قصة ” الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت “
تروي لنا الآيات قصة هؤلاء الذين خرجوا من منازلهم خوفا من الموت بسبب وباء الطاعون، ولكن الله أراد أن يموتوا جميعا ثم أحياهم بإرادته عن طريق نبيه حزقيل بن بوذي، وهذا أمر يتناسب مع طبيعته المقدسة الذي يحيي ويميت، `ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف خائفون من الموت؟ فقال لهم الله: اموتوا ثم أحياهم، إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون` [البقرة: 243]. ولكن هناك اختلافات في التفاسير بشأن عددهم، فمنهم من قال ثلاثة آلاف ومنهم من قال أربعة آلاف ومنهم من قال عشرة آلاف.
قصة نبي الله حزقيل بن بوذي في تفسير القرطبي:
تدور القصة وفقا لتفسير القرطبي في قرية تسمى دارودان، حيث انتشر مرض الطاعون بشكل واسع فيها وتوفي عدد كبير جدا من سكان القرية. خرج عدد كبير جدا منهم هاربين من هذا المرض القاتل، متمنين البقاء على قيد الحياة، حتى وصلوا إلى مكان آخر، لكن الله أخذ أرواحهم جميعا. ثم مر حزقيل بن بوذي، الخليفة الثالث لبني إسرائيل، ورأى عظامهم وأجسادهم المتفرقة، فتعجب من ذلك. فأوحى الله له أن ينادي عليهم بأن يقوموا بإذن الله، فنادى فقاموا وقالوا: “سبحانك الله وبحمدك، لا إله إلا أنت.
يقال أن عمر بن الخطاب أراد الخروج إلى الشام، وفي الطريق قابله أبو عبيدة بن الجراح ومعه نفر من الجنود. فأخبروه بأن الوباء قد وقع في الشام، فقال الحديث يشاورهم فيه فاختلفوا عليه. فجاءه عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في قضاء حاجته، فقال: “إن عندي من هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [إذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه، وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه]، فحمد الله عمر وانصرف عائدا
قصة نبي الله حزقيل بن بوذي في التوراة:
تأتي قصة نبي الله حزقيال في التوراة بشكل مختلف عما ورد في الآيات القرآنية، حيث أن الله عز وجل أمر نبيه حزقيال بالنزول إلى موقع في الأرض، وكان هذا الموقع في يوم من الأيام ساحة حرب كبيرة، وكانت هذه المنطقة مليئة بالعظام. وأمر حزقيال بأن يتنبأ على العظام لتحيا، وفعل ذلك بإرادة الله. وأثناء تنبؤه، تقربت العظام وتغطت بالأعصاب واللحم وتمددت عليها الجلد، لكنها لم تحصل على الروح. فأمر الله حزقيال بأن يتنبأ عليها مرة أخرى، فتنبأ ودخلت فيها الروح فحيت وقامت مرة أخرى على أقدامها، وتحولت إلى جيش عظيم جدا. وأخبره الله أن هذه العظام هي إسرائيل بأكملها.
عدد الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت :
اختلفت التفاسير والروايات في عددهم فقد روي عن ابن عباس أنهم كانوا أربعة آلاف، وعنه كانوا ثمانية آلاف وقال أبو صالح : تسعة آلاف وعن ابن عباس أربعون ألفًا، وقال وهب بن منبه وأبو مالك : كانوا بضعة وثلاثين ألفًا، وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس، قال : كانوا أهل قرية يقال لها داوردان، وكذلك قال السدى وأبو صالح وذاد من قبل واسط.
وقد قال محمد بن إسحاق : لم يذكر المدة التي قضاها حزقيل بين بني إسرائيل، وبعد وفاته، نسوا بنو إسرائيل العهد الذي عاهد الله بهم، فانتشرت الأحداث العظيمة بينهم وأصبحوا يعبدون الأوثان، وكان هناك صنم يسمى بـ”بعل” من بين الأصنام التي كانوا يعبدونها، فأرسل الله إليهم إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران.