ادبشخصيات ثقافية

قصة حياة العز بن عبد السلام

هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، شيخ الإسلام الذي يلقب بـ الشيخ عز الدين أبو محمد الدمشقي الشافعي. وكانت هذه أحد الأسباب التي دفعته للسعي للحصول على العلم بعد أن بلغ سن الرشد. وبفضل جهوده وصبره، تمكن من تحقيق تقدمه في العلم وأن يكون أكثر تميزا في اكتساب المعرفة من غيره. ولد في دمشق عام 577 هـ / 1181 م ونشأ في بيت فقير .

من هو العز بن عبد السلام

يدعى بالاسم الكامل عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن بن محمد بن مهذب، وينتمي إلى السلمى المغربيّة، والدمشقيّة، والمصريّة، ويتبع المذهب الشافعي .

  •  السلمى هي اسم مشتق من قبيلة بني سليم، وهي إحدى القبائل المصرية التي كانت تعيش في مصر .
  • المغربي هو شخص ينحدر أصله من بلاد المغرب، ويقال أن أحد أجداده قد قدم من المغرب وعاش في بلاد الشام .
  • يشير لقب `الدمشقي` إلى دمشق، ويُقال إنّ العز وُلد في دمشق وتعلّم فيها وتولّى فيها مناصب علمية مختلفة، وعاش فيها معظم حياته .
  •  يشير اسمه المصري إلى ارتباطه بمصر، حيث انتقل إليها وتعلم فيها، وولد فيها، على الرغم من أن أصله يعود إلى المغرب، ولد في دمشق، وعاش وتوفي ودفن في مصر .
  • يُرتبط اسم الشافعي بالإمام محمد الشافعي الفقيه الإسلامي، ويسمى باسمه لأنه درس وفقه في الإسلام على المذهب الشافعي حتى وصل إلى درجة الاجتهاد في هذا المذهب .

القاب العز بن عبد السلام

  • كان عز الدين يُختصر باسم العز، وهو اسم شائع له في الكتب والسير الذاتية، نظرًا لأنه في عصره كان يتم تسمية الخلفاء والملوك باسم الدين .
  • يُعرف سلطان العلماء بابن عبد السلام، ولكن بعض المالكية والشافعية والحنابلة يشتركون معه في هذا الاسم، ولذلك تم نسب بعض مؤلفاتهم إلى العز بن عبد السلام .
  •  القاضي، لأنه تولى منصب القضاء في دمشق والقاهرة .
  • يُطلق على هذا القاضي لقب `قاضي القضاة`، لأنه يتولى منصب مسؤولية القضاء في الفسطاط والوجه القبلي .
  • ويتعلق لقبه بـ سلطان العلماء بتسميته بهذا اللقب من قِبَلِ تلميذه الأول، وقد ذكر ذلك ابن السبكي، إذ أنه رفع وأكد مكانة العلماء وأظهر ذلك في مواقفه، وقام بمواجهة الحكام والسلاطين بالحجج والبيان وغلبهم، وكان هو على رأس هؤلاء العلماء .
  • اشتهر هذا الشخص بهذا اللقب وذكر في كثير من المؤلفات، واتفق العديد من العلماء والمؤلفين على أنه يستحق هذا اللقب، ولكنهم لم يتفقوا على سبب تسميته بهذا اللقب، إذ اتفق بعضهم مع التسمية السابقة واعتبروا أنه نال هذا اللقب لأنه بلغ مكانة عالية بين العلماء .

سيرة العز بن عبدالسلام

اتفقت المصادر أنه ولد في دمشق ، ولكنهم لم يتفقوا على تاريخ مولده ، فبعضهم قال إنه ولد في سنة 577 هجرية وقال بعضهم إنه ولد في سنة 578 هجرية ولكن حاول بعض الباحثين إثبات التاريخ الأول 577 هجرية ، وفريق آخر رجح التاريخ الثاني 578 هجرية وفريق ثالث توقف عن تحديد تاريخ مولده .

كانت دمشق في عصر العز بن عبد السلام مركزا للعلم والعلماء، وكان عصرها مليئا بالعلماء منذ بداية العصر الأموي، وكانت تضم العديد من العلماء من مختلف العلوم والفنون، وكان العلماء يجتمعون فيها لمناقشة مختلف المواضيع، وكان الجامع الأموي في ذلك الوقت واحدا من أرقى الجامعات التي كان يأتي إليها الطلاب لطلب العلم .

من سيرته يتضح أنه نشأ في أسرة فقيرة، ولم تذكر المصادر شيئا عن والده ووالدته وعائلته. يذكر أنه بدأ العلم في سن متأخر، ويقال إنه عمل في مجال العلم في مرحلة متأخرة من حياته وأنه كان فقيرا جدا في بداية حياته. ثم اتجه بقوة لطلب العلم بعزيمة عالية ومثابرة ليعوض ما فاته في شبابه. كان يجلس في حلقات العلم وشغوفا بالدراسة والتعلم، واستفاد من مختلف المجالات العلمية في وقت قصير .

وقال العز بن عبد السلام متحدثا عن نفسه “كل ما تعلمته واستفدت منه وسمعته من شيخي الذي كنت أتعلم منه، لم يكن إلا يقول لي: لقد وصلت إلى أعلى مستوى في المعرفة، فاعمل على نفسك.” وقد درس العز مجموعة متنوعة من العلوم وجمع بينها، ودرس علوم الدين والفقه ودرس القرآن والحديث واللغة والعديد من العلوم الأخرى. ووصل إلى درجة الاجتهاد في جميع العلوم التي درسها .

عاش العز بن عبد السلام الكثير من حياته في دمشق، ولكنه رحل عنها ثلاث مرات. كانت رحلته الأولى إلى بغداد، والثانية إلى مصر، والثالثة إلى الحجاز بهدف زيارة بيت الله الحرام. ويقال إن العام الذي زار فيه الحجاز للعمرة كان عام 644 هجريا، وذلك بعد أن عزل نفسه عن قضاء مصر .

سافر إلى بغداد في شبابه، وذلك خلال عصر الخلافة العباسية، حيث كانت بغداد وجهة للتعليم ومليئة بالمكتبات العامرة، وذلك في العام 597 هجرية، وعاش في بغداد عدة أشهر قبل أن يعود إلى دمشق .

وفاة العز بن عبدالسلام

توفى بن عبد السلام في سنة 660 هجرية في شهر جمادى الأولى ، وتوفى وهو يبلغ من العمر ثلاثا وثمانين سنة ، ولكن المؤلفين وعلماء التاريخ اختلفوا على يوم وفاته فبعضهم قال إنه مات في يوم التاسع من جمادى الأولى ، وبعضهم قال إنه توفى في العاشر من جمادى الأولى ، والبعض الآخر قال أنه توفي في يوم الحادي عشر من جمادى الأولى .

تم دفن العز بن عبد السلام في يوم الحادي عشر من شهر جمادى الأولى قبل الظهر، وحضر جنازته العديد من سكان القاهرة. صلاة الجنازة أقيمت من قبل الخليفة الظاهر بيبرس، ملك مصر والشام، وقاد الملك خدمه وحاشيته وجنوده لدفن العز بن عبد السلام. وأقيمت صلوات الغائب عليه في عدة دول عربية، وصلى عليه في دمشق في الجامع الأموي يوم الجمعة. وأقيمت مراسم العزاء له في جامع التوبة في يوم 25 جمادى الأولى سنة 660 هجري .

مناصب وأعمال العز بن عبدالسلام

 الإفتاء

لم تكن للإفتاء وظيفة رسمية في الدول الإسلامية، وعندما ظهرت هذه الوظيفة بشكل رسمي، كان العلماء يعتقدون أن أي شخص متمتع بالمعرفة يستطيع أن يقوم بها. قام العز بن عبد السلام بإصدار الفتوى في الشام وأصبح معروفا بـ `مفتي الشام`. وقد تم عزله من قبل الملك بسبب الفتوى التي أثارت جدلا حول القرآن. كان العز بن عبد السلام يتلقى الفتاوى من مختلف البلدان مثل العراق وغيرها، وعندما وصل إلى مصر، أقروا علماء مصر بمكانته وعرفانه، وبالتالي اعتزل كل منهم إصدار الفتاوى بسبب وجود العز بن عبد السلام. كان العز جريئا في فتاويه ولا يخشى اللوم .

 التدريس

عمل العز بالتدريس بعد بلغ واجتهد في كثير من العلوم وأجادها وعمل بها في بداية حياته في دمشق وفي القاهرة في آخر عمره ، كان في دمشق يعطي الدروس في بيته وفي المسجد وفي أي مكان وجد ، وقد تلقى العز بن عبد السلام علمه في مدرستين وهما المدرسة الغزالية والمدرسة الشبلية البرانية .

ولما انتقل إلى مصر واظب على التدريس مع ممارسة الخطبة والقضاء، وعندما قام الملك الصالح ببناء مدرسة لتدريس الفقه كان العز بن عبد السلام يريد أن يعتزل التدريس ويتولى القضاء فقط، ولكن السلطان قد أثنى عليه من الاعتكاف وأن يقوم بتدريس الفقه في المدرسة فقام العز بن عبد السلام بقبول ذلك وبقي في المدرسة يعمل بتدريس الفقه حتى توف .

 الخطابة

قام الخطيب مسك العز بن عبد السلام بإلقاء خطبته الجريئة في المسجد الأموي بدمشق. كان يعلم الناس بالأمور والحكام، وعندما وجد استجابة واستماعا جيدا من الحضور، قام بتعليمهم كيفية رفض البدع وما يشابهها. لم يقم العز بن عبد السلام بالبقاء في دمشق لفترة طويلة، حيث بقي هناك لمدة تقارب السنة، ثم انتقل إلى مصر حيث عينه الملك الصالح أيوب خطيبا في جامع عمر بن العاص. وشغل أيضا مناصب أخرى مثل السفارة والقضاء، وتولى منصب قاضي القضاة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى