ادب

قصة افلاس شركة كوداك

كانت شركة كوداك واحدة من أكبر شركات إنتاج الكاميرات القديمة وأفلام الكاميرات، وظلت الشركة المتربعة على عرش صناعة الكاميرات لمدة 133 عاما، وحققت تاريخا حافلا من النجاحات الكبرى في عالم صناعة الكاميرات.

 تأسست الشركة في عام 1892 من قبل جورج ايستمان، وكانت متخصصة في إنتاج معدات التصوير وموادها، وكانت مقرها الرئيسي في نيويورك. بعد مسيرة طويلة، أعلنت الشركة إفلاسها رسميا، وعلى الرغم من ذلك، كانت قادرة على تفادي ذلك ببعض الحكمة.

حققت الشركة نجاحا في استحواذها على 90% من السوق الأمريكي، ولكن بعد أواخر عقد التسعينيات، بدأت الشركة تعاني ماليا بسبب انخفاض نسبة مبيعات أفلام التصوير، بسبب ظهور الكاميرا الرقمية، وبدأت الشركة في الانخفاض في عام 2004، ولم تعد ضمن قائمة داو جونز التي تضم أكبر 30 شركة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتراجعت أسعار أسهم الشركة بشكل كبير في البورصة الأمريكية حتى وصل سعر السهم إلى دولار واحد.

عندما بدأت الشركة، اتبعت استراتيجية تعرف بـ `استراتيجية الموس الحاد`، وهي بيع الكاميرات بأسعار منخفضة للحصول على مبيعات عالية لأفلام التحميض وورق التحميض للصور. كان المبدأ الأساسي للشركة هو إنتاج كبير بتكلفة منخفضة، مع إعلانات قوية، وبالتالي تحقيق انتشار عالمي والتركيز على رضا الزبائن من خلال البحث المستمر.

بعد سلسلة نجاحاتها، أعلنت الشركة إفلاسها في عام 2012م. اتخذت الشركة هذه الخطوة لحماية أصولها من الدائنين وإعادة تنظيمها. لم تتنبأ الشركة بثورة التصوير الرقمي وكاميرات الهواتف الذكية، وظلت تحاول المنافسة. تلقت عرضا من سيتي غروب بنك لتسهيل ائتماني بقيمة 950 مليون دولار لإنقاذ الشركة، لكنها لم تكن قادرة أيضا على المنافسة والابتكار الكافي لمواجهة شركات الكاميرات الكبرى مثل كانون ونيكو.

بالطبع هناك أسباب وعوامل أدت لإفلاس الشركة في الأخير:
من أسباب فشل الشركة الكبيرة هو تركزها على الحلول العقلانية لمشكلاتها وعدم التركيز على الحلول الإبداعية والابتكارية. بدأت الصعوبات تتزايد منذ عام 1984 عندما دخلت شركة فوجي اليابانية الأسواق الأمريكية. رفضت الشركة الاعتراف بأن المستهلك في أمريكا سيغير اتجاهاته وتفضيلاته في الشراء، وفي أواخر الثمانينيات، استمرت الشركة في الالتزام بصناعتها التقليدية ولم تتبنى التصوير الرقمي، وهذا كان بداية نهايتها.

لم تستشر الشركة حول تحدّيات المستقبل، وعندما أعلنت شركة سوني عن إطلاق كاميرا رقمية بدون فيلم في عام 1981، والتي تمكّنت من عرض الصور على الشاشة، رأت شركة كوداك أن هذا الشيء لن يكون مرغوبًا، ولكنه ساهم في إنهاء تفوق كوداك في صناعة الأدوات الفيلمية للتصوير.

ومع اقتناعها بالدخول لعالم التكنولوجيا، دخلت الشرطة ببطء شديد ، أي بشكل تدريجي حتى لا تسبب تغير في نمط العمل ، فكان من الصعب عليها التخلي عن إرث عمره قرن من الزمان، وظهرت المشكلة واضحة بعد ذلك ، في ضعف امكانيات الشركة التصنيعية ، فالعصر الرقمي مختلف تماما عن أوراق الطباعة وكيماويات التحميض ومعالجة الصور.

في عام 2003، قامت الشركة بتغيير استراتيجيتها لتوسيع نشاطها الرقمي وحاولت إدخال شاشات وطابعات حبرية لبناء مزايا تنافسية، كما قامت بتطوير أجهزة التصوير الشعاعي لفتح أسواق المستهلكين بمنتجات خاصة بالطب.

ولكنها وقعت في مأزق ، فكانت كل  تلك الاستحواذات لتفادي الفشل ، ولكنها كانت تتجه بالكلية إلى الاندماج، مع كافة المنافسين ، ولكنها بذلك لم تحدد مستقبلها بشكل فعال ، ولم تتمكن من إدراك المستقبل الرقمي السريع ، كان من الممكن أن توفر على نفسها مليارات الدولارات في استثمارات تقليدية وتتجه بشكل جذري إلى العالم الرقمي ولكنها فضلت المنافسة بسوق ضيق منتجات الطب.

لذلك، هناك عدد من الدروس التي يمكن للشركات الاستفادة منها لتجنب الإفلاس
أولًا: يجب القيام بدراسات السوق ومتابعة ميول المستخدمين، وإجراء الأبحاث التسويقية ذات الأجل الطويل بشكل دائم.
ثانيًا: يتمثل الحل للمشكلات في اللجوء إلى الحلول الابتكارية والإبداعية التي تعتمد على الحدس.
ثالثًا: لا يفكر المؤسسات في تطوير أنفسها عن طريق الاستحواذ على شركات تنتج أشياء غير متعلقة بتخصصها، كما فعلت شركة كوداك عندما استحوذت على أجهزة التصوير الإشعاعي. وبالتالي، من الأفضل أن تركز هذه المؤسساتعلى تطوير تخصصاتها الأساسية، مثل إنتاج كاميرات رقمية عالية الجودة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى