المجتمعمنوعات

كيف تسهم في تنمية العمل التطوعي في مجتمعك

تبنى المجتمعات السليمة دائما بتضافر جهود أبنائها، ولا يمكن للحكومات بمفردها بناء مجتمع سليم. تلعب الحكومات دورا رئيسيا في تنظيم المجتمع، ولكن هذا الجهد لن يكون مفيدا إذا لم يدرك كل فرد أن عليه واجب يجب أن يؤديه طواعية لدعم وتنمية المجتمع. يمكن تقسيم واجب الفرد نحو بلده إلى جزئين؛ الجزء الأول إجباري ويتمثل في الالتزام بالقوانين العامة التي تفرضها الدولة، والجزء الآخر اختياري ويمكن تسميته بالعمل التطوعي.

مفهوم العمل التطوعي

يشير العمل التطوعي إلى العمل الذي يقوم به الفرد دون الحصول على مقابل مادي أو إجبار، ويتضمن التطوع استخدام جزء من الوقت في مجالات مختلفة مثل البيع، أو التدريس، أو التخطيط، أو التنظيم والإدارة، أو حتى الترفيه، وذلك بدون الحصول على أي مقابل مادي.

عندما نقوم بالبحث عن التطوع، سنجد أن العمل التطوعي يرتبط بشعور الفرد بالانتماء لوطنه، وهو يعكس قوة ارتباط الفرد بمجتمعه، وفي الوقت نفسه يعزز هذا الشعور داخله في كل مرة يشارك فيها في نشاط خيري تطوعي.

أنواع العمل التطوعي

هناك أشكال عدة للعمل التطوعي ويمكن تقسيمها إلى:

العمل التطوعي الرسمي

تتم تنظيم برامج العمل التطوعي الرسمية وإشرافها بواسطة هيئة رسمية، وتتميز هذه البرامج بأنها طويلة المدى وتتطلب التزامًا من المتطوعين. عادةً ما يتم تعيين مديرين أو منسقين لهذه البرامج الرسمية ويقومون بتدريب وإشراف المتطوعين والتحقق من نتائج عملهم.

ومن أمثلة هذه الأعمال: يمكن جمع الأموال لصالح المؤسسات الخيرية الكبرى، أو التطوع في مجال الإرشاد السياحي، أو العمل في أحد المتاحف.

العمل التطوعي غير الرسمي

يختلف العمل التطوعي غير الرسمي عن العمل التطوعي الرسمي في كونه يتم في مجتمعات محلية في مناطق غير ممولة وبشكل غير منظم، وأولئك الذين ينضمون لمثل تلك الأعمال ينظرون لأنفسهم كأصدقاء وليسوا كمتطوعين، ومن الأمثلة على ذلك: مجالسة او شراء البقالة لسيدة مسنة في الحي، أو المساعدة في تنظيف وتجميل الحي، أو تعليم الفنون لبعض الأطفال.

العمل التطوعي في مجال الحوكمة

تعني الحوكمة مراقبة أداء المؤسسات والمساعدة في صنع القرارات والمشاركة في العمليات التنظيمية الأخرى داخل المؤسسات. وغالبًا ما يتمتع المشاركون في مثل هذه الأنشطة التطوعية بخبرة سابقة في كيفية عمل هذه المؤسسات وليسوا مبتدئين في هذا المجال.

العمل التطوعي الاجتماعي

ينضم متطوعو العمل التطوعي الاجتماعي إلى الفعاليات بناء على دعوة يتلقونها من أحد الأفراد، أو لأنهم يشتركون في هدف اجتماعي واحد. فهم يشبهون متطوعي العمل غير الرسمي، حيث يعتبرون بعضهم بعضا رفاقا أو أصدقاء وليسوا مجرد متطوعين. ويمكن أن يكون هناك قائد للجماعات المشاركة في هذا العمل، ولا توجد ساعات عمل محددة للمتطوعين في هذه الحالة، ولكن الشيء المهم الذي يجمعهم هو حماسهم الكبير للمشاركة والعمل. ومن أمثلة ذلك: جماعات الحفاظ على البيئة.

العمل التطوعي من منظور إسلامي

يحثنا القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على العمل التطوعي والسعي لقضاء حوائج الناس، فهناك الكثير من الأحاديث والآيات الكريمة التي تدعونا لمساعدة الغير لوجه المولى عز وجل ، ومن تلك الآيات قوله عز وجل في سورة البقرة الآية 184 : ﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾.

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُه، ولا يُسْلِمُه، ومن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه، ومن فرَّجَ عن مسلمٍ كربةً فرَّجَ اللهُ عنه كُربةً من كُرُبات يوم القيامةِ، ومن ستَر مسلمًا ستره اللهُ يوم القيامة” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

توجد العديد من الأحاديث في هذا الشأن، وجميعها تحثنا على المشاركة في دعم ومساندة بعضنا البعض كأفراد في مجتمع واحد لوجه المولى عز وجل ودون انتظار أي مقابل مادي في الدنيا.

تأثير العمل التطوعي على الفرد والمجتمع

يعود العمل التطوعي بالفائدة للمجتمع وللأفراد على حد سواء كأعضاء في المجتمع ومتطوعين.

تأثير العمل التطوعي على الفرد

  • يساعد العمل التطوعي على تهذيب النفس، حيث يُعلِّم الإيثار وينزع الأنانية والشح من الشخص.
  • يساعد التطوع على استثمار وقت الفراغ في القيام بأعمال مفيدة.
  • يساعد التطوع في كسب سمعة طيبة ومرموقة في المجتمع.

تأثير العمل التطوعي على المجتمع

يمتلك العمل التطوعي دورا مهما في تنمية المجتمع، وهذا الدور ليس أقل أهمية من دور الحكومة، حيث يحتاج أي مجتمع إلى تضافر جهود جميع أفراده لتحقيق التنمية الشاملة. والفوائد التي تعود على المجتمع من هذه الأعمال هي فائدة معنوية أولا، ثم فائدة مادية، حيث يساهم العمل التطوعي في دعم الاقتصاد وتنمية موارد الدولة. ومن بين الفوائد المعنوية

  • أنه انعكاس حقيقي لاحتياجات المجتمع.
  • يخفف ذلك بعض الأعباء عن كاهل الحكومة التي قد لا تكون قادرة على تلبية جميع احتياجات أفرادها.
  • يعزز من روح التعاون في المجتمع.
  • يُساهم بشكل كبير في تقليل انتشار الأمراض الاجتماعية بين الشباب والحد من الانحراف.

كيف يساهم الفرد في تنمية العمل التطوعي في المجتمع

إذا كان الإنسان يسعى بإخلاص للمشاركة في الأعمال التطوعية الخيرية، فإنه سوف يجد حوله الكثير من الأفكار للعمل التطوعي، وبمشاركته أيضا وابتكار أفكاره يساهم في تشجيع غيره من أفراد المجتمع على المشاركة، وهو بذلك يساهم بشكل عملي في تنمية العمل التطوعي في مجتمعه.

ومن أمثلة افكار للعمل التطوعي التي يمكنك تنفيذها بنفسك:

تنظيم يوم لتجميل وتشجير الحي : يساهم تجميل الحي الذي تعيش فيه مع جيرانك في تعريف الجيران على بعضهم البعض، ويمكن أن يحفزهم على عقد اجتماعات لحل مشاكل الحي الأخرى.

العمل التطوعي في المدرسة : قد يكون من المفيد والمسلي أيضا تنظيم بعض الأنشطة الصيفية لطلاب المدارس، مثل المعسكرات، أو دورات كرة القدم، أو دورات تعليم الرسم أو الموسيقى، بدون مقابل. ومثل هذه الأعمال سوف تساهم في زرع روح العمل الجماعي والتطوعي في الأطفال منذ الصغر، وتجعلهم يحبون مدرستهم ومجتمعهم المحلي. كما يمكن تشجيع الأطفال على البحث عن العمل التطوعي لمعرفة أهميته في المستقبل.

التمريض : تم اكتشاف أن نصف سكان العالم على الأقل يفتقرون إلى الخدمات الصحية الأساسية من قبل منظمة الصحة العالمية. لذلك، إذا كنت قادرا على المشاركة كمتطوع في قوافل طبية تنظمها المؤسسات الخيرية أو الدولة لتقديم الرعاية الصحية في مناطق فقيرة أو حتى في دولة فقيرة أخرى غير بلدك، فستحصل على تجربة قيمة في التبرع وستتمكن أيضا من رؤية العالم من منظور مختلف. وربما تنقل هذا المنظور إلى الآخرين لتشجيعهم على المشاركة في مثل هذه الأعمال النبيلة.

المشاركة في تنمية مشاريع الطاقة المستدامة والحفاظ على البيئة: قد تحتاج مشاريع الطاقة المستدامة في كثير من الأحيان إلى متطوعين، ليس فقط للعمل فيها كشركاء، ولكن أيضا لتوعية الناس في محيطهم حول أهمية الانتقال من مصادر الطاقة غير المتجددة والملوثة للبيئة إلى مصادر الطاقة المستدامة، بهدف حماية البيئة من التلوث ومنع استنزاف موارد البيئة الطبيعية.

تعليم اللغات: بعد الانفتاح الكبير الذي حدث مؤخرا وانتشار التكنولوجيا، أصبح تعلم اللغات ضروريا، وخاصة اللغة الإنجليزية، حيث يمكن لإتقان اللغة الإنجليزية أن يمنحك الفرصة للاطلاع على أحدث صيحات العلم. إذا كنت تجيد إحدى اللغات الأجنبية، فيمكنك تقديم دورات تدريبية لتعليم تلك اللغة، وخاصة للأطفال حيث تكون قدرتهم على التعلم أسرع، وهم أكثر حاجة لاكتشاف العالم.

هناك العديد من الطرق التي يمكنك استخدامها لدعم وتطوير العمل التطوعي، ولكن الطريقة الأفضل هي أن تكون نموذجًا يحتذى به وتبدأ بنفسك، ثم تشجع الآخرين على المشاركة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى