كيف اصلح علاقتي مع الله .. وتقويتها
كيف تبني علاقة مع الله
تتعدد وتتشابك علاقات البشر في الحياة بينهم وبين بعضهم، وتتقارب العلاقة وتشتد، وتضعف، وتوهن أخرى، ويصبح الإنسان بين يوم وليلة قريبا من هذا، وبعد فترة يتبدل الحال، حتى تفرق الدنيا بينهم، ويبتعد عنه، فيصبح البعيد قريبا، وهكذا، هذه طبيعة الدنيا التي لا مفر منها، ولا يمكن تغييرها، وربما لا يحتفظ الإنسان طوال حياته بعلاقة واحدة باقية وقوية سوى العلاقة بالوالدين، وليس الجميع على ذلك حتى هذا يستطيع أن يفقدها
هناك علاقة واحدة فقط في الحياة التي تدوم إلى الأبد وتحمل أهمية كبيرة، وهي العلاقة مع الله، وإن الحفاظ عليها وتقويتها يمكن أن يحسن حياة الشخص بشكل كبير ويجعلها أفضل بكثير، لذلك يجب على الأشخاص العاقلين توطيدها وتدعيمها والحفاظ عليها
لكن ما هو الطريقة لإصلاح العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، وما هو شكل تلك العلاقة؟ بلا شك، علاقة الإنسان بربه هي جزء لا يتجزأ من روحه. إنها ليست مجرد علاقة روحية كاملة أو علاقة ظاهرية كاملة، بل إنها علاقة مزدوجة تتضمن بعض المظاهر الخارجية التي تعكسها، ولكنها ليست مجرد علاقة ظاهرية. فهي تحتوي على علاقة روحية لا يشاهدها البشر ولا يعرف الناس عنها.
لذلك، يتطلب تقوية العلاقة مع الله التصرفات الظاهرية والأفعال الروحية غير الملموسة، ولهذا يمكن للإنسان الراغب في تعزيز علاقته بالله اتباع بعض النصائح التالية:
- الحفاظ على أداء الفروض
أداء الفروض هو أحد أكثر الطرق والوسائل التي تقرب العبد من ربه السبحان، وضياع الفروض أمر خطير يترتب عليه العديد من العواقب في الحياة الدنيا والآخرة. التفريط في العبادات والفروض يؤدي إلى هلاك الشخص. فمن يضيع الفروض يضيع باقي حياته، ويعيش في ضياع وتيه. هذا الكتاب الذي أنزلناه مبارك، يصدق الذي بين يديه، وهو لتنذير أهل القرى ومن حولها. والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به، وهم يحافظون على صلواتهم.” [الأنعام 92].
ومما يؤكد ذلك أيضا الحديث الشريف [ما يقرب عبدي إلي بشيء أفضل من أداء ما افترضت عليه، وما يزال عبدي يقترب مني بالنوافل حتى أحبه. فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يمسك بها. وإذا سألني لأعطينه، وإذا دعاني لأجيبنه، وإذا استعاذني لأعيذنه. وما ترددت عن فعل شيء، فأنا فاعله. ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأكره مساءته]، رواه أبو هريرة.
- المحافظة على النوافل
من الأمور التي تساعد في إصلاح علاقة الفرد مع خالقه هو التقرب إلى الله بالنوافل. وقد روى البخاري في الصحيح عن أبي هريرة قول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الفجر: `يا بلال، قل لي عن أرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة.` قال: `ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي`
ومن هنا يتضح أثر القيام بالمحافظة على النوافل والصلاة بالسنن الرواتب، ومدى أثرها على علاقة العبد بربه، ومنها يتضح من الحديث ما يزال يتقرب عبدي إلي بالنوافل حتى أحبه، ولا أحب للإنسان، ولا أوثق علاقة من علاقة الحب، وحتى يصل الإنسان إلى تلك العلاقة، عليه أن يؤدي النوافل بعد الفرائض ومنها كذلك تجبر النوافل أي نقص يعتري الفروض.
كيف أقوي علاقتي بربي
أداء الأعمال الصالحة عن طريق تنفيذ الأعمال الحسنة هو أحد الوسائل الرئيسية لتعزيز علاقة الإنسان بربه سبحانه. فالأعمال الصالحة هي الباب والسبيل الذي يجلب الخيرات ويغلق أبواب الشياطين. يمكن تحديد بعض الأعمال الصالحة التي تعزز العبد وربه كما يلي:
- الإنفاق في سبيل الله، وإعطاء الصدقات للفقراء، يعتبر طريقة لإسكات غضب الله تعالى، والعديد من الآيات والأحاديث تشير إلى أهمية الصدقة وثوابها لدى الله تعالى
- الصيام، وهو عدم تناول الطعام والشراب، هو شهر رمضان، وهو يقرب العبد من ربه، ويمنحه نصيبا من الخيرات في الدنيا والآخرة، ويدخله الجنة من باب خاص يسمى باب الريان
- الدعاء هو العبادة، وقد صرح به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يؤكد على أهمية وقيمة الدعاء، وهو باب من بوابات مناجاة العبد لربه، وهناك أوقات معينة للدعاء المستجاب، ويجب على المسلم البحث عنها
- تعلم القرآن الكريم، والحفاظ عليه والاستماع إليه وتلاوته، هي من الأمور التي تساعد على التقرب من الله وتعزيز العلاقة معه، فالقرآن الكريم هو كلام الله الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءته تساعد على فهم مراد الله سبحانه وتعالى والالتزام بما يريده وتجنب المحظورات، وبذلك يتقوى العبد في علاقته بربه
- مراعاة الصحبة الطيبة أمر هام لما له تأثير على النفوس في الأقرب لله، فالصحبة الصالحة تذكر العبد بربه، وتقربه منه، وتعينه على طاعته، وتقوم به إذا وجدت منه اعوجاجا، وتفقده وترعاه إذا رأت منه إعراضا أو ابتعادا
أهمية العلاقة مع الله
تعد العلاقة مع الله من أهم العلاقات في حياة البشر بشكل عام، وحتى إن لم ينتبه البعض لذلك بسبب التشغل بالحياة المادية ومشاغلها، فإن العودة إلى الأصل ضرورية. فما هي أهمية تلك العلاقة؟ إن العلاقة مع الله تفتح الأبواب للروح والجسد، وتنير الطريق، وهي سبيل النجاة والفوز بالجنة. ومن أهم مميزات علاقة البشر بربهم أنها توقظ الضمير.
تُساعد العلاقة مع الله على الابتعاد عن الخطايا والمعاصي، وتنشر الخير والحسنة في النفوس، كما تُلين الطريق الصعب وتُخفف من تأثير الابتلاءات والأحزان، وتُساعد على تقبل الحياة ومصاعبها.
تكمن أهمية العلاقة في كل طرف من الطرفين، فكلما ارتقى أحدهما، زادت أهمية العلاقة وقيمتها، ولا يوجد علاقة أشرف من علاقة العبد بربه، فهي علاقة تستمد شرفها وقيمتها من كونها مرتبطة بحبل من الله سبحانه وتعالى، لذلك يجب الحفاظ على تلك العلاقة بشكل هام، بل إنها العلاقة الأهم لتسير الحياة مع الإنسان في مسار يؤدي إلى النجاح والتقدم، وهي واحدة من أهم نقاط العلاقة.
أثر العلاقة مع الله
لكل عمل أو علاقة في الحياة آثار وتداعيات، ومن بين مزايا وآثار العلاقة مع الله:
- الشعور بالسلام النفسي، والروحي.
- الرضاء بالقضاء والقدر.
- الصبر في المحن.
- الشكر على النعم.
- التوكل على الله واستعانته هي الطريقة.
- تثقل الميزان بالحسنات.
- دخول الجنة.
- النجاة من النار.
- معرفة الصالحين، والتأسي بهم.
- حسن السيرة والسمعة.
- من يحب الناس، فإن الله يجعل الناس يحبونه
- تيسير أمور وشؤون الحياة.
- التفكر في خلق الله سبحانه وتعالى.
- تعلم العلوم الشرعية.
- الالتزام بالفروض، والتزود بالنوافل.
- عدم الحزن على فوات الخير والمنافع الدنيوية
- الإقبال على الله، وعلى العبادة.
- التزود من الخيرات.
- حب الناس النابع من حب الله سبحانه.
- الدعاء المستجاب.
- الإيمان الصادق بالله سبحانه وتعالى.
- نور في الوجه.
- قلب مطمئن عامر بالإيمان.
- عدم الجزع في الأهوال والمصائب.
- هوان الدنيا في عين العبد.