قصة العبقري المجنون ” إدريس جماع “
نبذة عن الشاعر إدريس جماع
ولد الشاعر السوداني العبقري إدريس محمد جماع عام 1922 في حلفاية الملوك في السودان، وتوفى في نفس مكان ولادته عام 1980، ولقد نشأ إدريس جماع نشأة دينية وسط أسرة سودانية محافظة ولها شأن كبير بجكم أن والده كان شيخ القبيلة وهو محمد جمّاع بن الأمين بن الشيخ ناصر شيخ قبيلة العبدلاب.
بدأ إدريس تعلمه بحفظ القرآن الكريم وهو في سن مبكر، ثم التحق بالمدرسة عام 1930 وكانت مدرسته الإبتدائية تدعى حلفاية الملوك، والتحق بالمدرسة المتوسطة عام 1934 وتدعى أم درمان ولكنه لم يكمل فيها الدراسة، وذلك بسبب ضائقة مالية مروا بها، لكنه كان يتعلم بددون مدرسة حتى التحق بكلية المعلمين عام 1946، ثم هاجر بعدها إلى مصر ليقوم بالدراسة في معهد المعلمين في منطقة الزيتون في القاهرة عام 1947، ثم بعدها التحق بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة وتخرج منها عام 1951 وذلك بعدما حصل على درجة الليسانس في اللغة العربية وأدابها والدراسات الإسلامية، ثم حصل على دبلومة التربية عام 1952 من معهد التربية وذلك كي يستطيع مزاولة مهنة التدريس، وبعد إنتهاء هذه المسيرة التعليمة الحافلة عاد إلى بلاده السودان وتم تعيينه معلمًا بمعهد التربية في شندي عام 1952، ثم عين بعدها معلمًا للغة العربية في معهد بحت الرضا، وبعد ذلك أصبح معلمًا للغة العربية والعلوم الشرعية في المدارس المتوسطة منذ عام 1956م.
إدريس يمتلك العديد من القصائد المشهورة التي غناها بعض المطربين السودانيين. تم تضمين بعضها في مناهج التربية والتعليم في السودان لتدريس آداب اللغة العربية. قام بجمع أصدقائه وأقاربه بعض أشعاره، نظرا لعدم قدرته على القيام بذلك بسبب ظروفه الصحية. بالإضافة إلى موهبته الفذة في الشعر، كان إدريس محترفا في فن الرسم. صمم بنفسه غلاف ديوانه الشعري.
إدريس كان شخصا هادئا ومحبا للانعزال، وكان يفضل الابتعاد عن الناس. كان يشغل نفسه بأفكاره الخاصة بشكل كبير، وكانت هذه الأفكار لا يستطيع أحد أن يفهمها إلا من خلال شعره فقط. وكان يتميز بحب الناس الشديد له، وقد وصف قلبه بأنه أبيض. وكان شخصا اجتماعيا ومحبوبا بين أهله، حيث تم اختياره كرئيس لنادي الحلفاية بسبب حبهم له، وتم تعيينه أيضا رئيسا للجمعية الثقافية. وكان يتحدث بلغة جميلة مع من حوله، وكان يشاركهم في فرحهم وحزنهم. ولكن فجأة وبدون سابق إنذار، تغير إدريس تماما. أصبح هادئا وبدأت تنتابه بعض حالات الاكتئاب، ولكن حتى وفاته، ظل شخصا هادئ الطباع وحسن السير.
مسيرة إدريس جماع الأدبية
في مقال منشور بصحيفة «المدينة السعودية» قال عنه الكاتب ياسر غريب: يقول البيان أن من لا ينظر بعين الفن لا يمكنه فهم ما يراه الآخرون، وقد قيل أن الفنون جنون، وكما تم اعتبار المجانين عباقرة في الفنون، والعقلاء مخبولين في بعض الاحيان، ولم يدرك البعض أن الذكاء في الفن له خصوصياته ومعالمه، ومن لا يدرك ذلك فقد اخطأ ووقع في خطأ لا يحمد عقباه.
بعد تنظيم إدريس لقصيدته الشهيرة `أعلى الجمال تغار منا`، وعندما سمع الأديب المصري عباس محمود العقاد عنها، سأل بدهشة من هو الشاعر الذي كتب هذه الأبيات؟ قالوا له إنه الشاعر السوداني إدريس محمد جماع، فسأل عن مكانه الحالي، فأجابوا: إنه في مصحة نفسية يتلقى العلاج بسبب إصابته بالجنون. قال عباس محمود العقاد: `هذا مكانه بدون أدنى شك، لأن من يشعر بهذه العبقرية فهو مجنون مثل مجنون ليلى. بالتأكيد، هذا الكلام لا يقاله عاقل`.
أشهر ابيات الشاعر إدريس جماع
عندما كان الشاعر محمد إدريس جماع يتلقى العلاج في لندن، كانت الممرضة المسؤولة عنه تمتلك عينين جميلتين، وكان ينظر إليها بنظرات غير مفهومة عندما دخلت إلى غرفته، مما شعرت بالإزعاج وقدمت شكوى ضده لإدارة المشفى، ونصحتها الإدارة بالصبر أو ارتداء نظارة لإخفاء عينيها، وعندما اكتشف إدريس جماع ذلك، قال في قصيدته “والسيف في الغمد لا تخشى مضاربه وسيف عينيك في الحالين بتار
تم ترميم هذا المنزل لها، وحسبما ذكرت صفحة `الملك فاروق`، يتم تصنيف هذا المنزل كأكثر منزل شعبي شهير في الجزيرة العربية، ويقع في العصر الحديث في العاصمة السعودية.
بعد هذه الحادثة المؤلمة في حياة إدريس، قام بتنظيم الأبيات التالية التي تعتبر أشهر أبيات البؤس على الإطلاق: “إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه، ثم قالوا لحفاة يوم ريح: اجمعوه”، وكان من الصعب على الحفاة جمعه، ثم قالوا: “أتركوه، إن من أشقاه ربي؛ كيف أنتم تسعدوه؟
القصة وراء قصيدة أعلى الجمال تغار منا
هناك العديد من القصص التي تم تداولها وراء هذه القصيدة، ولكن لا يمكننا التأكيد على صحة جميعها. ومع ذلك، القصيدة الأكثر شهرة التي تم تداولها في الصحف وتحدث عنها العديد من الكتاب، تقول أنه عندما كان يتوجه إلى لندن لتلقي العلاج، التقى في المطار بزوجين مسافرين، وكانت العروس جميلة للغاية. فرح إدريس بجمالها وتوقع الخير في رحلته، وقام بتأليف بعض الأبيات في مديحها بسبب غيرة زوجها من إدريس، حيث كان يلاحظها بشكل ملحوظ. ثم قام بتنظيم الأبيات التالية
قصيدة أنت السماء كاملة
أعلى مستويات الجمال تشعر بالغيرة عندما ننظر إليها
هي نظرة تجعلنا ننسى الوقار وتسعد الروح المعنية
أنت وفرحتي ومنى الفؤاد هما دنياي إذا تمنيت
لقد بدت السماء لنا واستعصمت بالابتعاد عنا
مرحبًا بك يا رحمت، الذي اجتاحته الشوق والضعف
وذكره ظهر وغنى مع الليل، مرارا وتكرارا
إنهزم بجمالك الذي غنّى به
آنست فيك قداسة ولمست اشراقاً وفنّا
ونظرت في عينيك آفاقاً وأسراراً ومعنى
صداع سحري يتسرب إلى الأذن بلحنه
حققنا السعادة في الحب واستمتعنا بها بشكل متدرج
قصائد إدريس محمد جماع
في مقدمة ديوانه، يصف إدريس جماع نفسه بأنه يحترم الواقع في شعره، ولكنه يريد الإطار الفني له، ولا يقيد الشعر بالنظرة الجمالية، ويسعى لدفع الحياة للأمام ولا يحرم الشعر من أجنحته، ويحب الجديد من أجل الإبداع ويحب الطبيعة ولا يتأثر بآراء الآخرين
وردت قصة عن الشاعر السوداني إدريس محمد جماع ولكن نفاها أفراد عائلته. قيل إنه كان يحب ابنة خاله، لكنه اضطر لتركها للدراسة في مصر. وعندما عاد، وجد أنها تزوجت رجلا آخر. فقام بتأليف هذه الأبيات الشعرية في حقها وفي حق نفسه، حيث قال: `كنا في ربيع العمر نتساقى ونغني، نتناجى ونناجي الطير من غصن لآخر. ثم ضاع الأمس مني وانطوى في القلب حسرة. إننا طيفان في ماء سماوي سرينا، واستمتعنا بنشوة العمر، لكننا لم نرتو. إنه الحب، فلا تسأل ولا تلومنا. كانت الجنة مسرانا فضاعت من يدينا. ثم ضاع الأمس منا وانطوت في القلب حسرة