهلهل، وهو أيضا من الشعراء الأشهر في ذلك الوقت، ووالده هو ملك أسد.
حياة أمرؤ القيس
لعبت الأقدار دورا كبيرا في حياة أمرؤ القيس حيث تم تقسيم حياته إلى قسمين متباعدين تماما، ولكنه استطاع أن يجمع بين تلك الأقسام المختلفة في حياته من خلال مدوناته الشعرية العظيمة التي تركها لنا وتظل مرجعا للعديد من الشعراء حتى اليوم. فقد جمع بين الموت والحب، وبين الظمأ والماء. وربما كانت فترة ما بعد مقتل والدته وعبارته الشهيرة `اليوم خمر وغدا أمر` هي الفصول الأكثر وضوحا في حياة أمرؤ القيس. وقد انشغل الناس كثيرا بشعر أمرؤ القيس.
كانت حياة أمرؤ القيس متضاربة بشكل كبير، فعاش حياة مليئة بالحب والانتماء، ولكنه في الوقت نفسه كان يسعى جاهدا لتحقيق الثأر، وقاتل وهاجر بعيدا عن بلده، وسجل تجربته في الشعر في كل مرحلة من مراحل حياته، خاصة عندما اضطره والده للرحيل إلى منطقة حضر موت، حيث عاش حياة فوضوية وكان دائما في حالة سكر، كما كتب الشعر الغزلي وتنقل بين البلدان، وفي هذه الفترة قتل والده على يد بني أسد، وكانت هذه الفترة حاسمة في حياة أمرؤ القيس.
بعد ذلك، بدأ في البحث عن الثأر والموت وانطلق في حياة مليئة بالترفيه، وحاول بشدة تجميع القبائل من حوله للانتقام من بني أسد بسبب وفاة والده. وتمكن من ذلك حيث ساندته العديد من القبائل العربية ضد بني أسد. وعلى الرغم من ذلك، لم تكن تلك الحرب كافية بالنسبة له لتحقيق الانتقام. وبمجرد خيبة أمله في استكمال الحرب مع العرب، توجه إلى ملك الروم بحثا عن المساعدة والدعم، وقطع رحلة طويلة من تركيا إلى بيزنطة.
توفي أمرؤ القيس في تلك الرحلة ودُفِن في أنقرة، ولم يتمكن من الانتقام لأبيه.
تلقيب أمرؤ القيس بالملك الضليل
في الماضي، اشتهر أمرؤ القيس بعدة أسماء، ومن أشهرها الملك الضليل، ويؤكد بعض الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من أطلق عليه ذلك اللقب، بسبب انشغاله عن الملك الذي ورثه عن أبيه بعد مقتله على يد بني أسد، وقد سار بين القبائل العربية بحثه عن ثأر أبيه، وأطلق عليه أيضا لقب ذي القروح، وهو ذلك اللقب الذي أطلق عليه خلال عودته من القسطنطينية نتيجة تعرضه للجدري.
توفي أثناء عودته من بلاد الروم بعد أن طلب المساعدة منهم في حربه ضد بني أسد، ولكنه توفي متأثرا بتلك الحالة المرضية ولم يتمكن من الانتقام.
أشعار أمرؤ القيس
من أجمل الأشعار التي نقلت عن أمرؤ القيس:.
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَعِرفانِ وَرَسمٍ عَفَت آياتُهُ مُنذُ أَزمانِ
أَتَتْ حُجَجٌ بَعدي عَلَيها فَأَصبَحَت كَخَطِّ زَبورٍ في مَصاحِفِ رُهبانِ
ذَكَرتُ بِها الحَيَّ الجَميعَ فَهَيَّجَتْ عَقابيلَ سُقمٍ مِن ضَميرٍ وَأَشجانِ
فَسَحَّت دُموعِي في الرِداءِ كَأَنَّهُ كُلًى مِن شُعَيبٍ ذاتُ سَحٍّ وَتَهتانِ
إِذا المَرءُ لَم يَخزُنْ عَلَيهِ لِسانَهُ فَلَيسَ عَلى شَيءٍ سِواهُ بِخَزّانِ
فَإِمّا تَرَيني في رِحالَةِ جابِرٍ عَلى حَرَجٍ كَالقَرِّ تَخفُقُ أَكفاني
فَيا رُبَّ مَكروبٍ كَرَرتُ وَراءَهُ وَعانٍ فَكَكْتُ الغُلَّ عَنهُ فَفَدّاني
وَفِتيانِ صِدقٍ قَد بَعَثتُ بِسُحرَةٍ فَقاموا جَميعًا بَينَ عاثٍ وَنَشوانِ
وَخَرقٍ بَعيدٍ قَد قَطَعتُ نِياطَهُ عَلى ذاتِ لَوثٍ سَهوَةِ المَشيِ مِذعانِ
وَغَيثٍ كَأَلوانِ الفَنا قَد هَبَطتُهُ تَعاوَرُ فيهِ كُلُّ أَوطَفَ حَنّانِ
عَلى هَيكَلٍ يُعطيكَ قَبلَ سُؤالِهِ أَفانينَ جَريٍ غَيرَ كَزٍّ وَلا وانِ
وقصيدة الطلل البالي
أَلا عِمْ صَباحًا أَيُّها الطَلَلُ البالِي وَهَلْ يَعِمَن مَنْ كانَ فِي العُصُرِ الخَالي؟
وَهَل يَعِمَنْ إِلّا سَعيدٌ مُخَلَّدٌ قَليلُ الهُمومِ ما يَبيتُ بِأَوجالِ؟
وَهَل يَعِمَن مَنْ كانَ أَحدَثُ عَهدِهِ ثَلاثينَ شَهرًا في ثَلاثَةِ أَحوالِ؟
دِيارٌ لِسَلمَى عافِياتٌ بِذي خالِ أَلَحَّ عَلَيها كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ
وَتَحسِبُ سَلمى لا نَزالُ كَعَهدِنا بِوادي الخُزامى أَو عَلى رَسِ أَوعالِ
لَيالِيَ سَلمى إِذ تُريكَ مُنَصَّبًا وَجِيدًا كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِمِعطالِ
أَلا زَعَمَتْ بَسباسَةُ اليَومَ أَنَّني كَبِرتُ وَأَنْ لا يُحسِنَ اللَهوَ أَمثالي
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي
وَيا رُبَّ يَومٍ قَد لَهَوتُ وَلَيلَةٍ بِآنِسَةٍ كَأَنَّها خَطُّ تِمثالِ
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِهِ كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ