قصص الصحابيات رضي الله عنهم
هناك العديد من الصحابيات اللاتي أثرن في التاريخ الإسلامي بذكرهن، ومنهن بعض الصحابيات اللاتي اشتهرن بقصص إسلامهن الغريبة والتي تنير القلب بنور الله.
هند بنت عتبة
كانت امرأة عربية تعيش في أواخر القرن السادس وبداية القرن السابع الميلادي، وكانت زوجة أبو سفيان بن حرب، رجل قوي من مكة في غرب الجزيرة العربية، وهي والدة معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الأسرة الأموية، وعارضت كلا من أبو سفيان وهند النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل اعتناق الإسلام.
– ولدت في مكة المكرمة، كنت ابنة واحدة من قادة قريش المرموقين، عتبة بن ربيعة، وصافية بنت أمية بن عبد شمس، وكنت لدي أخوين الوليد بن عتبة وأبو حذيفة بن عتبة، وكان لدي أيضا شقيقتان عتيقة بنت عتبة وأم كلثوم بنت عتبة، وكان والدي وعمي من بين أعداء الإسلام البارزين الذين قتلوا في النهاية على يد علي في معركة بدر.
كان غضب هند على المسلمين أشد وأكبر، وكانت تبكي علانية في الصحراء المفتوحة وتتراكم الغبار على وجهها وملابسها، وكانت تنعى أقاربها المتوفين، ولم تتوقف عن البكاء حتى حثها زوجها أبو سفيان على التوقف عن البكاء ووعدها بالانتقام لموت والدها وشقيقها.
في يوم الفتح، قبلت هند بنت عتبة الإسلام، وكان اعتناقها للإسلام حسنا. عندما قامت النساء بالتصاعد للقائد النبي صلى الله عليه وسلم للبيعة، قال في البيعة: `لا تسرقن ولا تزنين`. فردت هند رضي الله عنها: `هل يفعل الحرة الزنا والسرقة؟!` ثم قال: `ولا تقتلن أولادهن`. فأجابت: `لقد ربيناهم وهم صغار، وقد قتلتهم وهم كبار`. وشكت هند زوجها أبا سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأنه بخيل ولا يمنحها وولدها المأكل الكافي. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم لها: `خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي ولدك`.
– تقول السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما قدم أبو العاص مكة، قال لي: تجهزي فالحقي بأبيك. فخرجت أتجهز، فلقيتني هند بنت عتبة فقالت: يا بنت محمد، ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ فقلت لها: ما أردت ذلك. فقالت: أيْ بنت عم، لا تفعلي، إني امرأة موسرة وعندي سلع من حاجتك، فإن أردت سلعة بعتكها، أو قرضًا من نفقة أقرضتك؛ فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال. قالت: فوالله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل، فخفتها فكتمتها، وقلت: ما أريد ذلك.
أسماء بنت يزيد
كانت هناك امرأة من الأنصار تدعى أسماء بنت يزيد الأنصارية الأشهلية، والتي تميزت شخصيتها بالجرأة في مواجهة الحق. كانت تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم دائما عن الحلال والحرام، وكان يشعر دائما بالتعجب من شجاعتها ووضوحها. أطلق عليها الرسول صلى الله عليه وسلم لقب “خطيبة النساء”، وشاركت في معركة اليرموك حيث قامت بقتل تسعة من جيش الروم باستخدام عمود فسطاطها.
– وفي يوم من الأيام، أتت أسماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع أصحابه، فقالت: بوالديك، يا رسول الله، أنا واحدة من النساء القادمات إليك. إن الله جل وعلا بعثك للرجال والنساء جميعا، وآمنا بك. ونحن نساء مقيدات في بيوتكم، ونحن نلبي احتياجاتكم ونحمل أطفالكم. وأنتم الرجال تفضلون علينا بالتجمع والجماع، وزيارة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، والجهاد في سبيل الله، سبحانه وتعالى. وعندما يذهب الرجل في حجة أو عمرة أو جهاد، نحن نحافظ على أموالكم ونلبس ثيابكم ونربي أولادكم. أفلا نشارككم في هذا الأجر والخير.
ثم نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله وقال: `هل سمعتم قصة امرأة تفضلت في استفسارها حول أمر دينها على هذا؟` فقالوا: `يا رسول الله، لم نكن نتوقع أن تهتدي امرأة لهذا الدرجة.` ثم التفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها وقال: `تفهمي، يا امرأة، واعلمي أن حسن تبعة المرأة لزوجها وسعيها لرضاه وموافقتها له يعادل كل ذلك.` ثم انصرفت المرأة وهي تهلل.
صفية بنت عبد المطلب
هي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشقيقة حمزة بن عبد المطلب. تزوجت من الحارث، الذي هو أخو أبي سفيان بن حرب، وبعد وفاته تزوجت من العوام، الذي هو أخو خديجة بنت خويلد. أنجبت له السائب والزبير وعبد الكعبة. تعتبر صفية بنت عبد المطلب من المهاجرين الأوائل، ولكن ليس هناك تأكيد مؤكد ما إذا كانت قد أسلمت مع أخيها حمزة أم مع ابنها الزبير.
تتميز صفية بنت عبد المطلب بالشجاعة التي برزت عندما كانت في حصن فارع، حيث رأت أحد اليهود يطوف حول الحصن، فواجهته بعمود خيمتها وأقدمت على قتله. وقد خصها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف مثلما خص ابنته فاطمة، التي كانت تعد أقرب الناس وأحبهم إليه. فقال: `يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم شيئا من الله، فاسألوني عن مالي ما شئتم`.
توفيت صفيةبنت عبد المطلب رضي الله عنها في العام العشرين من الهجرة عن عمر ناهز الثلاثة والسبعين عامًا، وتم دفنها في البقيع.