ادب

قصة عن الوفاء للوطن

قصة وفاء للوطن

جلس الابن بجوار والده وهما يستعرضان الذكريات في دفتر يحمل صورا وأوراقا، وكان الابن يشاهد الصور ويتصفحها، ومن حين لآخر يستفسر الابن عن محتوى الصورة وعن الأشخاص فيها وعن قصتها، ويروي الأب ويستمع الابن، حتى وجد الابن صورة لجندي يحمل العلم، فسأل الابن والده عن هذا الشخص، وعن المعركة التي يتعلق بها، وعن مكانه الحالي، واستمر الابن في الاستفسار بشغف. ابتسمت الأم عندما رأت الصورة وقالت: “هذه يا بني قصة قصيرة عن حب الوطن“. فقال الأب: “اهدأ يا بني، سأروي لك قصة هذه الصورة، فهي ليست مجرد صورة عادية تحمل وجوها عابرة، بل هي أرواح تنطق من كل زاوية في تلك الصورة، تحكي أياما وليالي من الحب والولاء والتضحية للوطن

هذا الشخص الذي ترى صورته يا ولدي الأن هو صديقي منذ الصغر تربينا سويا وكنا جيران في السكن ، و جيران في مقاعد المدرسة ، تربينا سويا ولعبنا معا، وكنا نتقاسم كل شئ بيننا ، الحزن والفرح ، واللعب ، حتى جاء اليوم الذي فرقتنا فيه الأيام ، وصرنا كبار نبحث في الدنيا عن رزق و نتحمل فيه المسؤولية ، سافر صديقي إلى الخارج ، ولم يعد بيننا سوى خطابات متبادلة ، بين الحين والآخر.

 وانتقلت من سكني وانقطعت أخبارنا، ولم يعد لدينا تواصل، وفي يوم من الأيام وصلني طلب الانضمام إلى صفوف جيش الوطن لمحاربة الأعداء، وأجبت نداء الوطن وذهبت لأداء واجبي، وهناك أصبت في بداية أيام الدفاع عن عزة وكرامة الوطن وتم منحي إجازة مؤقتة من الخدمة الوطنية بسبب إصابتي، ولكني بقيت أتابع أخبار الحرب وزملائي باستمرار.

 و دخلت الدولة التي يعيش فيها صديقي حليفة لدولة العدو ، وأصبحت أحمى همي مضاعف ، هم الوطن الذي يحارب العدو من أجل كرمتنا وحريتنا وأرضنا ، وبين هم صديقي الذي يعيش في بلد أصبحت عدو لنا ، كيف حاله وكيف يعيش ، وهل سيبقى في تلك البلد ويؤثر مصلحته على مصلحة وطنه ، و ظل أمر صديقي يشغل بالي ، وذات يوم تم استدعائي للعودة لصفوف الجيش مرة أخرى بعد انتهاء الإجازة لأكون  في أعمال إدارية ، رحبت بالعودة للصفوف ، المهم يا بني أن أخدم وطني في أي مكان يحتاج لي وطني فيه.

 وتم تكليفي بإدارة مكتب في الحدود، وقضيت أياما طويلة في رعاية أمور المجندين ومتابعة احتياجاتهم. وفي ليلة ما، وصلني خبر عن محاولة تسلل بعض الأفراد إلى الحدود. لفت انتباهي اسم أحدهم، فسعيت لرؤيتهم بأي طريقة وفعلا شاهدتهم. وكان من بينهم صديق العمر. تعجبت من تسللهم إلى الحدود، وعندما سألت عن القصة، كانت مفاجأة بالنسبة لي. فقد قام صديقي الذي خشيت على حياته في بلد يعلن العداوة لوطنه بالتواصل مع رجال الوطن وعمل على نقل أهم الأخبار لهم، حتى اكتشف العدو أمره وهرب إلى وطنه عبر الحدود، وها هو الآن على أرض وطنه بأمان.

 ولم يكتفي صديقي بما فات حيث ضحى بعمله وخاطر بحياته بل قدم روحه فداء للوطن وانضم لصفوف الجيش يدافع عن وطنه وكان أول من رفع العلم على أرض الوطن المحررة قبل أن تصيبه قذيفة من قذائف العدو ويذهب إلى ربه شهيد وتبقى تلك الصورة دليل عظيم على وفاء بطل عظيم وشهيد الوطن ، الذي خشيت عليه من الغربة أن تؤثر في ولائه لوطنه فضرب لي أعظم أمثلة الوفاء ، والحب للوطن ، تلك يا ولدي قصة هذا البطل وتلك الصورة.

 ومسح الابن عبرات تساقطت من عين والده وهو ينظر للصورة بالحب والامتنان والفخر، ثم قال اعلم يا ولدي أن الدنيا كلها بما فيها لا تساوي ثمن حبة تراب الوطن، وأن من تربى على أرضها، ونال من خيراتها، لا يخون أهلها، ويبقى الوفاء شيمة من شيماته، حتى ولو خاطر بحياته وقدم روحه فداء لوطنه، لتكن هذه الرسالة في نظرك يا ولدي درسا في الوفاء والانتماء للوطن، تعتز به في حياتك وتعلمه لأولادك، ولا تنساه ما حييت، وتستمر في ترويتها من جيل لجيل أمجاد آبائهم وتضحياتهم من أجل أوطانهم، وتحافظ أنت وهم بعدك على كل شبر في أرض الوطن وكل ذرة تراب على وجه الأرض.

معنى الوفاء

معنى الوفاء هو الإخلاص وتحقيق الإخلاص يعني الوفاء، سواء كان تجاه الأصدقاء أو العائلة أو الذكريات أو الوطن. الوفاء صفة كريمة يتمتع بها الشخص الأمين والصادق، ولا يمكن أن يكون الخائن وفيا. فالوفاء للوطن يأتي من فطرة الشخص السوي، ويجب على الآباء والأمهات تعليم أبنائهم حب الوطن والوفاء له، من خلال الحكايات الوطنية والأعمال البطولية والتضحيات التي تزرع الوفاء في النفوس، وتأدية الحق والأمانة لمن يستحقهما. ويتحقق الوفاء للوطن في الجنود والمزارعين والصناع والطلاب وكل من يؤدي واجبه تجاه وطنهم

مفهوم الوفاء للوطن

الوفاء للوطن يعني الوفاء للحضن الذي يضم الجميع، بكل من فيه، وهو الوفاء للأرض التي إذا فارقها الإنسان يبقى قلبه وعقله معلقًا في ضواحيها وشوارعها ومنازلها.

ذلك لأن حب الوطن ليس أمر يتعلمه الفرد في المدارس ، أو يدرسه في الجامعات ، أو تقدمه الأكاديميات ، وإنما هو فطرة كل سوي،  والشخص السوي يجد أن حب الوطن جبلة فيه ، تلك ملعب الصبى، وموطن الأب و الجد، بل حتى الإبل الخيل والقطط ، وغيرهم من المخلوقات تجد بداخلها حنين إلى الوطن والطيور تهاجر وتعود إلى وطنها.

شعر عن الوفاء للوطن

موطني آه موطني

شاقني ذكرك الحسن

انا صب متيم

بك يا فتنة الفتن

كلما ردت خاطري

هجت في السر والعلن

واعترتني اهتزازة

هزت الروح والبدن

ثم صعدت زفرة

من لهيب وقلت من

من يرى الهوى نازلاً

بالحمى ثم لا يجن

موطني العين اجهشت

والهوى في الحشا كمن

أنا يا موطني شبحٍ

ما لغير الحمى احن

انه الحب موطني

انه الحب مستكن

أي بني قوم حسبكم

عذل من بالحمى افتتن

أنا يا قوم إن كان

مهملاً فاسألوا الاحن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى