لماذا سميت قرية كمل نومك
غالبا ما تؤثر الأسماء على المناطق والبلاد، ويقوم الناس بنسج الحكايات والقصص حولها، ومن بين تلك البلاد قرية كمل نومك التي تقع في السودان.
موقع قرية كمل نومك وسبب التسمية
تقع قرية كمل نومك في وسط السودان، وتحديدا في ولاية الجزيرة. وتبعد مسافة لا تقل عن 200 كيلومتر عن العاصمة مدينة الخرطوم. وعلى الرغم من الانطباع الأولي الذي يشير إلى أن اسم القرية يرتبط بالكسل والتقاعس عن العمل والنشاط، فإنه ليس صحيحا. بل يرتبط هذا الاسم بالأمان الذي تتمتع به القرية وكل من يزورها أو يعيش فيها. وتعد القرية ملاذا آمنا لأبناء القرى الأخرى الذين يزورونها للاستراحة دون الشعور بالقلق.
توقيت تسمية القرية بـ ” كمل نومك “
يوضح دفع الله عبد المطلب ، واحد من شخصيات القرية الرفيعة ، أن تسمية القرية تعود إلى فترة مؤسس القرية الذي كان جده قبل عدة قرون. كان فارسا يمتلك معظم الأراضي في القرية ، وتميزت القرية بالأمان خلال فترة حكمه ، بينما عانت القرى الأخرى من الخطب والسرقة والنهب. وفي هذه الظروف الصعبة ، استضاف الهاربين من تلك الأحداث في القرية. ومن هنا جاءت فكرة تسمية القرية باسم “كمل نومك” ، ومعناها “يمكنك النوم بشكل عميق وآمن ولن تتعرض لأي أذى.
قرية كمل نومك لا تعرف الكسل
رفض سكان القرية بشدة الفكرة التي وصفوها بأنها كسولة، والتي يتم تصنيفهم بها دائما عندما يتم الحديث عن القرية. ومع ذلك، تمتلئ القرية بالحيوية والنشاط، فهم يعملون بجد في الزراعة، ولذلك يستيقظون في الصباح الباكر عند أذان الفجر الأولى ليقضوا يومهم في الحقول. كما يوجد حوالي 500 مزرعة في هذه القرية وتعد هذه القرية “كمل نومك” الصمام الغذائي للسودان، حيث يتم زراعة المحاصيل الاستهلاكية مثل الفول والقمح، بالإضافة إلى أن القرية تعتبر نسيجا اجتماعيا مترابطا رغم تعدد القبائل من مغاربة وركابية وخلافة وجعليي.
يمكن أن يشعر كل من يستمع بأسم القرية بأنها مليئة بالنشاط والحيوية، ولذلك يوصى بزيارتها للتحقق من النشاط الموجود فيها. في مدخل القرية، هناك لافتة كبيرة تحمل عبارة “قرية كمل نومك” بخط كبير، وتحتوي على القنوات الزراعية الرئيسية في السودان بأكمله، ويعتمد معظم السكان على الزراعة والتجارة كمهنتين.
سمات قرية كمل نومك
– وبالرغم من الحرارة العالية في القرية ، إلا أن الحركة الشديدة في القرية تعد لافتة لنظر أي زائر من المرة الأولى، فتجد النساء تحمل الأعواد الخشبية على رؤوسهن، والرجال يقومون بحرث الأرض، والتنقيب بها من خلال المعاول التقليدية قبل القيام بنشر البذور بها، أما الأطفال فيقومون باللهو في الشارع على الرغم من أشعة الشمس الحارقة.
يتميز المجتمع في قرية كمل نومك بالتكافل والترابط في الشدائد قبل الأوقات الجيدة، بالإضافة إلى افتحاض أبواب منازلهم للأقارب والغرباء تحت مسمى كرم الضيافة.
أسماء ودلالات لمدن السودان
تحمل القرى والأحياء والمدن في السودان العديد من الدلالات الثقافية والاجتماعية والجغرافية والتاريخية، بالإضافة إلى وجود عدد من الأسماء المستمدة من النباتات والحيوانات والحشرات والأشجار، وبالإضافة إلى تلك الأسماء التي اشتقت من اللهجة المحلية لسكان المنطقة، أو اسماء تيمنا بشخصيات سابقة عاشت في البلاد ورتبط اسمها بحدث معين، مثل مدينة كوستي التي ارتبط اسمها باسم تاجر يوناني يدعى كوستينوس، ومدينة نيالا التي تعني المسرح أو مكان الأنس بلغة قبيلة الداجو وهي عاصمة ولاية جنوب دارفور.
– بالنسبة لمدينة الخرطوم، عاصمة السودان، تم اختيارها بناء على شكل الأرض الضيق الذي يقسمه نهر النيل إلى فروعه الأبيض والأزرق قبل أن يتلاقيا معا في منحنى يشبه شكل خرطوم الفيل.
عمومًا، تشير أسماء المدن في السودان إلى دلائل تاريخية تحددها أصل المنطقة واللغة، ويمكن أن تكون مستمدة من البيئة المحيطة أو تسمى نسبة إلى شخص معين، وخاصة شيوخ القبائل والأولياء الصالحين.
تعتبر الأسماء التي استلهمت من البيئة هي الأكثر شيوعا في السودان، حيث هناك مجموعة متنوعة من الأسماء التي تصل إلى 20 اسما مستمدة من العشرة، مثل أبو عشر وأم عشر، بالإضافة إلى نفس العدد المستمد من أشجار النخيل، مثل قرية النخيلة وشجرة التمر وأم نخلة. وعادة ما تكون تلك القرى موجودة على ضفاف النيل، وهناك عدد من القرى مستمدة من اللهجة المحلية، مثل قرية أرتي قاشة في الشمال، وهي جزيرة الدهب بلغة النوبي.
تنطلق التسمية من تركيبة المجتمع المائلة نحو الوصف، حيث ينبثق الاسم من الخيال، وتُنسج صورة في العقل ترتبط بما هو بارز وموجود في بيئة معينة، وبالتالي فإن الاسم يؤثر في البيئة والثقافة.