ادب

قصة ” القصيدة اليتيمة ” لـ الشاعر دوقلة المنبجي

القصيدة اليتيمة هي من قصائد العرب الشهيرة التي كتبها الشاعر دوقلة المنبجي، ولها قصة شهيرة نقدمها لكم في السطور القادمة، ويرغب جميع الأشخاص الذين يعرفون هذه القصيدة جيدا في معرفة القصة الكاملة وراءها.

قصة القصيدة اليتيمة

تتضمن قصة القصيدة اليتيمة قصة غريبة، حيث كانت هناك أميرة في نجد تدعى دعد وقد عاهدت نفسها بألا تتزوج إلا من يكتب لها أجمل قصيدة، وانتشر صيتها بين الشعراء في جميع أنحاء العالم العربي، وتوافد الشعراء من كل مكان للفوز بقلب دعد

لكن لا أحد من الشعراء يستطيع ذلك، وكتب “دوقلة” القصيدة وانطلق بقصد دعد في بطحاء الجزيرة العربية، وفي طريقه لنجد وربى نجد، وقطع دوقلة المسافات طلبًا للود وبحثًا عن الجمال، وفي طريقه قابل إعرابياً وتعارف عليهما.

فسأله الإعرابي: إلى أين تتجه يا أخي العربي؟

فقال دوقلة إلى حمى دعد .

قال الإعرابي: هل هذا يعني أنك انتهيت من كتابة ملحمتك وتجهزت لمقابلة الأميرة؟

قال دوقلة : نعم

قال الإعرابي: اسمعني إياها

روى دوقلة القصيدة، وكان من عادة العرب حفظ الشعر من الرواية الأولى لدى الكثير من رواة العرب، وعندما انتهى من الرواية، أعجب الإعرابي بالقصيدة، ولكنه لم يحفظها من الرواية الأولى، وطلب من دوقلة أن يعيدها عليه، فكررها ومازال يطلب منه حتى يحفظ الإعراب الصحيح للقصيدة.

بعد ذلك، قام الإعرابي بقتل دوقلة وحمل القصيدة في قلبه إلى دعد. وعند وصوله إلى بلاط الأميرة، أخبروها بقدوم شاعر من بلاد بعيدة، حيث نسي الإعرابي موطنه الأصلي عندما وصل إلى بلاط الأميرة.

طلبت دعد من الشاعر أن يسمعها القصيدة، فبدأ يقول القصيدة حتى وصل إلى بيت فيه، حفظته “دعد” (وكانت لديها مستوى من الثقافة والمعرفة وحب الشعر) وبعد انتهاء الشاعر من تلاوة القصيدة، قالت دعد: اقتلوه لأنه قاتل زوجي. تعجب الحاضرون في البلاط من فكرة الأميرة وسألوها كيف عرفت أنه قتل زوجها، فأجابت الأميرة قائلة إن هذا الشاعر يقول في قصيدته إن تتهمين فأنت تهامة وطني أ… وتنجدي يكون الحب نجد

الإعرابي ليس من أهل تهامة، ولا يتمتع بشيء من الهوى النجدي.

ومع ذلك، كان الأذكى من قاتله عندما أدرك أن العربي لابد أن يكون قاتله، حيث أضاف هذا البيت إلى قصيدته الذي كشف هوية قاتله

إن تــتهمــي فـتهامة وطني : أو تــنجــدي إن الهوى نجدُ

تعني الأبيات أن الشاعر من نجد، بينما الأعرابي (السارق) ليس من نجد لأنه عرف بمكانه الأصلي

سبب تسمية القصيدة بالقصيدة اليتيمة

تم تسمية هذه القصيدة `اليتيمة` لأنها وحيدة ولم يكتب ديوان شعري آخر إلى جانبها، وهناك سبب آخر أيضًا وهو عدم وجود شعر عربي آخر يشبهها في قوة سياقها وروعة تشبيهاتها ومعانيها وسلاسة صياغاتها ووضوح مقاصدها.

صاحب القصيدة اليتيمة

هناك اختلافبين الأدباء حول تنسيب هذه القصيدة إلى مؤلفها، ويروي الدكتور صلاح الدين المنجد بأن القصيدة كانت معروفة لعلماء الشعر ورواتها منذ القرن الثالث الهجري، وبينما يرجح ابن المبرد أن القصيدة لا يعرف مؤلفها وتم ذكر قائل آخر فيها وهو ذي الرمة .

ومن نسبها إلى دوقلة المنبجي وتم طرح حجج من نفي نسبتها إلى الإثنين، والذي ينفي أن يكون لذي الرمه هو يحتج بأن ذي الرمة شبب طول حياته بميه ولم يذكر أنه شبب بدعد، وأن موطن صاحب القصيدة هو تهامة وهي ليست موطن ذي الرمة، ويذكر أيضاً صاحب القصيدة في البيت الخمسين “الجند كندة” وليس ذو الرمة من كندة

في رواية أخرى، يشار إلى “جدي تميم” وليس “تميم”، والذي ينفي أن يكون من عشيرة دوقلة المنبجي، حيث يشير اسمه إلى أنه من بلدة منبج، بين حلب والرقة في شمال الشام، وتشير القصيدة أيضا إلى أن وطنه هو تهامة، وقد تم تقديم العديد من الأشياء له وذكر اسمه في كتب التراجم ومعاجم الشعراء، ولذلك فإن وجوده الحقيقي يصعب التحقق منه.

من هو دوقلة المنبجي

الشاعر الذي يعرف باسم دوقلة هو الحسين بن محمد المنبجي، وهو شاعر مغمور يُنسب إليه قصيدة اليتيمة التي نُسِبَت إليه في فهرست ابن خير الأندلسي في القصيدة التي حلف فيها أربعون شاعرعلى انتحالها، ولكن في النهاية اعترف اثنان فقط بكونهما المؤلفين الحقيقيين، وهما أبو الشيص والعكوك العباسيان.

وتعزى إلى العديد من المصادر إلى ذي الرمة وشذ الألوسي في بلوغ الأرب وجعلها من الشعر الجاهلي. يروى جرجي زيدان في مجلة الهلال `174-14` أن القصيدة معروفة منذ القرن الثالث الهجري لدى علماء الشعر، وأول من ذهب إلى أنها لدوقلة هو تغلب المتوفى سنة 291 هـ.

القصيدة اليتيمة لشاعر دوقلة المنيجي

هـــل بالـطـلـول لـسـائــل ٍ ردّ
أم هـــل لـهــا بتـكـلّـم ٍ عـهــدُ
دَرَس الجديدُ ، جديـدُ معهدهـا
فكـأنـمـا هـــي ريـطــة جـــردُ
من طول ما تبكي الغيوم على
عَرَصاتِـهـا ويقـهـقـه الـرعــدُ
وتــلُــثُّ ســاريـــةٌ وغــاديـــةٌ
ويـكــرُّ نـحــسٌ خـلـفـه سـعــدُ
تـلــقــاءَ شــامــيــةٍ يـمـانــيــة
لـهــا بـمــورِ تُـرابـهـا سَـــردُ
فكـسـت بواطـنـهـا ظـواهـرهـا
نـــوراً كـــأن زهــــاءه بــــرد
فوقفـت أسألهـا ، وليـس بهـا
إلا الـمـهــا ونـقــانــق رُبـــــد
فتبـادرت درر الشـؤون علـى
خـــدّي كـمــا يتـنـاثـر الـعـقــد
لهفي على( دعد ) وما خلقت
إلا لــفـــرط تـلـهـفــي دعـــــدُ
بيضـاء قـد لبـس الأديــم بـهـاء
الحسُن ، فهو لجِلدهـا جِلـد
ويـزيـنُ فوديـهـا إذا حـسـرت
ضـافـي الغـدائـر فـاحـمٌ جَـعـد
فالوجـه مثـل الصبـح مُبـيـضٌّ
والشـعـر مـثـل اللـيـل مـسـودُّ
ضـدّانِ لـمـا استجمـعـا حسُـنـا
والضـدُّ يظهـر حُسـنـه الـضـدُ
فكأنـهـا وسـنَــانُ إذا نـظــرَتْ
أو مـدنــف لـمَّــا يُـفِــق بــعــد
بفتـور عـيـن ٍ مــا بـهـا رمَــدٌ
وبهـا تُـداوى الأعـيـن الـرمـدُ
والـصـدر مـنـهـا قـــد يـزيـنـه
نـهـدٌ كـحـق الـعــاج إذ يـبــدو
والمعصمان، فمـا يـرى لهمـا
مــن نعـمـة وبـضـاضـة زنـــد
ولـهـا بـنــان لـــو أردت لـــه
عـقــداً بـكـفـك أمـكــن الـعـقـد
وكـأنـمــا سـقـيــت تـرائـبـهــا
والنحـر مـاء الـورد إذا تبـدوا
وبصـدرهـا حـقــان خللتـهـمـا
كـافـورتـيـن عـلاهــمــا نـــــد
والبطـن مطـوي كـمـا طـويـت
بيض الرياط يصونها الملـد
وبـخـصـرهـا هــيــف يـزيـنــه
فــــإذا تــنــوء يــكــاد يـنــقــد
ولــهــا هــــن رابٍ مـجـسـتـه
وعـر المسالـك، حشـوه وقــد
فـإذا طعنـت، طعنـت فـي لـبـدٍ
وإذا نــزعــت يــكــاد يـنـســد
وألـتـف فـخـذاهـا، وفوقـهـمـا
كفـل يجـاذب خصـرهـا نـهـد
فقيـامـهـا مـثـنـىً إذا نـهـضـت
مــن ثقـلـه، وقعـودهـا فـــرد
والـكـعـب أدرم لا يـبـيـن لـــه
حـجـم، ولـيـس لـرأســه حـــد
مــا عابـهـا طــول ولا قِـصَـر
فـي خلقهـا ، فقوامـهـا قـصـد
إن لـم يكـن وصـل لـديـك لـنـا
يشفي الصبابة ، فليكـن وعْـدُ
قـد كـان أورق وصلكـم زمـنـا
فذوى الوصـال وأورق الصَّـدُ
لله أشـــواقـــي إذا نـــزحَــــتْ
دارٌ لـكـم ، ونــأى بـكـم بُـعــدُ
إن تُتْهـمـي فتـهـامـةٌ وطـنــي
أو تُنْجـدي ، إنَّ الهـوى نَـجْـدُ
وزعمـت أنــك تُضْمـريـن لـنـا
وُدّاً ، فـهــلاّ يـنـفــع الــــودُّ !
وإذا المحب شكا الصدودَ ولـم
يُعْـطَـف عـلـيـه فقـتـلُـه عَـمْــدُ
نختصُّهـا بالـود ، وهـي علـى
مــا لا نـحـب ، فهـكـذا الـوجـد
أو مـا تــرى طـمـريَّ بينهـمـا
رجـــل ألـــحّ بـهـزلــه الــجــد
فالسيف يقطع وهـو ذو صـدءٍ
والنصـل يعلـو الهـام لا الغمـد
هــل تنفـعـن الـسـيـف حلـيـتـه
يــوم الـجــلاد إذا نـبــا الـحــد
ولـقـد علـمـتُ بـأنـنـي رجـــلٌ
في الصالحاتِ أروحُ أو أغدو
سلـمٌ علـى الأدنــى ومرحـمـةٌ
وعلـى الحـوادث هــادن جَـلـدُ
متجلبـب ثــوب العـفـاف وقــد
غفـل الرقيـب وأمـكـن الــوِردُ
ومجانـبٌ فعـل القبـيـح ، وقــد
وصل الحبيب ، وساعد السعد
مـنــع المـطـامـع أن تثـلّـمـنـي
أنــيّ لمِعـولِـهـا صـفــاً صـلــدُ
فــأروحُ حُـــراً مـــن مذلّـتـهـا
والـحـرُّ حـيـن يطيعـهـا عَـبــدُ
آلـيــت أمـــدح مُـقـرِفـاً أبــــداً
يبـقـى المـديـح وينـفـد الـرفــدُ
هيهات ، يأبى ذاك لـي سلـفٌ
خمـدوا ولـم يخمـد لهـم مـجـد
فالـجَـدُّ كِـنـدة والبـنـون هـمـو
فـزكـى البـنـون وأنـجـب الـجـدُّ
فلئـن قـفـوت جمـيـل فعلهـمـو
بذمـيـم ِ فعـلـي ، إنـنـي وغــدُ
أجمـل إذا حاولـت فــي طـلـبٍ
فالـجِـدُ يغـنـي عـنـك لا الـجَـدُّ
وإذا صـبــرت لـجـهـد نـازلــةٍ
فـكـأنـه مـــا مــســك الـجـهــدُ
ليـكـن لـديـكِ لـسـائـل ٍ فـــرجٌ
أو لـم يكـن.. فليحـسـن الــردُّ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى