قصة مقولة ” ما رأيت مثل هذا الشيخ قط “
هذا الشيخ لم أر مثله من قبل” هي عبارة قالها أبو جعفر المنصور، الخليفة العباسي ومؤسس الدولة العباسية. تلقى أنباء عن أموال بني أمية وودائعهم التي وضعت في رعاية شيخ مسن. فأرسل طلبا للاستفسار عن أموالهم، لكنه تفاجأ برد الشيخ عليه في طلبه، وهذا ما جعله يقول هذه العبارة. تمت ذكر هذه القصة في كتاب ألف قصة وقصة من قصص الصالحين ونوادر الزاهدين.
ما رأيت مثل هذا الشيخ قط:
تم رفع شكوى إلى الخليفة المنصور بشأن رجل يملك ودائع وأموال لبني أمية، فأمر بإحضاره، وعندما دخل إليه، قال له المنصور: أُحيل إلينا موضوع الودائع والأموال التي تحتويها، فعليك إخراجها إلينا.
فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، هل أنت وارث لبني أمية؟
قال المنصور: لا،
قال: أفأوصوا لك بأموالهم؟
قال المنصور: لا
قال: فما سؤالك عما في يدي من ذلك؟
فأطرق المنصور ساعة. ثم رفع رأسه وقال: أنا وكيل المسلمين في حق بني أمية الذين ظلموا المسلمين في هذه الأرض، وأريد أن أأخذ ما ظلموه من المسلمين وأضعه في بيت مالهم.
فقال: يحتاج يا أمير المؤمنين إلى تأكيد الحقيقة بشكل عادل وواضح بأن ما كان بيد لبني أمية من المال الذي خانوا وظلموا فيه لا يعد من أموال المسلمين.
فقال المنصور: صدقت، ليس عليك القيام بأي شيء، ثم سأله: هل تحتاج إلى شيء؟
قال: تجمع بيني وبين من طلب مني أن أتقرب إليك، ولكن لم يكن لدي مال أو وديعة من بني أمية في يدي، ولكن عندما وقفت بجانبك وسألتني عن ما سألت، عرفت أن هذا القول هو الذي ينقذني منك.
فلما جمع المنصور بينه وبين من سعى به، عرفه وقال: هذا غلامي، سرق من مالي ثلاثة آلاف دينار وهرب مني، وخاف من مطالبتي له، فتوجه بنفسه إلى أمير المؤمنين.
أجبر المنصور الغلام على الاعتراف بكل ما ذكره الرجل بسبب خوفه وضغطه، وقال المنصور للشيخ: نرجو منك أن تسامحه.
قال الشيخ: تمت صفحة من الأمر وأعتقته ووهبت له الثلاثة آلاف التي أخذها، وثلاثة آلاف أخرى، ومن ثم انصرف
فكان المنصور يتعجب منه كلما ذكره ويقول: ما رأيت مثل هذا الشيخ قط.
الخليفة أبو جعفر المنصور:
هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، مؤسس الدولة العباسية حكم في الفترة من [ 745 – 775] وسعى خلال فترة حكمه في تشييد وبناء الدولة العباسية ويرجع له الفضل في بناء مدينة بغداد التي اتخذها عاصمة للخلافة، عرف عنه الزهد والورع كان لا يلبس إلا خشنًا حتى أنه كان يرقع قميصه، عمل على رفع راية الدولة الإسلامية عن طريق نشر العلم ورعاية العلماء من المسلمين وغيرهم كما اهتم بالنواحي السياسية والاقتصادية لذلك عرف عصر الخليفة المنصور بأنه أزهى عصور الدولة العباسية توفى المنصور في عام 775م الموافق 158هـ أثناء إحدى رحلاته للحج.