قصة المثل .. ” ما أخس من المربوط إلا المنفلت ” ومعانيها
الأمثال والحكم
اللغة هي روح الأمة والروح الوطنية تنعكس فيها، وطبيعة وأصل اللغة يرتبطان بالفكر والروح الوطنية، ولا تعكس اللغة العالم مباشرة بل تعكس صورة الناس عن العالم، وهي الوسيلة الرئيسية التي يتم من خلالها تنظيم الحياة الاجتماعية، وعند استخدامها في سياقات الاتصال، فإنها ترتبط بالثقافة بطرق معقدة ومتعددة، وكذلك الكلمات التي يستخدمها الناس للتعبير عن الحقائق والأفكار والأحداث، فهي تعبر عن مخزون المعرفة الذي يتشاركه الناس حول العالم.
تعكس الكلمات أيضا مواقف ومعتقدات ووجهات نظر كتابها، وهي أيضا آراء الآخرين. وفي كلا الحالتين، تعبر اللغة عن الواقع الثقافي وتجسد اللغة جوانبها اللفظية وغير اللفظية للواقع الثقافي. يتعرف المتحدثون على أنفسهم وعلى الآخرين من خلال استخدامهم للغة، وينظرون إلى لغتهم كرمز لفئتهم الاجتماعية وثقافتهم. وبالتالي، يمكننا القول إن اللغة ترمز إلى الواقع الثقافي.
تم تطوير اللغة بشكل مرتبط ارتباطا وثيقا بالحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للأمة. لا شيء يعكس الثقافة بشكل مميز مثل لغتها، والعنصر اللغوي يجسد قيم المجتمع ومعتقداته بأفضل طريقة. الأمثال هي مظهر ثراء اللغة وجمالها ووحدتها، وتعتبر الأمثال والأقوال التراث الحضاري للأمة. إن الأمثال جزء لا يتجزأ من الكنوز الروحية لثقافة ولغة الناس والحكمة القديمة والمهارات المستخدمة من قبلهم، وهي جزء مهم من ثقافة اللغة البشرية.
تعريف المثل الشعبي
يطلق على دراسة الأمثال اسم “علم الأمثال” أو “paremiology” ، ويمكن تاريخها إلى العصر الإغريقي حيث عرفها أحد العلماء البارزين في الولايات المتحدة ولفغانغ ميديرن على النحو التالي: “المثل هو جملة قصيرة ومعروفة عموما للناس تحتوي على الحكمة والحقيقة والأخلاق والآراء التقليدية في شكل مجازي وثابت وقابل للحفظ والتي تنتقل من جيل إلى جيل.
ويعرّف نوريك الأمثال على النحو التالي: يعرف المثل على أنه نوع من التعليم التقليدي والتخاطبي ذو معنى عام ويفضل أن يكون له معنى رمزي، ويعتبر استخدام المثل والأقوال بشكل صحيح ومناسب يعطي الخطاب هوية فريدة ويعبر عنه بشكل خاص، وبالتالي المثل يعد موضوعا كبيرا يمكن النظر إليه من عدة زوايا، حيث يرى Kaidarov (2004) أن المثل والأقوال هما الظاهرة اللغوية الأقوى تعبيرا فنيا في اللغة وهي ظاهرة عالمية تتميز بها كل لغة.
تتميز الأمثال والحكم بخصائصها الفريدة في نفس الوقت، إذ يصف أكسوي الأمثال والحكم بأنها `أفكار موجزة وشظايا فكرية وحكمة شعبية تأتي من تجارب حياة الأسلاف`، وتعد الأمثال والحكم نهر حياة وحكمة الأمة وجوهر ثقافتها.
الأمثال والأقوال التي تشكلت عبر القرون هي تراث أجدادنا الذي يجمع بين الأمس واليوم واليوم مع الغد والأمثال والأقوال محددة باختصار ودقة الفكر وعمق المعنى والحدة من اللسان لذلك من أجل تقصير الأفكار الطويلة يقدم أجدادنا دائماً للحصول على الأمثال التي تعد كنزاً فريداً من التراث الشعبي لدينا.
في هذا الصدد يؤكد أيتباييف (2003) على قصر وعمق المعنى ودقة الفكر في الأمثال ويخلص إلى أن أسلافنا اعتمدوا في الغالب على صوت قلوبهم وليس على قوة معصمهم وإعطاء أهمية لجوهر الكلمة (2003) وتؤكد ليندا وروجر فلافيلز (2006) على أن الأمثال موجودة في جميع اللغات وأن المجموعات المكتوبة منها تعود إلى أقدم العصور.
يمكن تعريف الأمثال على أنها أقوال قصيرة لا تُنسى للناس حيث تحتوي على كلمات حكيمة للنصيحة أو التحذير وفي الأمثال والعبارات الاصطلاحية يمكننا أن نلاحظ نظرة الناس للعالم ونظام التفكير الخاص للأمة والأمثال هي الميراث الأكثر أهمية الذي يعكس ثقافة الأمة كما أنها جسر روحي بين الماضي والمستقبل.
قصة مثل ما أخس من المربوط إلا المنفلت
في الجزيرة العربية: مثل حمير ابن غيثار المربوطة أخبث من المطلقة
قيل في مصدر المثل أن ابن غيثار كان فلاحا فقيرا وكان لديه حماران لا يستطيع إطعامهما، فكانوا يأكلون حقله ويسببون فيه الفساد بسبب ضيقه وضعفه ونقص الإنتاج. وعندما يفعل أحدهما ذلك بجوار جاره، يعتبر المذنب والمفسد ويجب أن يأخذ الجزاء، وإذا انتقد أحدهم فعلته وشجبه، فإن المقيد هو الأسوأ من العاصي، ولو لم يكن القيد موجودا، لكانوا يفعلون المزيد.
لا تتردد في القيام بعمل المطلق وتفسد المجال له لا خير فيهم جميعاً خاصة إذا ظن أحدهم أن أحدهم أفضل من رفاقه فتبين العكس وسيأتي في نفس معنى الآخر وقال جاره ويشبهه في الأمثال العربية القديمة: حماري العبادي قيل: أي الحمير شريرة؟ قال: هذا أي لا فضل لأحدهما على الآخر لذلك قال أبو العينة لما سئل عن رجلين تفاخروا بالكرم ووافقا عليهما فحكموا عليهما قال: أنتم كما قال الشاعر:حمارا عبادي اذا قيل نبنا بشرهما يوماً يقول: كلاهما.
فأنشد قول الشاعر: حمارا العبادي هما اسمان لشخصين كانا على حال من الشر، والاسم العبادي يرجع إلى العباد وهم قوم من العرب نزلوا في الحيرة وكانوا نصارى، ومن بينهم عدي بن زيد العبادي.
معنى مثل ما أخس من المربوط إلا المنفلت
يقال أن هذا المثل يستخدم في الأمثال الشعبية الكويتية عندما تتشابه صفات الأشخاص.
معاني الكلمات:
- أخس: بمعنى أنهما أكثر شرا وكلا منهما أسوأ من الآخر.
- المنفلت: اسم المفعول لفعل إنفلت هو المتعدي أو اللص.
- المربوط: يستخدم هذا المثل في تحذير الأعداء والخصوم من قوة الشخص المربوط أكثر من المطلق.
أمثال شعبية كويتية قديمة
الثقافة الكويتية تعتبر نافورة بلورية تبقى مغلية باستمرار من حيث الأمثال وتمتلئ بالأمثال والأقوال في اللغة العربية. وتتميز الأمثال والأقوال بخصائص محددة ليس فقط من حيث الكمية ولكن أيضا من حيث الجودة والمحتوى. ويتم بيان الطابع الوطني الخاص للأمثال بشكل واضح عند مقارنتها باللغات المختلفة، حيث تختلف الأمثال والأقوال المتعلقة باللسان في استخداماتها ومعانيها وخصائصها وتصوراتها للعالم.
الأمثال والأقوال التي تشكل جزءا لا يتجزأ من مفردات اللغة ليست فقط مؤشرا للغة الوطنية، بل تعكس أيضا ثقافة الأمة. لذلك، التعبيرات الاصطلاحية عادة ما تكون موجهة إلى الذات وتهدف في المقام الأول لوصف العالم وشرحه والتعبير عن موقف المتحدث منه. وبالتالي، المثل أو المصطلح الشائع يعبر عن الهوية الثقافية للغة.
ومن أجمل الحكم والأمثال الشعبية الكويتية:
- تموت الدجاجة وعينها على السبوس.
- مخروش طاح بكروش.
- لا يغرك شراعه تراه سماري.
- أول قرص احترق.
- الجار قبل الدار.
- كل هوا وله شراع.
- حاسدين الفقير على موتة اليمعه.
- كل عود فيه دخان.
- إذا دلّك البدوي على باب منزلك، يرجى توسيع الباب لاستيعاب جمله.
- الشيص في الغبه حلو.
- البحر ماله أمان.
- الحي يحييك والميت يزيدك غبن.
- إذا شبع لحمار نهق.
- إذا سويت خير تمه.
- الجود من الموجود.
- لي حبتك عيني ما ضامك الدهر.
- ياك الموت يا تارك الصلاة.
- نوم الظالم عباده.
- لا تستخدم الدواسة بكثرة يا صديقي، فقد تملأ قدرتك ولا يربونك كالأطفال.
- أهل عالي ما فكروا إلا تالي.
- شمامها لمامها.
- يغطني بالبحر ويطلعني يابس.
- لي فات الفوت ما ينفع الصوت.
- يجهز الدوا قبل الفلعة.