كيف تسعى رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد على النفط
رؤية المملكة 2030 هي واحدة من أفضل الأشياء التي حدثت في المملكة، وهي ليست مجرد رؤية مؤقتة ناتجة عن تراجع أسعار النفط في دولة تعتمد بصورة كبيرة على النفط، بل هي خارطة الطريق للحاضر والمستقبل. فهي تنظر إلى المستقبل وتعمل من أجل الأجيال القادمة، مع الأخذ بالاعتبار الاستشراق المستقبلي، وتهدف إلى كسر حالة الجمود في الاقتصاد السعودي، والانتقال من الاعتماد على النفط كمصدر أساسي ووحيد للدخل إلى الاعتماد على مصادر أخرى.
رؤية المملكة 2030
قررت المملكة اعتماد رؤية 2030 للحفاظ على نقاط قوتها من أجل الاستفادة منها للحفاظ على صلابة اقتصادها وهي العمق العربي والإسلامي والقوة الاستثمارية والموقع الجغرافي ونقاط القوة، وكل هذا هو ركائز أساسية تسعى الإدارة الاقتصادية للمملكة على تطبيقها واستثمارها والاستفادة منها للعبور إلى مرحلة ما بعد النفط.
مع انخفاض أهمية النفط في تحريك السياسات وإدارة العلاقات وإشعال الصراعات والحروب، وبدء النفط في فقدان أهميته، بدأت المملكة في خطة المملكة الجديدة 2030، حيث سيكون للتراجع تأثير كبير على أهمية النفط، الذي يعتبر مصدرا رئيسيا للدخل، وبالتالي أصبح لدى المملكة حاجة ملحة للعمل على تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد بشكل كبير على النفط، حيث كان يمثل مصدر دخل رئيسي بنسبة تصل إلى 90%.
على الرغم من أن اكتشاف النفط يعود إلى زمن بعيد، إلا أن القرن العشرين في المملكة كان عصر الازدهار للاستفادة منه. ولم يكن النفط مصدرا للطاقة أو الدخل فحسب، بل كان أيضا العامل الرئيسي في العديد من السياسات والعلاقات والصراعات والحروب. ولكن بسبب تراجع دور النفط، لم يعد هو الدافع والمحرك الحقيقي للسياسات، ولم يعد الدافع لدول بعضها للقيام بالحروب من أجله كما حدث سابقا أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. بالإضافة إلى ذلك، لم يعد النفط سلاحا سياسيا يستخدمه الدول كما حدث في حرب عام 1973، عندما استخدمت المملكة النفط كسلاح سياسي وقطعت إمدادات النفط عن القوى الغربية الداعمة للمحتل الإسرائيلي، وهذا كان له أثرا كبيرا في نصر الجيوش العربية في حربها ضد إسرائيل.
بداية رؤية 2030 في السعودية
تم إطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي يرأس تنفيذها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بقيادة الأمير محمد بن سلمان، قائد التحول الوطني، وجاءت هذه الرؤية بعد دراسة الماضي والحاضر والمستقبل، بهدف تحريك الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد فقط على النفط الذي شهد تراجعا لا يتعلق بالأسعار فحسب، بل أيضا على المستوى السياسي والاقتصادي .
وكان معروفا أن رؤية السعودية ستواجه العديد من الصعوبات، خاصة أن المملكة اعتمدت بشكل كبير على النفط. ولكن بفضل مستوى عال من الحوكمة في الهرم الأعلى، بدأت في تحويل اعتمادها من النفط إلى مصادر أخرى. ويتم ذلك عن طريق وضع الخطط والأهداف، والبدء في تحويلها إلى أرقام وأداء دوري في كل فترة، لتحقيق تلك الأهداف التي صرح بها الأمير محمد بن سلما.
أبعاد الرؤية السعودية 2030
تتضمن الرؤية السعودية أبعادا خارجية ذات أهمية مثل أبعادها الداخلية، وتتمثل هذه الأبعاد في تنويع مصادر الدخل والانتقال من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي إلى الاقتصاد الحر وتحفيز الاستثمارات وخلق فرص عمل تؤثر بشكل إيجابي على حياة المواطنين الكريمة، ويمكن اعتبار البعد الخارجي للرؤية السعودية في الحفاظ على أهمية المملكة الدولية والإقليمية.
من خلال تشجيع الاستثمار والسعي لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد بشكل كلي على النفط كصدر رئيسي للدخل، وهذا من شأنه أن يساهم في تخفيف الآثار الناجمة عن التراجع المتواجد في أسعار النفط على الاقتصاد السعودي، وهذا من شأنه المحافظة على المكانة التي حظيت بها المملكة في الاقتصاد العالمي وتطويرها.
تتمتع المملكة بمكانة عالية ومرموقة منذ أن بدأت الأنظار تتجه نحو منطقة الشرق الأوسط، وذلك لما تمتلكه من موقع استراتيجي قوي، بالإضافة إلى احتوائها على حوالي 66% من احتياطي النفط العالمي. لهذا، فإن رؤية المملكة 2030 المستقبلية لا تقتصر على الاقتصاد السعودي الداخلي فحسب، بل تمتد للحفاظ على مكانة المملكة في الاقتصاد الخارجي، كعضو فعال يمتلك الكثير من المقومات التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
الرؤية السعودية والمواطن
اهتمت الرؤية السعودية كثيرًا بالمواطن السعودي عن طريق البرامج والمبادرات والخطوات التي وضعتها المملكة، والتيسعت لتحقيق التحول الوطني والسعي وراء تحرير أسعار الطاقة وتخفيض بعض الدعم الحكومي وهذا شَكّل بالطبع عبئ أرهق ميزانية الدولة لسنوات طويلة، وقامت المملكة ببدء برنامج حساب المواطن لتعويض المواطن السعودي بقيمة مادية بعد إزالة الدعم عن بعض الأشياء وفرض ضريبة القيمة المضافة.
يتم صرف حساب المواطن شهريًا لعدد من الفئات وفقًا للشروط التي حددتها المملكة لضمان توزيع الأموال المستحقة للأفراد الذين يستحقونها، وذلك حفاظًا على المواطن السعودي وجهوده كعنصر أساسي في تطوير المملكة وفقًا لخطتها الجديدة.