نطلق مصطلح الفضاء على ما هو خارج غلافنا الجوي، ولكن الأبحاث أثبتت أن الفضاء ليس فارغا، بل هو مليء بالأشياء التي تدهشنا كل يوم، حيث إن الكون ملئ بالنجوم والكواكب والكويكبات والمجرات الملايين التي توجد في مجرتنا والمجرات المجاورة، وتستمر عمليات اكتشافها يوما بعد يوم، حيث يتم حل لغز من ألغاز هذا العالم الغامض.
عندما كنا صغارا، كنا ننظر إلى السماء ونتابع حركة النجوم في الليل الهادئ بعيدا عن أضواء المدينة، وعندما نرى جسما يلمع ويتحرك بعيدا، كنا نفرح ونستمتع به، لأنها المذنبات التي لا تتكرر كثيرا .
نستكشف في هذه المقالة ماهية المذنبات ومكوناتها وسبب اختفائها لفترات طويلة، والسبب وراء ظهورها بهذه الصورة.
ما هي المذنبات وسبب احتفائها
المذنبات هي أجرام سماوية تدور حول الشمس، ولكنها تشكل خطرا كبيرا وتسبب القلق أكثر من أي جسم سماوي آخر، ويمكن أن يرجع ذلك إلى الأضرار التي قد يسببها المذنب عندما يصطدم بالأرض.
في الماضي، كان الاعتقاد السائد حول المذنبات هو أنها تنبئ بالشؤم أو تشير إلى حدوث شيء سيء، ولم يكن البشر قادرين على الوصول إلى كمية العلم التي وصلوا إليها الآن، وكانت ظهور المذنبات في الفضاء يثير القلق. وهناك العديد من الوقائع التاريخية والسجلات التي تشير إلى تزامن ظهور المذنبات مع حدوث كوارث طبيعية أو حروب أو ثورات، وكان البشر في الماضي يقومون ببعض الطقوس الخاصة حتى يمر المذنب بسلام.
المذنب هو جرم سماوي صغير جليدي يدور حول النظام الشمسي ويظهر عند اقترابه من الشمس، وفي بعض الأحيان يظهر ذيل من المذنبات وبالأخص عندما تقترب أكثر من الشمس فكلما اقتربت من الشمس ذاب جليد المذنب وتحول إلى بخار وغبار ومع سرعة انطلاقه يظهر له هذا الذيل الذي نراه، وكلما اقترب المذنب من الشمس يطول ذيله.
عندما يدور المذنب حول الشمس ويقترب منها، يتسخن المواد المجمدة التي تتكون منها نواة المذنب بفعل حرارة الشمس، مما يؤدي إلى تحرير الغازات وظهور ذنب أو ذيل. وعندما يتأين الذيل، يندفع في اتجاه معاكس للشمس.
يمكن اكتشاف المذنبات اللامعة بسهولة، ومن الممكن أن تراها بالعين المجردة أو من خلال الهواة المهتمين بالفلك، وفي بعض الأحيان يراها الطيارون، وتم اكتشاف ثلاثة مذنبات بهذه الطريقة في عام 1970.
عادة ما يتم تسمية المذنب بأسماء مكتشفيه، ولكن هذا الأمر صحيحًا في معظم الأحيان، إلا أن مذنب هالي يشذ عن هذه القاعدة، حيث أن هالي هو اسم الرجل الذي اقترح وجود مدار معين لهذا المذنب يدور فيه في المنظومة الشمسية، وتنبأ بوقت معين يعود فيه المذنب.
هالي يعتقد أن المذنبات تدور في مدارات محددة حول الشمس في النظام الشمسي، ويبدأ البحث والاطلاع على كل ما يتعلق بالمذنبات التي ظهرت سابقا وسجلت في المدونات أو الكتابات، ويجد أن المذنب الذي شوهد في عام 1682 ميلادية هو نفس المذنب الذي شوهد في عام 1531 وفي عام 1607 ميلادية، ثم يقترح العالم هالي أن المذنب سيظهر مرة أخرى في عام 1758، وبالفعل يظهر المذنب في الوقت المحدد من قبل هالي، ولكنه لم يشاهده نظرا لوفاته في عام 1742.
وكما ذكرنا، هالي كان على حق في تصوره لظهور المذنب، ولكنه لم يشاهده بنفسه لأنه كان متوفيا في ذلك الوقت، وقد تأكد العلماء أن المذنب هالي يظهر مرة كل ٧٦ سنة، وبناء على ذلك، فإن المذنبات تدور بانتظام في مدار بيضاوي حول الشمس على شكل قطع مفقودة، وكان هالي أول من أثبت أن المذنبات هي أعضاء في نظامنا الشمسي وأن هناك أكثر من مائة مليون مذنب يدورون حول الشمس بشكل مستمر.
أجزاء المذنب
النّواة : هي الجزء الصلب من المذنب، وتتفاوت في الحجم، حيث يتراوح قطرها بين كيلوجرام واحد وعشرة كيلوجرام، وأحيانا يمكن أن يصل حجمها إلى مائة كيلوجرام.
الذؤابة : تتكون الذؤابة من غبار وغازات متبخرة مثل ثاني أكسيد الكربون والأمونيا وبخار الماء، وتحيط بالنواة وتعد رأس المذنب، حيث تكبر عن النواة بألف مرة وأحيانا يكون حجمها مساويا لحجم الكواكب.
الغلاف الهيدروجيني : الذؤابة محاطة بغلاف غير مرئي ورقيق يتألف من جزيئات الماء، ويزداد حجمه عند اقتراب المذنب من الشمس.
ذيل الغبار : هي جزيئات صغيرة من الغبار التي تكونت بسبب تبخر النواة، ويوجد ذيل الغبار في الجهة المعاكسة للشمس.
كما قلنا أن المذنبات تدور في مدارات بيضاوية طويلة حول الشمس وهذا يعني أن لها مدارات تسير فيها وهذه المدارات طويلة ولهذا تأخذ فترات طويلة لتظهر لنا مرة أخري ولكن مع هذا فإنها لا تختفي بل تظهر على فترات متباعدة جداً، ومن الممكن أن تصطدم بعض المذنبات بكويكبات أو كواكب أو أن تقترب من الشمس حتى تتبخر وتختفي.