قصص عن التنابز بالالقاب
للكل إنسان شكل وصفة يميزه عن الآخرين، وكل إنسان لديه كنية أو لقب يعرف به بين الناس، وقد يكون هذا اللقب مرتبطا بأشياء غريبة أو حيوانات، مما يؤدي إلى سخرية الآخرين واستهزائهم بهذا اللقب. ولهذا السبب أنزل الله تعالى هذه الآية في كتابه الحكيم ليحذر المسلمين من عواقب السخرية والتنابز بالألقاب. فقد قال الله تعالى: `يا أيها الذين آمنوا، لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب. بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون`
قصص عن التنابز بالألقاب
يحكى أن رجل كان يعمل في المكان الذي يستخرج منه حجر البناء والذي يطلق عليه مقطع حجر، وكان هذا الرجل مصاب بصلع في رأسه، وكان يمر عليه أحد السفهاء ويعايره بهذا الصلع قائلاً له “يا أ قرع” وقد صبر الرجل كثيرا على هذا السفيه وتحمل سخريته حتى طفح به الكيل، وفي أحد الأيام مر عليه الرجل السفيه وسخر منه فقام الرجل وفي لحظة غضب وأخذ حجر وقذف به هذا السفيه، فأصابته في رأسه إصابة بليغة وظل ينزف دما.
في اليوم التالي، تقدّم هذا الرجل المغفل بشكوى إلى قاضي البلد، واستدعى القاضي الرجل وسأله عن سبب رميه حجراً على هذا الرجل المجنون، فأجاب الرجل للقاضي بالصلاة على النبي يا سيدي القاضي
فقال القاضي: اللهم صلي وسلم عليه.
فقال الرجل للقاضي: صلي على النبي يا سيدي القاضي
فقال القاضي: اللهم صلي وسلم عليه.
بعد أن كرر الرجل نفس العبارة للقاضي، غضب القاضي منه
قال الرجل بصوت مهدئ: يا سيدي القاضي، لقد انزعجت مني لأنني أطلب منك الصلاة على النبي
فكيف بمن ينتقدني بسبب القرع الذي يوجد في رأسي كلما رآني؟.
فألتفت القاضي للسفيه وقال له: هل ما يقوله هذا الرجل صحيح.
فقال السفيه صحيح بس من باب وقبل أن يكمل استشاط القاضي من شدة الغضب
قام بتعنيف السفيه بسبب فعله الشنيع مع الرجل، وحذّره من تكرار ذلك وأكرم الرجل وأنصفه.
بعض قصص التنابز بالألقاب في عهد رسول الله
– سب أبو ذر رجلاً فعايره بأمه فقال له النبي: يا أبا ذر أعايرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية” رواه البخاري
– كان المسلمون إذا رأوا عكرمة بن أبي جهل قالوا: ابن فرعون من أفراد هذه الأمة، وقد شكا ذلك إلى النبي فنزلت الآية “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم.
– قال الضحاك: نزلت مع وفد بني تميم وكانوا يستهزئون بفقراء الصحابة مثل عمار وبلال وصهيب ومولى أبي حذيفة وغيرهم، بسبب حالهم الرثة، فنزلت هذه الآية التي قالها الله تعالى: `إِنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ`
علي بن أبي طالب حضر مع مجموعة من المسلمين واستهزأ به النافقون وأعطوه إشارات بالعين ثم عادوا إلى أصحابهم وقالوا رأينا اليوم رجلا أصلع فضحكوا منه، ولذلك نزلت هذه الآية، وقد قال بعض الناس: لو استهزأت براضع لأخشى أن يجوز بي فعل هذا.
حكى أسير بن جابر أن أهل الكوفة جاءوا إلى عمر، وكان فيهم رجل كان يستهزئ بأويس. فقال عمر: هل هناك أحد من القرنيين؟ حضر ذلك الرجل، فقال له عمر: إن الرسول قد قال: إن رجلا يأتيكم من اليمن يدعى أويس، لا يدع الله في اليمن غير أمه، وقد كان لوجهه بياض، فادع له أو اطلبه، واذهب به عنك إلا موضع الدينار أو الدرهم، فمن رآه منكم فليستغفر لكم
– عن عائشة رضي الله عنها قالت: صرحت للنبي بأن صفية قصيرة القامة، فرد علي بالقول: `لو قلت كلمة مزجتها بماء البحر لمزجتها`. وعندما حكيت له عن شخص آخر، قال: `ليس من شأني معرفة أي شيء حول هذا الشخص وأنا أميل للخصوصية`
– قال عكرمة وابن عباس: رواية صفية بنت حيي تشير إلى أن النساء يلقبنني ويقولن لي: `يا يهودية`، ولكن رسول الله لم يوافق على هذا.
قصة سيدنا بلال بن رباح وأبي ذر الغفاري
– حدث خلاف بين أبي ذر الغفاري العربي الأرومة وبين بلال بن رباح، الذي كان من أصل حبشي وعبدا رقيقا، فقام أبو ذر بالتشهير ببلال من خلال أمه وقال له يا ابن السوداء، وبدأ بلال يفكر فيما سمعه وعرف أن هذا يعد جريمة خطيرة يجب ألا يتم التغاضي عنه، حتى لا ينتشر بين أفراد المجتمع، فلم يرد بلال على أبو ذر، بل ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قاله أبو ذر.
– طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أبي ذر الحضور إليه، وسمع منه وعندما تأكد له ما فعله خاطبه وهو يعنفه أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية،. ثم قال له “إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلِفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم”. رواه الشيخان.
سمع أبو ذر العربي هذا الحديث النبوي فتأثر بشدة، وندم على ما فعل، وسقط على الأرض ووضع خده عليها، وطلب من بلال، العبد الحبشي، أن يدوس على الخد الآخر بقدمه تعبيرا عن اعتذاره واحترامه الاجتماعي أمام الناس. ولكن بلال رفض وأمسك بيد أبو ذر وقال له: “غفر الله لك يا أخي.