قصص عالمية المانية
يتمتع التراث الألماني بعدة جوانب تستمر في الحفاظ عليها في ظل المجتمع المتحضر الذي يشهد تقدما في جميع مجالات الحياة، ونظرا لأن الحفاظ على التراث يعد سمة من سمات الشعوب المتحضرة، فإن التجول في القصص التي تنبع من هذا التراث يعتبر من الأمور الشائعة التي تبرز الجانب الحياتي لهذه الشعوب، وليس الجانب الفني فقط، وبشكل خاص، يحتل الشعب الألماني مكانة مرموقة تظهر في كتابات المؤلفين والقصص التي حفظتها الصدور ولم تنسى من التراث الألماني.
قصص عالمية المانية
- تتصل القصص الألمانية بعدة جوانب، وتسلط الضوء دائمًا على الجوانب الثقافية والعلمية.
- يمكننا أيضًا الإشارة إلى أن أكثر القصص الألمانية نجاحًا هي تلك التي وضعت التحديات الحقيقية أمام الإنسان لتوضح كيفية التعامل معها.
- بالإضافة إلى احترام الأخلاق واتباع ما يدعو إليه الإنسانية في مواجهة ما يعتنقه الإنسان.
- نلاحظ أيضًا أن للخيال دورًا كبيرًا في معظم هذه القصص، سواء كانت بسيطة أو معقدة.
قصة فاوست
يشكو العجوز “فاوست” على مكتبه المتواضع تقدم العمر الذي قضاه في دراسة هذا الكم من الكتب. ويتساءل إذا قمت بدراسة هذا الكم من الكتب، هل تعلمت كل شيء؟ لا شيء، لا شيء!
ويُشاع أن كل ما يحيط به في تلك الغرفة المتواضعة يتهمه بالتخلي عن الاحتكاك بالحياة، وأن تجاربه الحياتية تتلخص في البقاء في تلك الغرفة وسط مجموعة من الكتب
قتله التفكير، وفي لحظة صاح في هذه الأصوات التي تسخر منه: أنا سأتعلم أهم شيء في هذه الحياة! وفي هذه اللحظة، ظهر موفيستو أمامه على شكل كلب
فزع فاوست لرؤية موفيستو، الذي بادره بالقول: يعرض عليك شخصٌ أن يعلمك كل شيء في هذه الدنيا، شريطة أن تسلم له حياتك! فكر جيدًا يا فاوست، قد لا تتاح لك هذه الفرصة مرة أخرى، فهو سيمنحك كل أسرار الدنيا وتعطيه حياتك كمقابل
أخذ فاوست يفكر ملياً، ثم قال بصوت مسموع: إذا كان هذا هو الثمن، فلا مشكلة! أرغب في تعلم المزيد عن هذه الحياة. وعندها، قدم موفيستو عقداً أمام فاوست وطلب منه التوقيع عليه بدمه
أصيب فاوست بجروح في إصبعه، وسال دمه على العقد. أخذ موفيستو العقد وهتف بالفرح: لقد وقعت! وأصبحت حياتك ملكي! ثم قام موفيستو بالدوران بسرعة وخفة وعاد فاوست إلى شبابه.
دفع موفيستو فاوست خارج منزله قائلاً: هيا، اخرج واستعد للحياة! ودع هذه الغرفة الكئيبة. اصطدم فاوست بفتاة جميلة ونظر إليها لفترة طويلة، ثم سألها: “ما هو اسمك يا فتاة؟
ردت الفتاة في ارتباك: عندما قلت اسمي جريتشين، اعتذرت فجأة وقلت `آسفة، يجب أن أرحل لقد تأخرت كثيرًا
منذ ذلك اليوم، تعلق قلب الفتاة بفاوست، وحبا بعضهما كثيرا، وعلم فاوست أول دروس الحياة حالما خرج من غرفته المعزولة… الحب
لم يستمر حب فاوست لجرايتشن بسبب تدخل موفيستو، الذي أصر على فصلهما، وعلى الرغم من توسلات جرايتشن لفاوست بالبقاء معها، إلا أن تدخل موفيستو زاد من خوفها، وتوسلت لفاوست ألا يستمع إلى موفيستو أبداً، ولكن فاوست أصر على أنه لا يزال يحتاج إلى دراسة وتعلم الكثير في هذه الحياة
ترك فاوستها وذهب في طريقه مع موفيستو، ويأس جريتشن بعد أن بقيت وحيدة يائسة، ثم قررت الانتحار بالغرق في البحيرة.
خلال رحلته مع موفيستو، تعرّف فاوست على مجموعة واسعة من المعارف، وحصل على الكثير من المعلومات، وسافر حول كوكبنا بأكمله. بعد مرور عشر سنوات، لا يزال فاوست يتساءل عن أهم شيء في الحياة: ما هو الشيء الأكثر أهمية في هذه الدنيا؟
أخبره موفيستو أنه يجب أن تكون واحدة من الأشياء التي شاهدها منذ بداية رحلته! ففكر فاوست للحظة وتذكر عندما رأها.. غرايشيان، وأدت ساقيه إلى قبرها.
جلس أمام القبر ينتحب، ويقول: يا جرايتشن، سامحيني، لقد أدركت أن الحب هو الشيء الأهم في هذه الحياة ، فبدونه لا يمكن إصلاح أي شيء.
نهض فاوست فجأة، ثم صاح بموفيستو: أصبحت الآن ملكًا لك، يمكنك فعل ما تريد بي، لقد تحققت كل أمنياتي وأدركت المعنى الحقيقي للحياة، لذا هيّا قم بما تشاء
عاد موفيستو إلى هيئته الشيطانية هنا، وأخذ فاوست معه إلى طريق من النار، ولكن في اللحظة الأخيرة، سطع نور واضح من السماء، وعاد فاوست إلى جحيم النار، وعاد هذا النور أيضًا روحانيًا كانا مرتبطين به منذ البداية، وهذين هم جرايتشن وفاوست.
قصة الحديقة المغلقة
وضعت الفتاة الصغيرة “نايدي” وردة على الإطار الذي يحتوي على صورة والدتها، ثم قالت: “عذراً يا أمي، لن أطيل حديثي إليك اليوم! فزوجة أبي قادمة، ويجب عليّ الترحيب بها بنفسي، أريد أن أكون دائماً الفتاة المهذبة
ثم توجهت الفتاة نحو بوابة الدخول التي استقبلت والدها وزوجته، وطلب منها الأب “رودولف” أن ترحب بزوجته “آنف” التي تعاملت مع الفتاة برفق ومودة، وطلب منها كذلك أن تعرفها على غرف المنزل وترشدها إلى غرفتها.
وأثناء رحلتها طلبت منها الزوجة أن تناديها بـ”أمي”، فصاحت الفتاة قائلة: قالت الزوجة: `لا، لا يمكن!`، فردت الفتاة وهي في قمة الأسف: `أعتذر منكِ، ولكني أعرف أمي جيدًا، ولا زلتُ أحبها، فقد قاست كثيرًا خلال رحلة مرضها الأخيرة، أرجوكِ.. سامحيني
فكرت الطفلة نايدي في إهداء أمها الجديدة باقة من زهور الحديقة، وبعد أن قطفتها بنفسها وضعتها في المزهرية، لكن للأسف اخترقت إحدى الشوكات إصبعها فنزفت الدماء وسقطت على مفرش الطاولة الأبيض.
عندما عادت الزوجة مع الأب رودولف، فوجئت بأن الطفلة الصغيرة كانت نائمة على الأريكة بجوار المنضدة، وانفعلت عندما رأت الزهور التي كانت تربيها في حديقتها والتي لا تزال صغيرة، وصاحت على الخادمة بعدما رأت كمية الدم المتسخة على المفرش
فزعت الصغيرة نايدي، وفرت إلى غرفتها، وعاتب الوالد زوجته؛ فالفتاة لم تقصد سوى إهداء زوجة أبيها زهوراً تحبها، وندمت الزوجة لصياحها بالفتاة، ومرت أياماً صعبة بين الجميع، خاصة بعدما رفضت الصغيرة افساح الطريق لزوجة الأم أمام الحديقة التي تخص أمها، والتي علمت فيما بعد أن بها قبر الأم.
نايدي الصغيرة نمت قليلاً، ورزقت بأختٍ من جهة الأب، وتذكرت غرفة ألعابها، فأسرعت إليها بصحبة المربية، وابتدأت بالبكاء وهي تتذكر والدتها التي توفت في سن مبكرة.
تفاقمت صعوبة الحالة بالنسبة للأم بعد الولادة، وأرادت أن تزور نايدي التي كانت في غرفتها تدعو الله أن يحمي زوجة أبيها التي تحبها. وعندما علمت نايدي برغبة زوجة أبيها الحالية في رؤيتها، هرعت نايدي إلى مكان إقامتها لتلبية رغبتها.
بكت الطفلة في حضن زوجة الأب، وترجتها قائلة: أرجوكِ، لا تموتي يا أمي! أنا أحبكِ، أنتِ أمي الحبيبة. كانت الصغيرة بحاجة إلى أم، وفي الوقت الذي كنتُ أخشى أن تواجه نفس مصير أختها مع والدتها.
فرحت زوجة الأب عند سماعها ما قالته نايدي، وتعافت كثيرا من صحتها بعد أن كانت على وشك الموت. وبعد أن تعافت الأم تماما، قرر الأب رودولف أن يعطيها مفتاح الحديقة التي ظلت مغلقة لفترة طويلة. وهنا انشتاقت الأم الجديدة لفتح بوابة الحديقة بصحبة نايدي.
كان مدخل الحديقة جميلا، حيث انتشرت الزهور في كل مكان بألوانها المشرقة، وبدأ افتتاح بوابة الحديقة مرحلة جديدة في حياة الأم آنف مع زوجها رودلف وابنتيهما.