ادب

قصة امرؤ القيس مع حبيبته

امرؤ القيس وحبيبته عُنيزة

يعتبر أمرؤ القيس من أشهر الشعراء الذي اشتهر بشعره ومعلقته، وكانت حياته مليئة بقصص الحب والعشق، ولقد تميزت أيضا بقصة تمرده على أبيه. ولم تكن وفاته طبيعية، حيث ترددت العديد من الشائعات حولها. كان يعيش حياة مماثلة لأبناء الملوك بسبب والده، الذي كان هو حجر الكندي، ملك بني أسد وغطفان. ولد في نجد حوالي عام 500 م، وحاول والده منعه من الشعر (لأنه ليس من عادات الملوك)، ولكنه لم يتراجع عن الشعر، فقام والده بطرده 

وقع أمرؤ القيس في حب ابنة عمه عنيزة، الملقبة بـ فاطمة، وذلك في “دارة جلجل”، حيث ذهب وراءها عندما كانت تنزه مع مجموعة من الفتيات بالقرب من غدير. وقضى معهن اليوم كله، وذبح ناقته ليطعمهم. وعند العودة، حملت كل فتاة شيئا من أمتعتها، وشفق عليه أبن عمه بعد أن ذبح ناقته لهن وأعادها محمولة على راحلتها. وقص أمرؤ القيس هذه الواقعة في معلقته التي تتكون من 80 بيتا، وهي من المعلقات التي كتبت بماء الذهب وعلقت على أستار الكعبة، ومطلعها يقول:

قفا نبكي على ذكرى حبيب ومنزل *** فسقطت الدموع بين الخد والذقن

ويتابع الشاعر واصفا اليوم الصالح في “دارة جُلجُل”:

ألا رب يوم لك منهن صالح *** وخاصة يوم بدارة جلجل

وفي يوم عقرتها، تجوبت بين العذارى *** يا لعجب من قلبها القوي المحمل

فظل العذارى يلتصق بلحمها وشحمها كشوك مقتول

ويوم دخلت الخدر خدر عُنيزةٍ *** فقالت : لك الويلات انك مرجلي

تقول وبيننا الجماعة تزداد اتساعا *** عقرت بعيري يا امرأة القيس فانزلي

أفاطم مهلا بعض هذا التدليل *** وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجمل

وإن تكُ قد ساءتك مني خليقتي *** فسلي ثيابي عن ثيابك تنسلِ

أغراني بحبك القاتل، وأنك مهما أمرتي فإن القلب يفعل ما يريد

وبيضة خدر لا يرام خباؤها *** استمتعت باللعب بها دون تأخير

تجاوزت أحراسا لديها ومعشرا، على حرص لو يسرون مقتلي

فقالت : يمين الله، لا يوجد لك حل إذا فشلت، وستزول العماية عنك بمجرد أن أرى منك الصواب

قصيدة امرؤ القيس في الغزل الفاحش

لقد أبدع عدد كبير من شعراء الجاهلية في هذا اللون من الشعر، وكان أشهرهم هو الشاعر امرؤ القيس بن حجر الكندي، وقد قال العديد من القصائد في الغزل الفاحش منها ما يلي: 

وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ
فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَعًا
عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ
فَقُلتُ لَها: سيري وَأَرخي زِمامَهُ
وَلا تُبعِديني مِن جَناكِ المُعَلَّلِ
فَمِثلُكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ
فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحوِلِ

يقول امرؤ القيس بن حجر الكندي في قصيدة أخرى عن الغزل الفاحش ما يلي: 

عندما تناقشنا، انحنى غصن شجرة شماريخ، فتوصلنا إلى اتفاق وتبادلنا أحسن الكلمات
ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال
فأصبحت معشوقاً وأصبح بعلها
عليه القتام سيّء الظنّ والبال
يغطّ غطيط البكر شدّ خناقه
ليقتلني والمرء ليس بقتال
أيقتلني والمشرفي مضاجعي
ومسنونة زرقٍ كأنياب أغوال
وليس بذي رمحٍ فيطعنني به
وليس بذي سيف وليس بنبال

أبيات امرؤ القيس

 ألا انعم صباحاً أيها الربع وانطقِ 

وَحدِّثْ حديثَ الركبِ إن شئتَ وَاصدقِ 

وحدِّثْ بأن زَالَتْ بليلٍ حُمولُهمْ 

كنَحلٍ من الأعرَاض غيرِ مُنبِّقِ 

جَعَلنَ حَوَايَا وَاقتَعَدنَ قَعائِداً 

وخففنَ من حوك العراقِ المنمقِ

 وفوقَ الحوايَا غِزلَة ٌ وجآذِرٌ 

تضَمّخنَ من مسكٍ ذكيّ وزنبقِ 

فأتبعهم طرفي وقد حال دونهم 

غورابُ رملٍ ذي آلاءٍ وشبرق 

على إثر حيّ عامدين لنية ٍ 

فحلوا العقيق أو ثنية مطرِق 

فعَزّيتُ نفسي حين بَانُوَا بجَسرَة ٍ 

أمونٍ كبنيان اليهودي خيفقِ 

إذا زُجِرَتْ ألفَيتُهَا مُشْمَ عِلّة ً 

تنيفُ بعذقٍ من غروس ابن معنق 

تَرُوحُ إذا رَاحَتْ رَوَاحَ جَهَامَة ٍ 

بإثْرِ جَهَامٍ رَائِحٍ مُتَفَرِّقِ 

كَأنّ بهَا هِرّاً جَنِيباً تَجُرُّهُ 

بكل طريق صادفته ومأزقِ 

كأني ورحلي والقرابَ ونمرقي 

على يرفئي ذي زوائدَ نقنق 

تروح من أرضٍ لأرض نطية ٍ 

لذِكرَة ِ قَيضٍ حوْلَ بَيضٍ مُفلَّقِ 

يجول بآفاقِ البلاد مغرباً 

وتسحقه ريح الصبا كل مسحقِ

 وَبَيتٍ يَفُوحِ المِسْكُ في حَجَرَاتِهِ 

بعيدٍ من الآفات غير مروق

 دَخَلتُ على بَيضَاءَ جُمٍّ عِظَامُهَا

 تعفي بذيل الدرع إذا جئتُ مودقي

 وَقَد رَكَدَتْ وَسْطَ السماءِ نجومُهَا 

ركودَ نوادي الربربِ المتورق 

وَقد أغتدي قبلَ العُطاسِ بِهَيْكَلٍ 

شديدِ مَشَكّ الجنبِ فعَمِ المُنَطِّقِ 

بعثنا ربيئاً قبل ذاك محملاً 

كذِئبِ الغَضَا يمشي الضَّراءَ وَيتّقي 

فَظَلَّ كمِثلِ الخشْفِ يَرْفَعُ رَأسَهُ 

وَسَائِرُهُ مِثلُ التُّرَابِ المُدَقِّقِ 

وجاء خفيفاً يسفنُ الأرض ببطنه 

ترى التربَ منه لاصقاً كل ملصقِ 

وقال ألا هذا صوارٌ وعانة 

ٌ وَخَيطُ نَعَامٍ يَرْتَعي مُتَفَرِّقِ 

فقمنا بأشلاء اللجام ولم نقد 

إلى غُصْنِ بَانٍ نَاصِرٍ لم يُحرَّقِ 

نُزَاوِلُهُ حَتى حَمَلْنَا غُلامَنَا

 عَلى ظَهْرِ سَاطٍ كالصَّليفِ المُعَرَّقِ 

كَأنّ غُلامي إذْ عَلا حَالَ مَتْنِهِ 

عَلى ظَهْرِ بَازٍ في السّماءِ مُحَلِّقِ 

رَأى أرْنَباً فانقَضّ يَهْوِي أمَامَهُ 

إلَيْهَا وَجَلاّهَا بِطَرْفٍ مُلَقلَقِ

 فقُلتُ لَهُ: صَوِّبْ وَلا تَجْهَدَنّهُ 

فيذرك من أعلى القطاة ِ فتنزلق 

فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه 

بجِيدِ الغُلام ذِي القميصِ المُطوَّقِ 

وَأدرَكَهُنّ ثَانِياً مِنْ عِنَانِهِ 

كغيثِ العشيّ الأقهبِ المتودّق 

فصاد لنا عيراً وثوراً وخاضباً 

عِدَاءً وَلمْ يَنضَحْ بماءٍ فيعرَقِ 

وَظَلّ غُلامي يُضْجِعُ الرُّمحَ حَوْله 

لِكُلّ مَهَاة ٍ أوْ لأحْقَبَ سَهْوَقِ

 وقام طوال الشخص إذا يخضبونه

 قِيَامَ العَزِيزِ الفَارِسيِّ المُنَطَّقِ 

فَقُلنَا: ألا قَد كانَ صَيْدٌ لِقَانِصٍ،

 فخَبّوا عَلَينا كُلَّ ثَوْبٍ مُزَوَّقِ

 وَظَلّ صِحَابي يَشْتَوُون بنَعْمَة ٍ 

يصفون غاراً باللكيكِ الموشق

 ورحنا كأناً من جؤاثي عشية ٌ 

نعالي النعاجَ بين عدلٍ ومشنق 

ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا 

تصوبُ فيه العين طوراً ونرتقي

 وَأصْبَحَ زُهْلُولاً يُزِلُّ غُلامَنَا 

كَقِدحِ النَّضيّ باليَدَينِ المُفَوَّقِ

كأن دماء الهدايات بنحرهِ 

عُصَارَة ُ حِنّاءٍ بِشَيْبٍ مُفَرَّقِ

ماذا قال الرسول عن امرئ القيس

لقد جمعت أراء الشعراء عن امرؤ القيس أنّه أحد الشعراء الفحول، كما وصفوه بأنّها من شعراء الطبقة الأولى، بل إنّه على رأس الطبقة الأولى، وقد وصفه بأنّه من أهل الفضل والفصاحة ومن أعلام البيان والأدب والشعر.

أقبل وفد قادم من جهينة فلما اقتربوا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فسألوا الرسول فقالوا : «يا رسول الله! لولا بيتان قالهما امرؤ القيس لهلكنا!» قال: «وما ذاك؟» قالوا: «خرجنا نريدك! حتى إذا كنا ببعض الطريق، إذا برجل على ناقة له مقبل إلينا، فنظر إليه بعض القوم، فأعجبه سير الناقة، فتمثل ببيتين لامرئ القيس، وهما:

عندما رأت أن الشريعة ترفضها وأن بياضها ينزف

التيمم عند العين التي تكون عند ضرورة، يكفي أن يظل عليها الظل ويمرض طمأنينتها 

 انتهى الماء في هذه العين، واستدلوا على مكان آخر للماء من خلال البيتين التاليين: `لو أدركتُه لنفعتُه، وكأني أرى صفرته وبياض إبطيه وحموشة ساقيه، وفي يده لواء الشعراء يتدهدى بهم في النار!`

وفاته

توفي الشاعر أمرؤ القيس عندما كان في طريق عودته من رحلة إلى مدينة القسطنطينية عاصمة الروم ، وقد قيل أنه أصيب بالجديري ، وقيل أيضا أن سبب وفاته كان دس السم فيه من قبل أحد أمراء القسطنطينية ، فمات في طريق عودته ، ودفن في أنقرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى