التاريخ المصري، هذه العبارة تحضر صورا للفراعنة والهيروغليفية والأهرامات والألغاز القديمة، وعلى الرغم من ذلك هناك عدد ضخم من الأحداث التاريخية والشخصيات المثيرة للاهتمام التي تقترب أكثر من مصر الحديثة. ومن بين هذه الحكايات، تأتي قصة الخديوي إسماعيل .
تولي الخديوي إسماعيل الحكم
حصل الخديوي إسماعيل على تعليمه في فرنسا، وحضر المدرسة العليا في باريس حيث تعلم كيفية تبني أفكار جديدة، وكان يحلم بتنفيذ هذه الأفكار في وطنه مصر، حتى تتمكن الأمة من الازدهار، وعند إكمال دراسته، بقي الخديوي إسماعيل في أوروبا كمبعوث يمثل مصر في المحاكم الأجنبية، وكان من واجباته لقاء شخصيات مهمة ومؤثرة، بما في ذلك نابليون الثالث، والبابا في روما، والسلطان في القسطنطينية، وبعد إثبات نفسه، عينه عمه محمد سعيد باشا لقيادة18,000 جندي ونجحوا في قمع انتفاضة في السودان، وعند وفاة شقيقه الأكبر بسبب حادث غرق، عين إسماعيل خليفة له واستلم العرش في 19 يناير 1863، وأصبح الخديوي إسماعيل حاكم مصر .
عندما اكتسب الخديوي إسماعيل السلطة المطلقة، قال إن مصر لم تعد جزءا من أفريقيا وإنها أصبحت جزءا من أوروبا، ولذلك يجب عليهم التخلي عن طرقهم القديمة واعتماد نظام جديد يتوافق مع ظروفهم الاجتماعية، وبدأ إسماعيل الفوري بإنفاق مبالغ ضخمة على بناء المؤسسات والبنية التحتية والقصور وقناة السويس، وفي عام 1867، أعلن السلطان العثماني إسماعيل باشا خديويا لمصر، وأذن بتغيير قواعد الخلافة للسماح بتوريث العرش من الأب إلى الابن بدلا من الأخ إلى الأخ .
فترة حكم الخديوي إسماعيل
استمر حكم الخديوي إسماعيل لمدة 16 سنة، أي أكثر بقليل من نصف حكم مبارك، وعلى الرغم من ذلك، نجح في ترك إرث كبير من المشاريع الرائعة. في فترة حكمه، تم بناء 5000 مدرسة، وتوسعت السكة الحديدية وشبكة الري بشكل كبير، وتأسس البرلمان ووضعت قوانين مستوحاة من نموذج نابليون المدون، وتم بناء حديقة الحيوان في الجيزة، ودار الأوبرا المصرية، ودار مينا، وأندية الزمالك والجزيرة، تحت حكمه .
وفاة الخديوي إسماعيل
رغم المشاريع الرائعة التي تم تنفيذها بواسطة الخديوي إسماعيل، إلا أنه في نهاية فترة حكمه، اضطر إلى بيع حصته البالغة حوالي 4 ملايين دولار في قناة السويس إلى مستثمرين أجانب لسداد ديون البلاد بسبب تضخم الدين القومي الذي وصل إلى أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني، بعدما كان 3 ملايين فقط عندما تولى الحكم، وفشل في فهم الفكرة الأساسية لتسوية ديونه المتزايدة، ولم يكن الخديوي إسماعيل صبورا كفاية في حكمه، حيث عزلته بريطانيا العظمى وفرنسا عن الحكم في عام 1879 لصالح ابنه توفيق باشا الذي تولى بعدها حكم مصر .
مرت ثلاث سنوات ومهدت الأحداث الطريق للاحتلال البريطاني. وكان ذلك نقطة تحول في حكم الملك، وفي النهاية تم الإطاحة بحفيده الملك فاروق في انقلاب عسكري بعد عقود من الحكم. وبالنسبة للخديوي إسماعيل، يعتقد البعض أنه توفي في المنفى، بينما يزعم آخرون أنه مات في محاولة لشرب زجاجتي شمبانيا، وهذا يبدو أنه نهاية ملائمة لرجل لم يستطع علاج نفسه .