قصة انتحار الرسام فان جوخ وقطعه لأذنه
كان فنسنت ويليم فان جوخ، الذي ولد في ٣٠ مارس ١٨٥٣ وتوفي في ٢٩ يوليو ١٨٩٠، رساما مبتكرا، حيث كانت أعماله معروفة بجمالها وعاطفتها ولونها وتأثرها الكبير بفن القرن العشرين. وقد تحدى المرض العقلي وظل فقيرا وغير مشهور تقريبا طوال حياته. وتوفي فان جوخ في فرنسا عندما كان عمره ٣٧ عاما بسبب جرح ناتج عن إطلاقه النار على نفسه .
إنتحار الفنان فان جوخ
عانى فان جوخ من نوبات عصبية جعلته مرتبكا لعدة أيام أو أسابيع، وعلى الرغم من ذلك، تأتيه أيضا نوبات من الهدوء التي يمكنه خلالها ممارسة الرسم. وفي الواقع، فإن الفترة التي قضاها في أوفير منذ مايو 1890، بعد تركه لمصحة نفسية خارج سانت ريمي دي بروفانس شمال شرق آرل، كانت الفترة الأكثر إنتاجية في حياته المهنية، إذ أنه في خلال 70 يوما، أنجز 75 لوحة زيتية وأكثر من 100 رسمة .
على الرغم من ذلك فقد شعر على نحو متزايد بالوحدة والقلق ، وأصبح مقتنعا بأن حياته كانت فاشلة ، وفي النهاية تمكن من الحصول على مسدس صغير كان ملك صاحب منزل سكنه في أوفير ، وقام بسحب الزناد وإطلاق النار على صدره ، إلا أن الرصاصة قد ارتدت من أحد الأضلاع ، وفشلت في اختراق قلبه ، وفقد فان جوخ وعيه وانهار .
عندما حل المساء بدأ بالبحث عن المسدس لإنهاء المهمة، ولكنه لم يستطع العثور عليه، ثم عاد إلى النزل حيث استدعي الطبيب، وجاء شقيقه ثيو في اليوم التالي، وكان ثيو يأمل في أن يتعافى فينست، لكن في النهاية توفي الفنان البالغ من العمر 37 عاما، وكانت كلمات فان جوخ الأخيرة: `هذه هي الشاكلة التي أردت أن أمضي بها` .
يعرض معرض جديد باسم “على حافة الجنون” في متحف فان جوخ في أمستردام، ويقدم عرضا متوازنا ودقيقا للسنة الأخيرة ونصف حياة الفنان، ومع ذلك، فإنه لا يقدم تشخيصا نهائيا لمرض فان جوخ، حيث تم اقتراح العديد من الأسباب على مر العقود منها الصرع وانفصام الشخصية وتعاطي الكحول والاعتلال النفسي واضطراب الشخصية الحدية .
يحتوي هذا المعرض على مسدس متآكل بشدة تم اكتشافه في الحقول وراء شاتو في أوفير حوالي عام 1960، ويشير التحليل إلى أن المسدس الذي تم إطلاقه كان موجوداً في الأرض لفترة تتراوح بين 50 و 80 عاماً، أي أنه ربما كان الذي استخدمه فان جوخ .
بتر فان جوخ لأذنه اليسرى
يضم المعرض أيضا رسالة تم العثور عليها مؤخرا، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة، حيث تم كتابتها من قبل الطبيب الذي كان يعالج فان جوخ وهو فيلكس ري، وتحتوي الرسالة على رسم بياني يوضح جزء الأذن الذي تم بتره من فان جوخ، وقد أثبتت هذه الرسالة أن بتر الأذن كان كليا وليس مجرد بتر للغضروف كما كان يعتقد من قبل بعض المؤرخين .
تكشف إحدى الدراسات أن فان جوخ أرسل أذنه إلى امرأة تدعى غابريال بلاتييه في صباح يوم 23 ديسمبر 1888، مرفقا بها رسالة قصيرة كتب فيها: `هذه قطعة من جسدي، احتفظي بها بعناية`. يزعم أن تلك المرأة كانت تعمل كمضيفة في الماخور بمدينة أرليس الريفية في جنوب فرنسا. تعتبر هذه القصة مثيرة للجدل بسبب هوية تلك المرأة التي لم يتم الكشف عن حقيقتها تماما حتى الآن .
اللوحة الأخيرة للفنان فان جوخ
يتضمن المعرض أيضًا لوحة لفان جوخ غير مكتملة يُطلق عليها اسم “جذور الشجرة”، وقد عمل عليها في صباح السابع والعشرين من يوليو، قبل ساعات من انتحاره. وتتنوع ألوان اللوحة بين الأزرق والأخضر والأصفر، وتحتوي على العديد من التفاصيل .
وعند تأملها بشكل جيد ، نجد أنها تعبر عن منظر طبيعي يصور جذور عارية ومناطق سفلية من جذوع الأشجار ، والتي تظهر وكأنها مرسومة على خلفية من تربة رملية فاتحة اللون توجد على جرف من الحجر الجيري المنحدر ، كذلك فهناك جزء بسيط من السماء موجود بالطرف العلوي من الجانب الأيسر للوحة .
يمكن وصف تلك اللوحة بأنها تعكس بشكل كبير الحالة العقلية لفان جوخ قبل انتحاره، حيث تظهر فيها الكثير من المشاعر والانفعالات العنيفة، وتكون مفعمة بالاضطراب العاطفي، وقد صرح المؤرخ الفني مارتن بايلي بأنها تجسد بعضا من العذاب العقلي الذي تعانيه فان جوخ أحيانا .
بالمثل، كانت لوحة ريما ذات معنى ودلالة أو تمثل رسالة وداع. قبل سنوات من رسمها بفان جوخ، قام بدراسة جذور الأشجار التي تعبر عن جانب من `صراعات الحياة` كما قال في رسالة لشقيقه ثيو. وقبل وقت قصير من انتحاره، كتب فان جوخ رسالة أخرى لشقيقه حيث قال له إن حياته هاجمت في جذورها. وبناء على ذلك، يمكن أن تكون هذه اللوحة وداعا لكل شيء في حياته .