قصة السامري
تدور أحداث قصة السامري في زمن موسى عليه السلام، بعدما دمر الله عز وجل قوم فرعون وأغرقهم، ونجا موسى عليه السلام ومن معه من قومه. والجدير بالذكر أن موسى عليه السلام دعا عليه السامري بسبب ما فعله، وذلك كما جاء في الآية 97 من سورة طه: “فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه ۖ وانظر إلىٰ إلٰهك الذي ظلت عليه عاكفا ۖ لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا.
مَن هو السامري
في قصة السامري، ذُكر أكثر من قول واسم، حيث قيل أنه من قوم موسى وقيل أنه من قوم آخرين، وأيضًا ذُكر أن اسمه موسى بن ظفر وأيضًا ذُكر اسمه ميخا.
قصة السامري
بعد أن أغرق الله عز وجل بني إسرائيل ونجا موسى ومن معه، ذهب نبي الله موسى وقومه إلى الصحراء بهدف الوصول إلى فلسطين. في طريقهم، اكتشفوا أمة تعبد العجل، فطلبوا من موسى أن يأتيهم بإله مشابه. وأجابهم موسى بأنهم قوم جاهلون، إذ أنقذهم الله عز وجل من فرعون والآن يطلبون إلها غيره. حذرهم موسى من مخاطر اتخاذ إله غير الله عز وجل.
ثم انطلق نبي الله موسى في طريقه حتى وصل إلى يوم الميعاد الذي وعده الله بأنه سيكلمه فيه، فترك موسى قومه لمدة ثلاثين يوما، ثم أصبحوا بعد ذلك أربعين، وفي هذه الفترة علمه الله التوراة ونقشها على الألواح، وكان هارون شقيق موسى يعلم بني إسرائيل ويرشدهم، وكان هناك رجل من بني إسرائيل يدعى السامري، كان مليئا بالخبث والنفاق وكان يدعي الإيمان، وعندما رحل موسى، رأى السامري أن الوقت مناسب ليعيد بني إسرائيل إلى الضلال مرة أخرى.
طلب السامري من بني إسرائيل أن يخرجوا الذهب الذي أخذوه من قوم فرعون وحاشيته، وذابه وصنعه على شكل عجل، ثم رمى عليه ترابا من آثار فرس جبريل عليه السلام. وحصل على هذا التراب حينما أرسل الله تعالى جبريل عليه السلام ليغرق فرعون وجنوده، ولم ير أحد هذا التراب سواه.
بمجرد أن رمى السامري التراب، بدأ تمثال العجل يبعث الصوت الخائب، وقال لبني إسرائيل إن موسى قد ذهب ليتكلم مع ربه ولكنه نسي وجوده هنا.
فقال هارون (شقيق موسى عليه السلام) فيما معناه أن يتقوا الله ويرجعوا لصوابهم فتجاهلوه وبدأوا يطوفون حول تمثال العجل متعبدينه فقال لهم فيما معناه أن الله عز وجل هو ربهم وطلب منهم أن يُنصتوا إليه فكان ردهم هو التهديد وقد كادوا يقتلوه وقالوا له فيما معناه أنهم لن يبرحوا مكانهم ولن يتوقفوا حتى يعود موسى، فلما عاد موسى قال له ربه ” قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ” (سورة طه الأية 85) فأسرع موسى إلى قومه غاضباً لدرجة أنه ألقى الألواح التي فيها التوراه.
” فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ” (سورة طه الأية 86).
ذهب موسى إلى أخيه هارون وأمسك بلحيته وبدأ يعنفه ويتساءل عن سبب تركهم يفعلون ما يفعلون. فأجاب هارون أنه حاول عدة مرات منعهم ولكنهم استضعفوه وكادوا يقتلونه، وتخشى الفتنة والصراعات الداخلية بينهم.
ترك موسى أخاه وذهب ليسأل السامري عن جرمه، ولم ينكر السامري شيئا وقال إنه صنع العجل عندما رأى بني إسرائيل يرغبون في عبادة إله آخر غير الله. وألقى عليه أثرا من فرس جبريل فأصبح العجل خوارا. وصدقه الناس في ذلك، وأمر موسى بطرد السامري. كان عقابه في الدنيا أن لا يمسهم أو يمسوه، وهذا ليس إلا عقابا في الدنيا فقط.
أمر موسى بصهر العجل ونثره في البحر كعقاب لمن كفر من بني إسرائيل، وكان العقاب بأنهم يقتلون بعضهم البعض، وفعلوا ذلك حقًا.
الدروس المستفادة مِن قصة السامري
تحتوي قصة السامري على العديد من الدروس القيمة والعبر العظيمة، ويجب على جميع المسلمين التفكير فيها بعناية لتحقيق الهدف السامي من سرد القصص القرآنية، وهو أخذ العبر والدروس، ومن أهم عناصر قصة السامري:
يكون أمر الهداية بيد الله عز وجل، حيث يضل الكثيرون عن الحق والصواب على الرغم من توفر جميع الوسائل التي تدل على الطريق الصحيح.
يعتبر العصيان والتمرد ومخالفة أوامر الأنبياء من الصفات البارزة لأبناء إسرائيل، حيث تكون هذه الصفات متجذرة في شخصياتهم .
التروي والاستقصاء والتحقق الجيد ضروري قبل إصدار أي عقوبة، وهذا ما فعله موسى عليه أفضل الصلاة والسلام.
أن رؤية أي من الملائكة من البشر هو بإرادة الله وحده.
– يثبت بطلان المزاعم الحمقاء التي تقول أن السامري في قصة بني إسرائيل والعجل هو نفسه المسيح الدجال.