ولدت الدكتورة سميرة موسى علي في قرية سنبو، مركز زفتى بمحافظة الغربية في الثالث من مارس عام 1917، وكانت الابنة الرابعة من بين تسعة أبناء وبنات، وهي أول عالمة ذرة مصرية وتم تسميتها “مس كوري الشر .
الصدفة في حياتها
كان للمناخ الإقتصادي والسياسي الذي تعيشه مصر آنذاك دور مهم في حياة هذه الطفلة الصغيرة ، ويمكن أن نقول أن الصدفة لعبت دورا في حياتها و في تعليمها، فهناك رواية تقول أن معلمها طلب منها قراءة نعي وفاة الزعيم الراحل سعد زغلول من الجريدة ، لكن الطالبة الصغيرة أخبرته أن لا حاجة لها بالجريدة فقد حفظت النعي عن ظهر قلب ، وبعدها لفتت الأنظار بنبوغها .
طلب معلم الفتاة من والدها الاهتمام بها وتعليمها، ولذلك انتقلت أسرتها ذات الحالة المالية الميسورة إلى القاهرة لتتمكن الفتاة الموهوبة من استكمال تعليمها، ولولا الانفتاح الاقتصادي والسياسي والدعوة إلى المساواة وحقوق المرأة في ذلك الوقت، لم تشجع أسرتها على الانتقال إلى القاهرة .
تعليمها
سافرت سميرة وعائلتها إلى القاهرة، وانضمت إلى مدرسة بنات الأشراف الثانوية الخاصة التي أسسها السياسي المرموق الذي كان يدعم حقوق المرأة نبوية موسى. أولت نبوية موسى اهتماما خاصا بالفتاة سميرة وقامت بإنشاء مختبر علوم داخل المدرسة للحفاظ عليها ومنعها من الانتقال إلى مدرسة أخرى، حيث لم تكن تحتوي على مختبر علوم في ذلك الوقت .
حصلت سميرة على المركز الأول في التوجيهية عام 1935، والتحقت بكلية العلوم في جامعة القاهرة، وهناك وجدت الأب الروحي لها، المشرف الدكتور علي مصطفى، أول عميد مصري لكلية العلوم. حصلت سميرة على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة، وساعدها الدكتور مشرفة في تنفيذ قرار تعيينها بالجامعة، وواجهت رفضا من أعضاء هيئة التدريس الأجانب لتعيينها، لأنها كانت أول سيدة تلتحق بالهيئة التدريسية في كلية العلوم .
ملامح شخصيتها
على الرغم من غموض حياتها الشخصية، إلا أن الدكتورة سميرة كانت لديها مواهب متعددة بخلاف اهتماماتها العلمية، مثل:
وقد تم تبرعها بمكتبتها الخاصة للمركز القومي للبحوث بعد الاهتمام بالقراءة .
2- الموسيقى والعزف على العود .
3- كانت تصمم ملابسها الشخصية وتخيطها بنفسها .
تم إنشاء استوديو داخل المنزل لتطوير الصور التي تم التقاطها بالكاميرا .
أسست شركة مصنعًا لإنتاج الطرابيش، مؤمنة بأهمية الصناعة والإنتاج المحلي، وقام الدكتور مشرفة بالإشراف عليه .
شاركت كعضوة في إحدى الجمعيات التي استهدفت محو الأمية في الريف المصري في ذلك الوقت .
كان لديها اهتمامات طبية خاصة في مجال العلاج بالإشعاع للسرطان .
انجازات سميرة موسى
كانت رسالة الماجستير الخاصة بها تتناول موضوع التوصيل الحراري للغازات، في حين كان موضوع رسالة الدكتوراه الخاصة بها يتعلق بتأثير الأشعة السينية على المواد المختلفة. وكانت هذه الموضوعات مختلفة تمامًا في ذلك الوقت، ولكنها فتحت الباب أمام زملائها الباحثين لمواصلة البحث في هذه الموضوعات .
تمكنت سميرة موسى من إيجاد معادلة لتفتيت المعادن الرخيصة التي كانت ستمكنها من صنع القنبلة النووية، ولكن للأسف لم تتمكن من إكمال هذا المشروع، وربما كان ذلك هو سبب اغتيالها .
قامت ألفت بكتابة كتاب في الجبر وهي في المرحلة الأولى من الثانوية العامة، وقام والدهبطباعته على نفقته الخاصة وتم توزيعه بالمجان، وكان عنوان الكتاب “الجبر الحديث .
كانت للدكتورة سميرة العديد من الأبحاث التي فتحت الباب للكثيرين بعدها في هذا المجال .
علاقتها بالسياسة
كان للدكتورة سميرة اهتماماً ملحوظا بالأحداث السياسية في ذلك الوقت ، وكانت لها وجهة نظر خاصة بخصوص امتلاك السلاح النووى ، فكانت تريد أن يكون لدى مصر قنبلة نووية ، لتمنح مصر الموقف القوي عند الحديث عن السلام في المنطقة , كما أنها قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية عام 1948 ، ربما كان لأرائها السياسية دورا في مصرعها.
حادث أم اغتيال
سافرت سميرة إلى الويات المتحدة الأمريكية من اجل إجراء بعض الأبحاث في جامعة سانت لويس ، وتلقت عرضاً بالبقاء في الويات المتحدة وتوفير كافة الإمكانيات العلمية لها لكنها رفضت ، وفضلت العودة إلى مصر ، وبعدها تلقت دعوة لزيارة معمل نووى في ضواحي نيويورك ، ولكن سيارة نقل اصطدمت بسيارتها ، وراحت حياتها جراء هذا الحادث .
يثير اختفاء قائد السيارة، زميل الدكتورة، وعدم وجود جثته في موقع الحادث الشكوك حول هذا الحادث ويدفع للتفكير، وكذلك نفت إدارة المفاعل إرسال أي شخص لمرافقة الدكتورة .
لا يعرف أحد الحقيقة الكاملة وراء وفاة هذه العالمة النابغة، وكل ما يقال ليس أكثر من آراء وتكهنات. هل كانت وفاتها استكمالا لمسلسل الاغتيالات التي كانت تحدث في ذلك الوقت، أم أنها مجرد حادث وإرادة القدر أن تلقى سميرة حتفها وحيدة في تلك البلاد، دون أن تستكمل مسيرتها العلمية التي كانت تسعى إليها. رحم الله سميرة موسى التي كانت ضحية للعلم وحب الوطن .