كيف مات النبي يحيى ؟.. وتفاصيل القصة
قصة النبي يحيى
إذا تحدث التاريخ، فاستمعوا جيدا، فقد يتحدث بحزن وألم عن أفعال أهل الأرض بخلق الله في بعض الأيام، وفي أحيان أخرى سيقول أن دم المظلوم يقع في يد الله، وسيأتي يوم يحكم الله فيه بأشد العقاب، وفي مكان لا يتوقعه الإنسان، حيث سينصرف الله بالعدل وسيبقى الوعد بأن الظلم سيبقى، وللظالم ستكون نهايته ليست كأي نهاية
: “تحمل قصتنا اليوم عبرة ومأساة، حيث يحمل في طياتها الحزن والنهاية المؤلمة والمفجعة لنبي من أنبياء الله، وهو نبي قتل ظلما وبهتانا، وقال عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام إنه سيد شهداء الأرض وشباب الجنة، وهو الحسين بن علي بن أبي طالب، وقد قال: `إن من هوان الدنيا على الله عز وجل، أن يهدى رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل`
لم يكن للنبي زكريا أطفال، وبالنظر إلى كبر سنه وعمر زوجته الذي يمنعها من الإنجاب، لم يكن زكريا نعمة من ربه. كان زكريا يكفل السيدة مريم بنت عمران، وهي أم النبي عيسى عليه السلام. كانت مريم امرأة فاضلة ونقية بلا عيب
وكان النبي زكريا كلما دخل عليها المحراب التي تتعبد فيه وجد عندها طعاماً مختلفاً وفاكهة متنوعة فكان كلما سألها أني لها هذا أخبرته أنه رزق من الله هذا الأمر دفع النبي زكريا عليه السلام لاعتزال الناس والجلوس في المحراب والدعاء لله عز وجل لكي يرزقه ذرية صالحة فاستجاب الله لعبده زكريا ومنحه يحيي الذي أوصي الله للنبي زكريا أنه لم يسمي أحد بأسم يحيى قط قبل هذا المولود.
تقول الروايات أن النبي زكريا عليه السلام كان يبلغ من العمر 98 سنة وأخرى تقول 102 سنة عندما رزقه الله بولده يحيى عليه السلام، هذا المولود نال سلام الله عليه في أكثر ثلاث مواضع تكون شديدة على الإنسان حيث قال الله تعالي في سورة مريم : ( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) وفي هذه الآية من التبجيل الظاهر للنبي يحيي وهو الذي أوتي النبوة والكتاب وعمره سبع سنوات فقط .
صفات النبي يحيى
وفقا لأقوال الأنبياء وحديثهم، كان النبي يحيى من أتقياء الأنبياء وأزهد وأعبد، وذكره رسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث بتلك الصفات
كان النبي يحيى يشعر بخوف شديد من العقاب والنار، حتى إن النبي زكريا، عندما كان يخطب لبني إسرائيل عن العقاب والنار، كان يلتفت يمينا ويسارا للتأكد من عدم وجود يحيى، لكي لا يفزعه بشدة. وفي إحدى المرات، وجده بعد أن بحث عنه لثلاثة أيام، جالسا يبكي بين قبرين في قبر أعده بيده. سأله النبي زكريا عن سبب جلوسه في القبر، وهو الذي دعا الله ليرى عينه، فأجابه النبي يحيى أنه كان يهذب نفسه ويتذكر الموت والحساب، وبكى عندما تذكر النار وعذابها
يعطى النبي يحيى الحكمة والبلاغة كما تم تجسيدها في قلوب البشر والطيور والحجر، وكان يطعم الحيوانات من طعامه الخاص، وأينما ذهب، كان الرحمة واللطف معه. هذا النبي، على الرغم من كل المحبة التي حظي بها، لم يتزوج أبدا ولم يحب أي امرأة، وكلما سئل عن السبب، أجاب بأنه لا يوجد مكان في قلبه لأي شخص آخر غير الله
كان النبي يحيى موجودا في عصر النبي عيسى عليه السلام، وهما مرتبطان بصلة قرابة من جهة الأم، حيث إنهما ابنا عمومة، وذكر ذلك في القرآن الكريم وكذلك في الإنجيل، وهو شخصية موجودة ومحترمة في الديانة المسيحية، حيث يعرف بأن يوحنا المعمدان هو نبي الله يحيى في المسيحية، وهو أحد الرسل الأبرز للسيد المسيح إلى بني إسرائيل مع الحواريين الاثني عشر، وتتوافق قصة قتله في الإنجيل مع قصة قتله في الإسلام
كيف مات النبي يحيى
تناولت عدة روايات مقتل نبي الله يحيى عليه السلام، إلا أن جميعها اتفقت على الطريقة الموجعة التي قُتل بها وما حدث عند وفاته وعاقبة قتله.
كما ذكرنا سابقا، قام النبي يحيى عليه السلام بإرسال رسالات إلى بني إسرائيل، وكان يواصل بالوعظ لهم. وبالفعل، كان محترما وموقرا من قبل الملوك والعامة على حد سواء، حتى حل ذلك اليوم اللعين. حيث أراد أحد ملوك بني إسرائيل أن يتزوج من أحدى نساء القرابة، ولكن النبي يحيى منعه من زواج المحارم
طلب الملك من يحيى أن يصدر له فتوى تحلل له هذا الأمر وتحل له ما يشاء من الملك والمال، ولكن نبي الله رفض هذا الطلب بشدة، فإنه ليس من العقلاء الذين يخافون النار والعقاب منذ نعومة أظافرهم أن يتورطوا في أمور عظيمة مثل هذه .
هذا الموقف من النبي يحيى لم يُعجب المرأة التي كان يريد الملك أن يتزوج بها فكان منها أن طلبت من الملك أن يكون مهرها رأس يحيى عليه السلام ، رفض الملك في بادئ الأمر فكان مبجلاً مُحباً ليحيي ويخاف من عاقبة الأمر إلا أن شهوته وإلحاح المرأة عليه تغلبا على صوت عقله ، فطلب من حراسه أن يأتوا بيحيى إلى المحراب الذي يتعبد به .
عندما وصل يحيى، وضع يحيى بوعاء كبير وذبح فيه، ليجمع دمه، وهدي رأسه إلى المرأة الباغية. وتم ذكر هذه القصة أيضا في الإنجيل، ولكن باسم الملك هيرودس والمرأة هيروديا، وهي زوجة أخ هيرودس. ونهى يوحنا المعمدان بحسب الإنجيل عن الزواج منها، مما أثار حنقها ودفنت حقدها في قلبها، وقامت باستغلال جمال ابنتها لطلب رأس يوحنا المعمدان من الملك.
في إحدى الروايات الأخرى، يتردد ملوك بني إسرائيل على امرأة من النساء الشرسات لعدة سنوات. وكانت هذه المرأة غاضبة من يحيى لأنه لم يسلم نفسه لها. وعندما كبرت، أعدت ابنتها الجميلة جدا لتلبية رغبات الملك، وطلبت منها شيئا واحدا، وهو أنه عندما يجامعها الملك للمرة الأولى، يتحقق أي طلب تطلبه. وكان طلبها هو رأس يحيى عليه السلام، فقد قاموا بذبحه وقدموا رأسه للمرأة الشرسة من بني إسرائيل.
تقول إحدى القصص إن زوجة أحد ملوك بني إسرائيل أحبت يحيى، وعرضت نفسها عليه، لكنه رفضها، فسجنته. وعندما عاد زوجها، طلبت من الملك أن يعفو عن جميع المساجين، لكنها أمرت بجلب وعاء كبير، ووضعت يحيى عليه، وذبحته حتى انسكب دمه على الأرض. وكلما حاولوا صب دمه، ارتفع الدم والوعاء، فاضطروا لإضافة التراب حتى بلغ الدم مبلغ التراب.
في رواية أخرى، تقول أن نقطة الدم التي سقطت من الوعاء كانت تغلي وتفور وتعلو سنوات طويلة، وهو النبي المظلوم المقتول غدرا وبهتانا دون سبب إلا لإعلاء كلمة الحق
من انتقم للنبي يحيى
تمنى الانتقام من الشعب الذين أرتكبوا جريمة قتله على أيدي شخصية مشهورة في التاريخ والتي ذكرها الحديث النبوي الشريف بأنها كانت من أحد الملوك الأربعة الذين حكموا الأرض وبالتحديد من الملكين الكافرين
هذه الشخصية هي بختنصر أو نبوخذ نصر، وقد سأل عن التل الدموي. وبعد أن تم إخباره بالقصة، أقسم بالانتقام لها وفعل ذلك في حرب عظيمة ضد بني إسرائيل في بيت المقدس، حيث قتل أكثر من سبعين ألفًا وأسر آلاف الآلاف إلى مملكته البابلية.