قصص الايثار عند الصحابة رضي الله عنهم
ضرب الصحابة أروع أمثلة الإيثار وأجملها، فمن يتأمل في إيثارهم يعتقد أنها من خيال القصص، ولكنها حقائق مثبتة بالأسانيد الصحيحة، لتظهر للأمة الإسلامية بأكملها روعة الصحابة وجمال الإسلام، الذي يجب علينا أن نقتدي بهم في أعمالهم الخيرة وتقوى الله.
معنى الإيثار
الإيثار لغويا هو التفضيل والتقديم، وهو مصطلح يعني عكس الأنانية، حيث يطلق على أي تصرف أو فعل أخلاقي يقوم به الشخص بهدف نشر الفائدة والخير على الآخرين دون توقع أي مكافأة. يتميز الشخص الذي يفضل المصلحة العامة على المصلحة الشخصية بالإيثار.
وفيما يتعلق بالإيثار، فإنه يتمتع بفوائد كثيرة ويعد من أجمل الصفات التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان. وتشمل هذه الصفة حب العطاء وتحقيق الخير للآخرين، وعدم الانغماس في الأنانية وحب الذات. وقد دعت جميع الديانات السماوية والثقافات إلى التفضل والسخاء والتعاطف مع الآخرين، لأن لذلك تأثيرا إيجابيا على الفرد والمجتمع. فالإيثار، سواء كان بصورة مادية أو معنوية، يعمل على تعزيز الروابط الإنسانية والاجتماعية بين الأفراد.
قصص الإيثار عند الصحابة
نظرا لأهمية الإيثار وتأكيدا على وجوده لدى الصحابة رضي الله عنهم، سنقدم لكم أجمل النماذج من قصة الصحابة
القصة الأولى : ضيف رسول الله صلّ الله عليه وسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه: «رجل ما أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعثت لنسائه، قالن: معنا فقط الماء. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من يستضيف هذا؟ قال رجل من الأنصار: أنا. أخذه إلى زوجته وقال: اكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: لدينا فقط طعام أولادي. قال: أعدي طعامك، واجعلي سراجك مضاء، ودعي أطفالك ينامون إذا أرادوا العشاء. فأعدت طعامها، وأصبحت سراجها مضاء، ونام أطفالها.
ثم قامت وكأنها تريد إصلاح سراجها فأطفأته، فرأى الاثنان أنهما يأكلان، وباتا صورة طاويين، فعندما أصبح الصباح، ذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “ضحك الله الليلة -أو عجب من فعلكما-،” فأنزل الله: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} [ الحشر:9].
القصة الثانية : إيثار منقطع النظير
عندما وصل المهاجرون إلى المدينة، كانوا فقراء لا يمتلكون شيئا من الدنيا، حيث تركوا أموالهم وممتلكاتهم خلفهم، وجاءوا يعتمدون على الله ويرجون رحمته ويخافون عذابه. استقبلهم الأنصار الذين كانوا يسكنون المدينة وأكرموهم بأقصى درجات الكرم ولم يبخلوا عليهم بأي شيء من متاع الدنيا. لا يمكن وصف سخاءهم بالكلمات ولا يمكن التعبير عنها بشكل كامل، كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه: “عندما وصل المهاجرون إلى المدينة، نزلوا على الأنصار في منازلهم، فقالوا: يا رسول الله، لم نر مثل هؤلاء الناس الذين استقبلونا بأفضل مستوى من الرعاية والتضييف، حيث تشاركونا في المساكنة وتكفونا بالمعيشة. كان لدينا خوف أنهم قد أخذوا بالكامل مكافآتنا. فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كلا، ما دعوتم لهم وأثنيتم عليهم فإنه لكم الأجر من الله.
القصة الثالثة : عبد الرحمن بن عوف
عندما وصل عبد الرحمن بن عوف إلى المدينة، أخواه النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وكان عند الأنصاري امرأتان، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال له: بارك الله لك في أهلك ومالك.
القصة الرابعة : في غزوة اليرموك
وصل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مستوى الإفضاء بإخوانهم بحياتهم، وهذا يعد الكرم والجود والبذل والعطاء في غزوة اليرموك، قال عكرمة بن أبي جهل: “أيهاالناس، قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن، فمن منكم يفرح اليوم بأن يفر من القتال؟!” ثم نادى: “من يريد أن يعاهد على الموت؟
– بايع عمه الحارث بن هشام وضرار بن الأزور في أربعمائة من فرسان المسلمين، وقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى قدموا جميعا جراحا، وقتل من بينهم ضرار بن الأزور. عندما شعروا بالعطش بسبب جراحهم، جاءتهم شربة ماء، ولكنهم رفضوا الشربة وبدأوا في التدافع عليها، حتى قتلوا جميعا بسبب الصراع عليها، ولم يشرب أحد منهم الشربة.
القصة الخامسة : إيثار أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
عندما طعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال لابنه عبد الله: “اذهب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقل لها: `يقرأ عمر ابن الخطاب عليك السلام`، ثم سلها أن تسمح لي بالدفن مع صاحبي.” فردت عائشة: “كنت أريد ذلك لنفسي، فليكن له الأولوية اليوم على نفسي.” وعندما جاءوا لدفن عمر، سألوه: “ماذا تريد؟” فقال: “أذنت لكم يا أمير المؤمنين.” وأضاف: “لم يكن هناك شيء أهم بالنسبة لي من هذا المضجع، فإذا مت فحملوني وادفنوني. وإذا لم تسمحوا لي بالدفن هنا، فأرجعوني إلى مقابر المسلمين.
ودخل عليها مسكينٌ فسألها وهي صائمة وليس في بيتها إلَّا رغيف فقالت لمولاة لها: أعطيه إيَّاه. فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه؟ فقالت: أعطيه إيَّاه. قالت: ففعلتُ. قالت: فلمَّا أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يُهدِي لنا: شاة وكفنها. فدعتني عائشة فقالت: كلي مِن هذا، فهذا خيرٌ مِن قرصك.